يشيع اليوم جثمان فقيد الفن الجزائري مصطفى تومي الى مقبرة القطار، الشاعر الذي وافته المنية بعد صراع مع المرض الزمه لمدة الاخيرة بمستشفى مصطفى باشا، بعد نضال سياسي وعطاء ثقافي وهبه خدمة لوطنه الجزائر. وبناء على حب وتفاني المرحوم في اثراء فن بلاده، حيث وهب حياته لخدمة الثقافة الوطنية سواء في مجال الأغنية أو البحوث العلمية واللسانية، إضافة الى نضاله لتحرير الجزائر، جعلت وزارة الثقافة كعادتها مع كبار مبدعينا قصر الثقافة منبرا يلتقي فيه محبو ورفقاء مصطفى تومي لالقاء النظرة الاخيرة على جثمان المثقف، الشاعر، والمجاهد فقيد الاغنية الجزائرية الهادفة. لم يتوان المؤلف وكاتب الكلمات مصطفى تومي المولود سنة 1934 بالقصبة في خدمة الجزائر وثقافتها، كان فنانا متعدد المواهب: كاتب كلمات ومؤلفا موسيقيا وشاعرا ورساما، وأصر على الابداع رغم التهميش والاهمال الذي طاله. تفتقت موهبته الشعرية منذ الصغر، برع في الشعر بالفرنسية، حيث نشرت له جريدة «ألجيري ربوبليكان» في بداياته وكان يتعامل فيها مع أكبر الكتاب أمثال «البير كامو»، اضافة الى اقتحامه عالم الفن الرابع، حيث أدى دورا في مسرحية «كهينة» مع الراحل مصطفى كاتب ووهيبة. بدوره بدأ تومي نضاله السياسي في ال 17 من عمره، فقد كلفه قادة الثورة بمهمة الاتصالات بباريس وتونس، ثم كلفه الراحل بوصوف ودحلب العمل بإذاعة الناظور السرية بالمغرب ليكتب ويقرأ البيانات باللغة الأمازيغية والفرنسية. اقترنت كلماته بكبار الفنانين الجزائريين، على غرار «سبحان الله يا لطيف» التي اداها عميد الأغنية الشعبية الحاج محمد العنقى، «شي غيفارا» لمحمد العماري، «يا دلال» لناديه، «كي البارح كي اليوم» لعمر العشاب»، كما كتب لوردة أغنية «الصومام«. وعمل بوزارة الثقافة مع بشير بومعزة ثم مع الصديق بن يحيى كمستشار تقني، شارك تومي في تنظيم المهرجان الإفريقي الناجح الذي احتضنته الجزائر 1967بمشاركة فنانين عالميين، وكتب اغنية «أفريكا» لمريم ماكيبا، كما تكفل بتنظيم مهرجان الأغنية الشعبية والشعر الملحون الذي لا يزال صداه الى اليوم. في مجال السينما قدم سيناريوهات وحوارات لعدة أعمال منها «الشبكة» التي احتوت على أغنية المشهورة «رايحة وين؟»، وفيلم«المفيد» لعمار العسكري. ولم يتوقف عطاؤه على الفن بل تعداها الى البحوث الاكاديمية، منها «اللسانيات المقارنة»، و«علاقة اللغات السامية والهندو أروبية»، و«ساكسريت اللغة المقدسة»، إضافة الى دراساته في عمل النفس. اهتم المرحوم بعالم البراءة الذي كان يراه المسقبل كله، حيث انعكس موقفه هذا في الورشات الفنية التي فتحها على مستوى المتاحف.