لقي اتفاق السلام التمهيدى الذي وقعته الحكومة المالية والمتمردون الطوارق بشمال البلاد في العاصمة البوركينابية واغادوغو، أمس الأول والذي يتيح إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في ال 28 جويلية المقبل ترحيبا واسعا داخل مالي وخارجها، واعتبر بمثابة تقدم ملموس في مسار عودة الاستقرار لهذا البلد الواقع في منطقة الساحل. ويسمح اتفاق وقف اطلاق النار الذي توصلت له الحكومة المالية والحركة الوطنية لتحرير الأزواد والمجلس الأعلى لوحدة الأزواد، بعد محادثات استمرت قرابة أسبوعين وتوسطت فيها بوركينا فاسو وقوى إقليمية والأممالمتحدة والاتحاد الاوروبي، بعودة القوات والادارة المدنية الحكومية الى بلدة كيدال التي سيطر عليها المتمردون في شمال مالي قبل الانتخابات المرتقبة الشهر القادم. وقد أثار هذا الاتفاق آمالا كبيرة لدى السياسيين الماليين بأن يفتح صفحة جديدة في حياة شعب مالي عنوانها السلام والمصالحة وان يكون خطوة مهمة بالنسبة للبلاد التي شهدت خلال العام الماضي أزمة أمنية خطيرة إثر انقلاب أطاح بالرئيس أمادو تومانى تورى وتلاه سيطرة الجماعات الارهابية على شمال البلاد. وبهذا الخصوص، صرح بوبكر تورى وهو مسؤول في التحالف من أجل الديمقراطية في مالى (أديما) أحد أهم الاحزاب السياسية في البلاد بأن الاتفاق يعطي فعلا أمالا في امكانية تحقيق السلام ونحن نسير في الاتجاه الصحيح. ومن جهته، أشاد أمادو كويتا، رئيس الحزب الاشتراكي وعضو الجبهة المتحدة للدفاع عن الجمهورية والديمقراطية وهي تحالف عدة أحزاب سياسية معارضة لانقلاب 22 مارس 2012 واعتبر بأن الاتفاق يعني تحرير كامل أراضى مالي. كما رحب الموقعون على الاتفاق الذي صدر تحت عنوان اتفاق تمهيدي للانتخابات الرئاسية و لمفاوضات السلام الشاملة في مالي بهذه الخطوة الجديدة في مسار السلام في البلاد. وقال وزير الادارة الاقليمية في مالي موسى سينكو كوليبالي أن الاتفاق يترجم بداية المصالحة بين الماليين وسيكون قفزة نحو إقامة مالي جديدة. وبدوره شدد نائب رئيس الحركة الوطنية من أجل تحرير الازواد محمدو جيرى مايغا على أن الاتفاق يجب أن يكون نقطة انطلاق من أجل إعادة بناء أمة تضم كل تشكيلاتها العرقية ودعا الى طي صفحة الكراهية. كما اعتبر وسيط الازمة في مالي رئيس بوركينافاسو بلاز كومباورى بأن الاتفاق يفتح الطريق لمحادثات شاملة تهدف الى تحقيق سلام نهائي دائم. وقال الرئيس كومباورى أن الاتفاق يخلق الظروف السياسية والامنية الضرورية لتنظيم انتخابات رئاسية وهي النقطة المهمة في مسار وضع المؤسسات الشرعية و الديمقراطية و الاستقرار في جمهورية مالي. تعهد دولي يدعم تطبيقه وعلى الصعيد الدولي أعربت الجزائر على لسان وزير الخارجية مراد مدلسي عن الارتياح العميق للتوقيع على الاتفاق بين السلطات المالية والمتمردين الطوارق. وأعرب السيد مدلسي بأن يشكل الاتفاق انطلاقة لمسار مفتوح باتجاه حوار شامل يسمح للشعب المالي برص صفوفه من جديد وهو الشعب التواق الى تعزيز وحدته الوطنية والحفاظ على سلامته الترابية في ظل احترام قيمه. وفي الأممالمتحدة، أشاد بان كي مون بالاتفاق ودعا الى تطبيقه بسرعة، كما كرر جاهزية منظمته لدعم تطبيق الاتفاق عبر البعثة متعددة الأطراف التابعة للأمم المتحدة من أجل الاستقرار في مالي. ورحبت فرنسا من جهتها باتفاق الفرقاء في مالي معتبرة إياه خطوة مهمة من أجل تسوية الازمة في هذا البلد الذي أطلقت به فرنسا في جانفي الماضي عملية عسكرية بطلب من باماكو من أجل القضاء على الجماعات الارهابية التي سيطرت على الشمال. وحيت كاترين أشتون الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي لشؤون الأمن والسياسة الخارجية هي الاخرى توصل الماليين الى الاتفاق التاريخي وتعهدت بالبقاء الى جانب كافة الماليين من أجل تسهيل تطبيق الاتفاق. وتم توقيع الاتفاق من قبل كل من وزير إدارة الأراضي العقيد موسى سينكو كوليبالي عن السلطات المالية و بلال آغ الشريف و ألغاباس آغ اينتالا باسم جماعتي الطوارق على التوالي الحركة الوطنية لتحرير الأزواد والمجلس الأعلى لوحدة الأزواد. ونص الاتفاق على وقف اطلاق النار فورا واجراء انتخابات رئاسية في كامل التراب المالي والتزام الطرفين بالبحث في التوصل الى سلام دائم في مالي عبر حوار يشارك فيه الجميع يكون بعد الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 28 جويلية المقبل.