اعتبر الاستاذ صهيب بن الشيخ أن هناك مزايدة بين ما وصفه بالإسلام الرسمي والإسلام المعارض وذلك في رده عن سؤال حول ظاهرة التطرف وأسبابها، وأشار في ذات السياق إلى أن الايمان يفرض إبعاد الدين عن الممارسة السياسة الرسمية والحزبية ذلك أن السياسة كما اضاف ضيف الشعب هي في الممارسة عبارة عن مساومات ومزايدات تتجسد من خلالها سلوكات تخالف الدين واحيانا تسيئ اليه. وفي ذات الاتجاه اوضح أن الرجل السياسي أو المتعاطي في السياسة يستعمل قراءته الذاتية أو المصلحية للدين الإسلامي ويقوم بالحديث باسمه ذلك أن الانسان وبالمقابل الانسان المتشبع بالعقيدة هو من يكتب مفهومه للدين. ولذلك ليس غريبا ان تحدث تناقضات بين مختلف التوجهات الحزبية والدينية كون الانسان هو من يصيغ مفهومه ويطرح رؤيته بينما غالبا ما يكون المفهوم السليم للدين الإسلامي بريئا منها. وفي ذات السياق اعتبر صهيب بن الشيخ أن السلطة مهما كان لونها تلتزم بتلبية الرغبات الدينية للمجتمع كمطلب مواطني غير انها لا تتدخل للحسم في مسائل دينية بحتة. ويتأكد هنا واجب احاطة المنبر الديني بتوفير الشروط اللازمة لضمان استعماله بالطريقة والمنهج السليمين بحيث يمكن حينها حماية الدين كقاسم مشترك بين أعضاء المجموعة الوطنية من أي انزلاق يقود اليه التطرف على اعتبار ان التعصب ليس في أمور الدين فقط هو وليد الجهل ومن ثمة تكون له انعكاسات مدمرة على المجتمع خاصة إذا انتقل إلى مستوى استعمال العنف في التعبير عنه نتيجة السقوط في مساوئ الانتصار للذات جراء الانانية في السعي الى السلطة السياسية. وفي هذا الاطار تشكل البحوث العلمية الإسلامية أحد المسارات التي تساهم في كبح جماح التطرف وامتلاك الأدوات التي ترافق الانسان وبالتالي المجتمع في إدراك الخيارات الصائبة دون فقدان عناصر الهوية بما فيها المرجعية الدينية التي تعد بمثابة الاسمنت الذي يشد بنيان الوطن وصمام أمان للتماسك الاجتماعي. وكانت بلادنا قد عانت في مرحلة ماضية من انعكاسات تسلل ظاهرة التطرف الديني وايضا التطرف الحزبي والسياسي الى المجتمع فيما كانت الجزائر تمر بتحولات عميقة على مختلف الجبهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتجر معها تراكمات ثقيلة زادت من حدة الافرازات التي انعكس جانب منها في شكل عنف انتج ظاهرة الإرهاب المدمر لولا ان الشعب الجزائري أدرك بسرعة المخاطر المحدقة به ليلتف حول خيار الوئام الذي تطور الى مصالحة ترتكز على قاعدة لا افراط ولا تفريط. وضمن هذا الاطار الذي يضبط المسار المتجدد للجزائر بما في ذلك إعادة ترتيب البعد الديني ليكون محفزا لرص الصف الوطني ومصدرا للطاقة في مجالات التنمية الاقتصادية والبشرية خاصة إعادة بعث الاهتمام بالعلوم والتوظيف السليم للعقل بما يخدم المصالح الوطنية الشاملة التي تتمحور حول الانسان بالدرجة الاولى، تفرض الوسطية نفسها بديلا لحالة الضياع التي تخدم التطرف الذي يتعارض مع الروح البناءة للدين الاسلامي القائم أساسا على العقل. ويتأكد وفقا لهذا المنهج مدى جدوى الاهتمام بالدور الاساس للمسجد وضرورة مواكبة خطابه للتطورات والتعاطي مع التحديات بكثير من الجرأة والاستقلالية عن المحيط مع الانتصار للمبادئ والضوابط الكبرى التي يقوم عليها الاسلام لكونه دين فكر وحرية ومسؤولية. وبالفعل تقع على الواقف على المنبر مسؤولية ذات دلالات مصيرية بأن تكون لديه من المؤهلات والكفاءة لمنع اي انزلاق نحو مساحة التطرف تماما كما لمحترف السياسة مسؤولية لا تقل خطورة في التمتع بقدرات وكفاءة تمنع من الانحراف باتجاه التطرف، ولكل منهما أي التطرف مضار على المجموعة الوطنية.