يعتبر من أقدم الحلويات التقليدية بعاصمة الشرق الجزائري، لا يزال لحد الساعة يتصدر قائمة السينية القسنطينية، "المقرود" هذه الحلوى التاريخية والقديمة قدم العادات والتقاليد والتي استمرت النسوة الجزائريات جيلا بعد جيل الحفاظ عليه وعلى أساسيات طبخه وشكله، من خلال تنظيم العديد من التظاهرات الثقافية والتراثية من ذرف الجهات المعنية من بينها الجمعيات المهتمة بالشأن الثقافي والصناعات التقليدية. تعتمد النساء القسنطينيات وبمناسبة الشهر الفضيل على تحضير حلوى "مقرود المقلى" وهو نوع آخر من المقرود التقليدي يصنع بالطريقة التقليدية التي كانت النسوة قديما يصنعنها طيلة ليالي شهر رمضان، حيث يصنع بطريقة تختلف عن مقرود "الكوشة" المعروف بتحضيره أثناء المناسبات العائلية والأعياد الدينية. ويصنع بحسب الشاف "كريمة بسطانجي" بالدقيق الأبيض وعجينة التمر أو ما يعرف عموما بقسنطينة ب "الغرس" ثم يقلى بالزيت ويصفى ويزين بالعسل والجلجان وهو يحضر بطريقة مختلفة تماما عن حلوى "المقرود". وأضافت أن حلوى "المقرود" القسنطيني يعتبر علامة مسجلة بالمطبخ الجزائري قبل 8 قرون، فهو حلوى المناسبات الدينية وعروس سينية عيد الفطر وكذا حلوى الأفراح والأعراس القسنطينية والتي تلتزم بتحضيره وصناعته بالوصفة التقليدية القديمة دون إدخال أي إضافات عصرية تغير من شكله وذوقه وهو ما يجعل بحسبها السينية القسنطينية في المناسبات تقليدية بامتياز. ورغم الغزو الكبير للحلويات العصرية إلا أن العائلات القسنطينية تضع الحلويات التقليدية المتوارثة عن الأمهات والجدات في المرتبة الأولى لتليها العصرية، كإضافة جميلة فقط لتبقى التقليدية المتوارثة زينة سينية الموائد القسنطينية في الأعياد والمناسبات، والذي يصنع بدقة وبمكونات محسوبة لم تتغير منذ عهود وحافظت عليها العائلات. سرّ نجاح وصفة "المقرود" تقول الشاف "كريمة بسطانجي" وفق وصفة محددة تشترط احترامها حتى تتحصل على مقرود ناجح والتي تنطلق بوضع 2 كيلات من السميد الخشن، كيلة من السميد المتوسط، نصف كوب زبدة، ماء زهر لجمع العجينة، نصف ملعقة صغيرة ملح، 1 كيلوجرام من "الغَرْس"، ملعقة واحدة كبيرة قرفة مطحونة، ربع ملعقة صغيرة قرنفل، ماء زهر لعجن الغرس، نصف كوب زيت نباتي لجمع الغرس، عسل مخفف بماء الزهر لتعسيل المقروط. أما عن طريقة التحضير، فيخلط السميد والملح والزبدة الذائبة وتخلط جيداً إلى أن يمتص الخليط كل الزبدة، ثم يبلل العجين الناتج بماء الزهر مع جمعه إلى أن تتشرب ماء الزهر وتصبح طرية، ثم تغطى العجينة وتترك لترتاح يوما كاملا لكي تمتص وتتشبع بالسوائل. في اليوم التالي، نأخذ كمية من العجينة ونطريها براحة اليد ثم تشكل لولب، نضع حفرة على كل طول اللولب ونضع فيه حشوة التمر ثم ترجع أطراف العجينة على الحشوة لكي تغطيها وتغلف جيداً، ثم تُنقش بالطابع ويرسم عليها شكل وردة أو أي شكل آخر وتقطع مربعات بزوايا طويلة نوعاً ما، ثم تُرص في الصينية الحبة جنب الأخرى بحيث تلتقي الحشوة ببعض. ثم تدخل الصينية الفرن لتخبز ما بين 25 إلى 30 دقيقة بحسب حجم الحبات مع مراقبة الفرن إلى أن تحمر قليلاً. وعندما يخرج من الفرن، إما يعسل في نفس الوقت في العسل المخفف بماء الزهر والبارد أو يترك ليبرد ويتم تقديمه كحلوى رئيسية في السينية القسنطينية. وعلى خلفية الحفاظ عليه نظمت العديد من الجمعيات والجهات المعنية في مقدمتها مديرية السياحة والثقافة على غرار المسابقة الوطنية لأحسن حلوى "المقرود" التقليدية والتي عرفت مشاركة حوالي 30 متسابق جاؤوا من 6 ولايات شرقية على غرار ولاية سكيكدة، جيجل، باتنة، بجاية. وبحسب رئيسة جمعية كنوز مكتب قسنطينة السيدة "نادية مطمط" فإن الاحتفاء بحلوى "المقرود" التقليدية" جاء من أجل إعطاء نفس جديد للمحترفين والمختصين في صناعته سيما منهم الجيل الجديد الذي أثبت اهتمامه بتراثه وعاداته القديمة التي تعتبر هويته، والهدف منه التعريف بتاريخه الطويل وسر تمسك العائلات الجزائرية بهذه الحلوى وتثمين مجهودات الحرفيين في هذا المجال والذهاب به لمرحلة التصنيف والتحكيم الدولي، مؤكدة على أهمية هذه التظاهرات الثقافية في إحياء التقاليد والعادات كموروث جزائري وحمايته من النهب ونسبه في غير محله. المسابقة الوطنية لحلوى "المقرود" شهدت تنوّعا كبيرا "للمقرود" القسنطيني وأنواع أخرى من هذه الحلوى التقليدية في مقدمته مقرود الكوشة، المقلة، النقاش، الشهدة، ربيب البقلاوة وهي الأنواع التي تختلف عن بعضها البعض في طريقة التحضير، التقديم والنقش وفق كل منطقة. وأكدت الشاف والطباخة الدولية "نصيرة فصيح" في حديثها ل "الشعب" أن التظاهرة تعتبر فرصة لتبادل الخبرات بين المتسابقين الذين قدّموا مستوى عاليا في تحضير سينية المقرود وبكل أنواعه مؤكدين لنا على استكمالهم لحرفة وعادات الأجداد، كما لاحظت كحكم دولي وجود ابتكار كبير في طريقة الإعداد والتحضير وحتى اعتمادهم لطلات متميزة تحاكي الأعراس القسنطينية المعروفة بقندورة المجبود والفتلة والقفطان الى جانب موسيقى المالوف ما قدم صورة جميلة عن المسابقة الوطنية لحلوى "المقرود" التي تعتبر عروس السينية بقسنطينة خصوصا في ولايات الشرق الجزائري عموما. هذا إلى جانب تأطير الشباب وإعطائهم من الخبرة التي يمتلكها الشاف الدوليين الذين اختبروا هذا المجال على مستوى عربي ودولي وتمكنوا من التعريف بالأطباق والحلويات التقليدية الجزائرية في عديد الدول الأجنبية العربية وعن تاريخ وأصول حلوى "المقرود" أكدت الشاف فصيح أنه ظهر لأوّل مرة بمدينة جربة ثم انتقل للجزائر حيث كان آنذاك الحشو بالجوز واللوز ليتم تعويضه بقسنطينة بحشوة التمر لتشتهر ولحد الساعة صناعته بالدقيق الخشن والتمر ليصنف من أهم الحلويات التقليدية وأقدمها