تبقى ثقافة زيارة المتاحف محتشمة أو شبه غائبة في الجزائر، الشيء الذي يدفعنا أن نتساءل كمهتمين بالميدان الثقافي عن أحوال هذه الفضاءات الحاملة لزخم أثري يتميز به وطننا، وأين هو موقعها ضمن برامج مختلف المؤسسات خاصة التربوية منها، أم أن هذه العلاقة تقتصر إلا على 18 ماي من كل سنة، اليوم الوطني للمتاحف، هذا إن خصصت لها فعلا التفاتة ولو في هذه المناسبة؟ جولة في شوارع العاصمة أو باقي الولايات التي تحوي متاحف، تؤكد لنا حقيقة غياب هذه الثقافة لدى الجزائريين، الذين يمكننا أن نقول عنهم لا يستهويهم اكتشاف تاريخ وطنهم ولا الحضارات التي مرت به المحفوظة بين جدران المتاحف، هذه الأخيرة التي لا يختلف اثنان في كونها صروحا حضارية تستحق الاهتمام والزيارة لتموقعها في بنايات وقصور مشيّدة بأسلوب جمالي وفني راقي، ولما تحمله من قطع وأشياء أثرية تؤرخ لمراحل مختلفة. لا يتوقف النفور عند غياب ثقافة زيارة المتاحف فحسب، بل تعدّاه إلى جهل المواطنين لأسماء المتاحف وأماكن تواجدها، ما جعلنا نقف أمام مفارقة كبيرة أثارت دهشتنا..التقينا في عملنا لهذا الملف مع أناس يجهلون أسماء المتاحف وإن عرفت بعضها فيتعلق الأمر بتلك المشهورة، ورغم ذلك ليسوا على علم بمواقعها، ومواطنين آخرين إذا قلت لهم ماذا عن المبنى الموجود في المكان الفلاني، فللأسف يكون الرد: نمر بذلك المبنى يوميا لكننا لا ندري إن كان متحفا، فكيف لهم أن يكونوا دليلا للسياح، إن كانوا لا يعرفون أسرار وطنهم؟..فللأسف نتمتع بزاد أثري نُحسد عليه غير أننا نهمله بأنفسنا ونقتل مثل هذا النوع السياحي بمحض إرادتنا. وإذا تقربت من مديري بعض هذه المتاحف لا يتقبلون عبارة “المتاحف خاوية على عروشها؟ يريدون إقناعنا بواقع غير الذي نعيشه، غير أننا لا ننكر وجود أقليات تتوجه إلى المتاحف من باب الرحلات التي قادتهم إليها أو من باب الصدفة، لكن احتمال تسطيرها ضمن البرنامج اليومي للجزائري يبقى مستبعدا.