أكد محافظ بنك الجزائر السيد محمد لكصاسي أن الاقتصاد الوطني حقق نتائج مالية هامة خاصة من حيث دعم المالية الخارجية الصافية والاستقرار النقدي وارتفاع طفيف في وتيرة النمو الاقتصادي، لكن مع زيادة هامة في عجز الميزانية واستمرار تبعية الاقتصاد نحو قطاع المحروقات، وتسجيل معدل تضخم داخلي غير مسبوق، خلال العشرية الماضية والحالية، نتيجة لارتفاع حجم التحويلات المالية. محافظ بنك الجزائر الذي فضل التركيز على مؤشرات العام الماضي أي سنة 2012 وتحليل معطياتها بدقة مرجئا التطرق إلى أرقام السنة الجارية للأسابيع القادمة، أشار في اللقاء الصحفي الذي عقد أمس بمقر البنك أن ميزان المدفوعات الخارجية الجاري سجل فائضا ب02 . 6 في المائة، مقابل 9 . 8 في المائة في السنة السابقة، ويعود هذا التراجع إلى الارتفاع الكبير في واردات السلع خاصة الاستهلاكية غير الغذائية بنسبة 8 . 19 في المائة، فضلا على الانخفاض المسجل في صادرات المحروقات. بينما بلغ فائض ميزان المدفوعات الخارجية 3 . 12 مليار دولار، وزيادة طفيفة في احتياطي الصرف ليصل إلى 66 . 190 مليار مقابل 22 . 182 مليار في السنة التي سبقتها وهو ما يعادل 36 شهرا من استيراد السلع والخدمات. الحفاظ على استقرار مرن لمعدل الصرف كان ولا يزال من بين الأهداف المعلنة لبنك الجزائر وذلك من أجل تحقيق التوازن على المدى المتوسط والإجراء الذي تم اتخاذه في سنة 2011 لدعم الصادرات خارج المحروقات إنما يندرج وفق ما صرح به محافظ البنك في نفس الأهداف الإستراتيجية، ولهذا فقد تم تعزيزه خاصة على سوق الصرف مابين البنوك، مع تسجيل انخفاض في سعر الصرف الفعلي للدينار ب8 . 5 في المائة كمعدل سنوي، بسبب اتساع فارق التضخم بين الجزائر وأهم شركائها. علما أن مؤشر الأسعار عند الاستهلاك سجل رقما قياسيا بداية من السداسي الثاني لسنة 2011 أي 9 . 8 في المائة مقابل 5 . 4 في المائة في سنة 2011. ست سنوات كاملة من التراجع في إنتاج قطاع المحروقات، كان لها التأثير المباشر على نشاط الاقتصاد الوطني عموما، ومع هذا يقول السيد لكصاسي أن وتيرة النمو الاقتصادي ارتفعت خلال العام الماضي لتقدر بنسبة 3 . 3 في المائة، نتيجة لزيادة نشاط قطاعات خارج المحروقات، في الأشغال العمومية والصناعة خاصة الخفيفة، وكانت الحصيلة زيادة في إيرادات الميزانية بنسبة 9 . 20 في المائة، لتصبح المساهمة الإجمالية للإيرادات الجبائية 1 . 89 في المائة ، الناجمة عن زيادة مداخيل الضرائب والحقوق الجمركية. وحول تغطية النفقات الجارية عن طريق المداخيل خارج قطاع المحروقات، فقد واصلت التراجع للسنة الثالثة على التوالي بنسبة تعادل 1 . 45 في المائة، بسبب ارتفاع حجم الإنفاق وخاصة التحويلات الجارية التي تمت في إطار دعم الأسعار والتحويلات في اتجاه الجماعات المحلية ، مثل هذا المؤشر يرى فيه المحافظ خللا غير محمود العواقب على ميزانية الدولة، خاصة في ظل بروز مخاوف حول تراجع أسعار المحروقات في أسواق النفط العالمية. انطلاقا من التحليل المعمق الذي قدمه حول التطور الاقتصادي والنقدي للسنة الماضية، أوضح المحافظ أن الاستمرار في نفس وتيرة منح القروض الموجهة للاقتصاد تنطوي على مخاطر حقيقية حول الاستقرار المالي، خاصة أن الميكانزمات البنكية الجديدة التي تم إقرارها في إطار تسيير وتوجيه المخاطر لهذه السنة تتم وفق تقييم الحافظات التي يتكفل بها مفتشون مختصون في عمليات التقييم المالية، ضمن استراتيجية نقدية تهدف إلى استقرار المالية في إطارها الشامل، حتى تلعب البنوك دورها في تمويل الاقتصاد رغم استمرار الانتقادات الموجهة للجهاز المصرفي عموما. وحسب محافظ البنك فإن سياسة الاستشراف التي تأخذ بعين الاعتبار المخاطر وفي إطار عمل المفتشين على مستوى البنوك تم رصد الكثير من المخالفات خاصة تلك العمليات التي تتم مع الخارج كالتوطين البنكي أو تحويل الأموال نحو الخارج، حيث تم تطبيق هذا الإجراء على حوالي 277 متعامل خلال الفترة الممتدة ما بين 2007 و2012 وقد تحال ملفات على القضاء. بينما تم تحرير 186 محضر قضائي بعد عمليات مراقبة مكثفة وتحقيقات حول قضايا مرتبطة بالتجارة الخارجية.