يستعد سكان ولاية تندوف لاستقبال عيد الفطر المبارك كل عام كما يليق بالحدث، حيث تسبق الاستعدادات هذه المناسبة الدينية بالتحضير الجيد لها، من خلال إعداد الحلويات وشراء ملابس العيد وأشياء أخرى تنفرد بها المنطقة عن باقي مناطق الوطن. يُعدّ عيد الفطر المبارك بتندوف مناسبةً اجتماعية، وسانحة سنوية تتجدّد بها ومعها الروابط الاجتماعية المتأصّلة، وتتعزّز من خلالها أواصر القربى بين المجتمع، حيث يتم الشروع في التحضير الجيد لها أياماً قبل حلول العيد، من خلال ضبط قائمة الحلويات المُراد تقديمها وشراء مستلزمات العيد من ملابس وعطور وأفرشة جديدة في بعض الحالات. شهدت أسعار الحلويات الجاهزة ارتفاعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة وصل بعضها الى 1500 دينار للكيلوغرام الواحد، ما دفع بالعائلات ذات الدخل المحدود الى إعداده في المنزل، وهو ما شكّل حلقة أخرى من مسلسل اللقاءات العائلية وسانحة لاستكمال السهرات العائلية فيما تبقى من رمضان. إعداد الحلويات في المنزل أصبح سِمة سائدة بولاية تندوف، لما توفّره العملية من أجواء الأُنسة واللّمة العائلية التي تعكس صور التعاون والتكافل الاجتماعي الراسخة في المنطقة. اللقاءات المخصّصة لإعداد الحلويات في المنزل بتندوف لا تخلو من حميمية عائلية، يجتمع فيها أفراد العائلة من نساء وأطفال في حلقات دائرية لكلٍ منهم مهمته الخاصة، وتستمر العملية لساعات طويلة وربما لِلَيَالٍ متواصلة تنتهي بإعداد أصناف متنوعة من الحلويات العصرية والتقليدية ينتهي بها المطاف الى موائد الضيوف يوم العيد. ولا تقتصر اللقاءات العائلية بتندوف على إعداد الحلويات فحسب، بل يعتبر تنظيف المنزل وغسل الأفرشة في العشر الأواخر من رمضان أمراً مهماً وطقساً ضرورياً من طقوس العيد، وهي عملية تتطلب تكاثف الجهود بين الأخوات في المنزل، في حين تلجأ بعض العائلات الميسورة الحال الى تغيير فراش البيت بفراش آخر جديد فرحاً بقدوم العيد، وهو ما يفسّر سبب رواج تجارة الأفرشة بتندوف قُبيل العيد، شأنها في ذلك شأن محلات الألبسة والحلويات. الى جانب مهامها المنزلية المتمثّلة في إعداد حلويات العيد، يبرز دور المرأة التندوفية خارج المنزل، من خلال مهام أخرى تقتضي منها التسوّق واقتناء مستلزمات العيد بعِناية وحتى مشاركة الرجل في اختيار ملابس الأطفال. الى جانب ذلك، تأخذ المرأة بتندوف على عاتقها مهمة شراء البخور والعطور أياماً قبل يوم العيد، لِدِرايتها بالأنواع والأسعار وقدرتها على التمييز بين البخور الأصلي والمقلّد، وهي مهمة صعبة ومسؤولية كبيرة كَون أن أول شيء يقدّم للضيف يوم العيد هو العطر والبخور، ويعتبر حُسن اختيارهما دليل على المكانة الاجتماعية للعائلة ومكانة الضيف لدى المُضيف، ودليل على تمكّن ربة البيت من تدبير شؤون بيتها. من جهة أخرى، تعجُّ شوارع تندوف بالمارّة ليلاً بحثاً عن ملابس لائقة بالأطفال والشباب أو ملاحف بموديلات جديدة، حيث تتنافس المحلات على عرض سِلعها بأسعار تنافسية تُسيل لُعاب المواطنين، غير أنها لا تُشفي غليلهم لمحدودية الخِيارات من حيث النوع. وتحظى بعض الشوارع كطريق السلام عليكم وشارع سطوب العيون باهتمام بالغ وبحصّة الأسد من المتسوّقين والباحثين عن الموضة من الشباب، لاحتوائهما على العديد من المحلات المخصّصة لبيع الألبسة العصرية، في حين تنفرد بعض المحلات في العشر الأواخر من رمضان بعرض الألبسة الرجالية التقليدية والمحتشمة، والتي تشهد رواجاً بين شباب الولاية متقدمةً بذلك على الملابس العصرية التي لم تعد تلبي احتياجاتهم لاحتواء بعضها على رموز أو كتابات لا تتماشى وطبيعة المجتمع التندوفي المحافظ.