أدرجت لجنة حماية التراث الثقافي اللامادي التابعة لمنظمة اليونيسكو شجرة الأرقان على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي للإنسانية، وقد تم اختيار يوم 10 ماي من كلّ سنة، كيوم عالمي لتثمين هذه الشجرة وتسليط الضوء على أهميتها، باعتبارها تراثاً ثقافياً لا مادياً للإنسانية ومصدراً للتنمية المستدامة في المناطق الريفية. قطعت الجزائر أشواطاً هامة في إعادة اعتبار للشجرة، من خلال إيلاء أهمية بالغة لها، تجسّدت في إطلاق العديد من المشاريع الرامية إلى المحافظة عليها وتوسيع المساحات المزروعة بولاية تندوف والعديد من ولايات الوطن. وفي هذا الإطار، أكّد محافظ الغابات لولاية تندوف بوغالية محمد عن جملة من المشاريع والأهداف التي تسعى السلطات المحلية بالولاية إلى تجسيدها، بُغية تثمين هذه الشجرة وإعادتها إلى مكانتها البيئية والاجتماعية الطبيعية باعتبارها شجرة رمز بالولاية. أعرب محافظ الغابات بولاية تندوف عن تفاؤله لوجود مؤشّرات إيجابية تتعلّق بوضعية الأرقان بالولاية، خاصة في ظلّ إنشاء مجلس مهني مشترك هو الأول من نوعه على المستوى الوطني، يعمل على تحسيس الفلاحين من أجل المشاركة في غرس شجرة الأرقان على مستوى المحيطات الفلاحية. وقال بوغالية أنّ مجهودات السلطات المحلية الرامية إلى المحافظة على شجرة الأرقان بدأت تؤتي أكلها، وأصبحت نتائجها الإيجابية ظاهرة للعيان على مستوى بعض المستثمرات الفلاحية، أين تمت زراعة 10 آلاف شجيرة حقّقت نتائج جيدة في كلّ من المحيطين الفلاحيين واد الجز وواد مهيّة. إلى جانب ذلك، تم تجسيد العديد من المشاريع ذات الصلة بشجرة الأرقان، سواء على مستوى مناطق تواجدها الطبيعي أو على مستوى المحيطات الفلاحية، حيث تم بناء بيت حراجي مزدوج مزوّد بالطاقة الشمسية، وتسييج 10 هكتارات على مستوى طويرف بوعام، وإنجاز منقبين مزوّدين بالطاقة الشمسية، واستحداث مشتلة جديدة لإنتاج الشتلات على مستوى المحمية بقدرة إنتاجية تصل إلى 10 آلاف شتلة في السنة، بالإضافة إلى غرس حوالي نصف هكتار من أشجار الأرقان. كما وضعت محافظة الغابات بولاية تندوف خطة عمل لحماية أمهات الأشجار والأشجار المعمّرة من الرعي الجائر، والتي تُعرف بجودة بذورها وغزارة إنتاجها، مع تخصيص مبلغ مالي قدره 9.3 مليون دينار في إطار عملية إعادة الاعتبار لشجرة الأرقان بالولاية، من خلال إعادة تأهيل ينابيع المياه بمشتلة واد الجز، وجمع وزراعة ما يقارب 300 كلغ من البذور. مليون شجرة أرقان كشف محافظ الغابات بولاية تندوف ل "الشعب" عن العدد الحقيقي لأشجار الأرقان التي تمّت زراعتها بالولاية، مشيراً إلى أنّ العدد يتجاوز 10 آلاف شجرة متواجدة على مستوى 15 مستثمرة فلاحية بمساحة إجمالية تُقدّر بحوالي 100 هكتار. وأوضح المتحدّث أنّ مصالحه باشرت في استخدام تقنية جديدة في السقي، وهي تقنية أكثر ترشيداً للمياه من السقي بالتقطير، وشملت العملية حسب المتحدّث وكتجربة أولية حوالي 300 شجيرة من أرقان، في انتظار تعميميها على كامل الولاية مستقبلاً. وأكّد الشروع قريباً في تجسيد مخطّط عمل الخاص بالعام الجاري والرامي إلى زراعة 330 هكتار من الأرقان مزوّدة بتقنية السقي بالتقطير على مستوى المحيطات الفلاحية، في إطار إستراتيجية أوسع تهدف إلى توسيع المساحة المزروعة من أشجار الأرقان بالتوازي مع تثمين وحماية الأشجار في موقعها الطبيعي. أكّد محافظ الغابات عن سعي مصالحه إلى زراعة مليون شجرة أرقان بالولاية، وهي رؤية قابلة للتجسيد إذا تكاثفت جهود كلّ القطاعات بالتعاون مع المؤسّسة العسكرية لخلق فضاءات طبيعية لشجرة الأرقان على شاكلة السدّ الأخضر، حيث تعمل السلطات المحلية على جعل تندوف ولاية مليونية من شجرة الأرقان، وتحويل تندوف إلى مصدر أساسي للبذور، ومركز إنتاج وطني لزيت الأرقان، والذي سيشكّل قيمة مضافة للاقتصاد المحلي. تحصي محافظة الغابات وجود أزيد من 10 آلاف شجرة أرقان بمحيطها الطبيعي بمناطق طويرف بوعام، مركالة وتارقانت على بعد 110 كلم شمالي غرب عاصمة الولاية، مبعثرة على مساحة إجمالية تقدّر بحوالي 95 ألف هكتار. تشكّل أشجار الأرقان نواة استقرار وعامل تماسك نظام إيكولوجي فريد يتعايش فيه الإنسان مع طبيعته العذراء، حيث يدخل الأرقان في صناعات غذائية وحرفية يقتات منها سكان المناطق المتاخمة للمحمية الطبيعية من خلال استخدامات متعدّدة لخشبه. في حين، تلعب الشجرة دوراً مهماً في التقليل من الانجراف وتحسين المناخ، كما أنّها تعتبر مأوى لبعض الحيوانات البرية على غرار السنجاب البربري المهدّد بالانقراض ومصدر غذاء هام لوعل الجبل، كما أنّ لزيت الأرقان فوائد صحية نظراً لغناه بالأحماض الدهنية غير المشبّعة ومساهم فعّال في التقليل من النوبات القلبية ومخفّض من نسبة الكوليسترول في الدم ويستعمل كثيراً في الصناعات التجميلية والصيدلانية.