تتوفّر ولايات الجنوب خاصة الجنوب الشرقي على قدرات مائية هائلة ومساحات فلاحية شاسعة، تؤهّلها لأن تكون أقطاباً فلاحية واعدة مستقبلاً، وقد بدأت سياسة الإنعاش الفلاحي التي باشرتها الحكومة بولايات الجنوب تؤتي أُكلها، من خلال الإنتاج الضخم لمحاصيل القمع بولايات أدرار المنيعة وجانت، كمؤشر على انطلاق الثورة الزراعية الثانية التي بدأت بوادرها في الظهور ببلادنا. تُعدُّ تربية المائيات بولايات الجنوب إحدى الشعب الفلاحية الهامة التي تشهد رواجاً كبيراً في السنوات الأخيرة، إلى جانب الشُعب الفلاحية الأخرى التي حقّقت نتائج جيدة مؤخراً. إنّ إنتاج الأسماك وانتعاش شعبة تربية المائيات في ولايات الجنوب لم يكن وليد الصدفة ولا خبطَ عشواء، بل هو نِتاج جهود جبارة بذلتها الدولة في السنوات الأخيرة بتوجيهات من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون القاضية بضرورة تطوير مختلف الشُعب الفلاحية في الجنوب، لتتحوّل هذه الولايات اليوم إلى سلة غذاء الجزائر، ومُساهم كبير في تحقيق الأمن الغذائي المستدام، وذلك بإنتاج التمور، الحبوب ورؤوس المواشي، والأهم من ذلك انخراطها بقوة في إنتاج المائيات. لطالما شكّلت تربية المائيات في الجزائر فضاءً رحباً للاستثمار، حيث تعتبر من المجالات الحيوية التي تُساهم في التنمية الاقتصادية والبيئية، ويُتيح هذا القطاع فُرصاً هامة لتحقيق الأمن الغذائي، خلق فرص عمل وتحقيق التوازن البيئي. وإلى جانب تحقيقها للأمن الغذائي، تتجسّد أهمية تربية المائيات ببلادنا في تقليص فاتورة الاستيراد، والتقليل من الاعتماد على المنتجات البحرية الخارجية، بالإضافة الى اعتبارها مصدراً هاماً للدخل، حيث يوفّر هذا النشاط فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في المناطق الريفية والصحراوية التي لم تصلها قاطرة التنمية. أثبت قطاع تربية المائيات في الجزائر قدرته على توظيف التقنيات الحديثة في مجال كان الى وقت قريب يعتمد على الطُرق التقليدية، حيث نجحت ولايات الجنوب في افتكاك مراكز متقدمة في إنتاج الأسماك باستخدام مياه الآبار العميقة والطاقة الشمسية، وهي أساليب مكّنت من تقليل التكلفة البيئية وتوفير استهلاك الطاقة والمياه، وإخراج مناطق كثيرة من شبح البطالة والتهميش. تعمل الجزائر جاهدةً على دعم وتطوير هذا القطاع، من خلال سياسات تشجيعية ودورات تكوينية للمزارعين، إلى جانب إنشاء مدارس عليا للفلاحة في الجنوب بهدف تكوين نُخب من المهندسين والتقنيين الذين يضطلعون بمهام ترتكز بالأساس على مرافقة الفلاحين وتقديم استشارات بشكل متواصل، ممّا سيساعد على تطبيق أحدث التقنيات وزيادة الإنتاجية، وتشجيع صغار الفلاحين والمستثمرين الشباب على الاستثمار في تربية المائيات وتطويرها، وهو ما سيساهم بدوره في تحقيق التوازن الاقتصادي، ويضمن استدامة هذا القطاع الهام في الجنوب الجزائري. من جهته، أرجع عضو المجلس الشعبي الوطني الدكتور لعبيد لحسن، أن انتعاش قطاع الفلاحة بكل شُعبه بولايات الجنوب، الى سياسة تعميم الكهرباء والتسهيلات الإدارية الممنوحة للفلاحين، الى جانب استحداث بوابة رقمية وفّرت الجُهد والوقت. كل هذه الإمكانيات، شكّلت حسب المتحدّث أرضية خصبة لانتعاش قطاع الفلاحة بالجنوب وخاصة شعبة تربية المائيات، يدفعها في ذلك - يواصل القول - متابعة حثيثة وحرص كبير من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون للوصول إلى أمن غذائي يحفظ للمواطن كرامته وللجزائر سيادتها.