يعيش قطاع الصحة منذ سبتمبر الماضي على وقع حركية يعوّل عليها في إخراجه من دائرة المشاكل المتراكمة والمعانات التي يتخبّط فيها المرضى في الجزائر، والتي لا تنتهي في ظل سوء الخدمات الطبية التي تقدّمها المستشفيات من حيث طريقة استقبال المرضى وطول مواعيد الفحص والندرة التي تسجّل في بعض أنواع الأدوية. وانطلاقا من عملنا الميداني ومتابعتنا للقطاع لاحظنا تسجيل بعض التحسن في نوعية الخدمات الصحية مقارنة بالسنوات الماضية، وذلك بفضل المجهودات التي يبذلها وزير القطاع، عبد المالك بوضياف، والتي سبق أن أكّد بأنّه لا يمكن تسيير هذا القطاع بحساسيته وأهميته عن طريق الارتجال واتخاذ القرارات المباشرة، وإنّما تدريجيا من أجل تحسين نوعية الخدمات على مستوى مصالح القطاع عبر كامل التراب الوطني وضمان أحسن تكفل بجميع المرضى نظرا لوجود الإمكانات المادية التي تساهم في تحقيق هذا المبتغى. نهاية فوضى الاستعجالات الطبية من أهم المشاريع التي انطلق تجسيدها سنة 2013 والتي كانت مطلبا ألحّ عليه المواطنون، تنظيم مصالح الاستعجالات وجعلها متخصصة، وأول عملية نموذجية تمّت بمستشفى مصطفى باشا حيث تمّ الفصل بين مصلحة الاستعجالات الجراحية والطبية من أجل تحسين التكفل بالمرضى، بالإضافة إلى مباشرة التركيز على تكوين أعوان الاستقبال، لذلك لا يمكن إنكار بعض المكاسب التي تحقّقت خلال السنة الماضية مقارنة بالتي سبقتها. مشكل اللّقاحات في طيّ النسيان خلافا لسنة 2012، لم تسجل المراكز الاستشفائية والعيادات الطبية أي ندرة في اللقاحات الخاصة بالأطفال، بل كانت متوفرة بنسبة 90 بالمائة، وذلك بفضل تجسيد البرنامج الوطني للقاحات خلال السنة الماضية، وهو ما جعل مخزون اللقاحات يكفي لاحتياجات سنة 2014، كما ساهم ذلك في انخفاض نسبة وفيات الأطفال الرضع التي تحصيها الجزائر سنويا. تشخيص مرض »فينيلسيتونوري» إجباري قامت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات في سبتمبر 2013، بالتكفل بمرضى «فينيلسيتونوري» من خلال توفير الحليب الخاص بهم، وجعل تشخيص الداء منذ الأيام الأولى من ولادة الأطفال إجباري بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا قبل أن يتم تعميمه على مختلف المراكز الاستشفائية الموجودة عبر القطر الوطني لتخليص الأولياء عناء التنقل إلى العاصمة. وجاء قرار اعتماد التشخيص إجباري على مستوى المستشفيات الجامعية، بعد احتجاجات كثيرة قامت بها أكثر من 30 عائلة يعاني أطفالها من المرض النادر «فينيلسيتونوري» أمام مقر وزارة الصحة أين كانت «الشعب» ومختلف وسائل الإعلام حاضرة بقوة من خلال التغطيات الإعلامية. التأخر في مواعيد العلاج الإشعاعي في طريق التسوية تمّ خلال السنة الماضية استدراك التأخر الحاصل في مواعيد قيام مرضى السرطان بالعلاج الإشعاعي، لا سيما في بعض المستشفيات على غرار وهران وورقلة، حيث أنّ أبعد موعد تصل مدته شهرين بعد أن كان يتعدى ستة أشهر، وهو ما يزيد من معاناة المرضى. وسيتم القضاء على مختلف المشاكل التي يعيشها مرضى السرطان من حيث التأخر في مواعيد إجراء الفحوصات وتلقي العلاج، والتي تم تخفيفها في بعض المستشفيات في انتظار تعميم هذا الإجراء على مستوى كل المستشفيات الجامعية، علما أنّ مستشفيات باتنة، سطيف وعنابة ستشرع في تقديم خدمات لمرضى السرطان ابتداء من مارس القادم. المشروع الجزائري الأمريكي حول الصناعة الصيدلانية.. أبرز الانجازات يعتبر اللقاء الذي جمع وزير الصحة، عبد المالك بوضياف، بوفد للمجمع الأمريكي «فارما» من بين اللقاءات الهامة التي توّجت بإطلاق المشروع الصيدلي الجزائري الأمريكي الذي من شأنه أن يساهم في خلق رؤية جديدة للجزائر في آفاق 2020 في مجال المنتوجات الصيدلانية، وبالتالي تغطية الاحتياجات الوطنية للأدوية وإنشاء نظام بيوتكنولوجي حقيقي في الجزائر. ويتمثل هذا المشروع في بناء قطب بيوتكنولوجي بالجزائر خاص بالأدوية المبتكرة، والذي لابد أن يستفيد من إجراء براغماتي وواقعي ليتم تجسيده في أقرب وقت ممكن، وذلك بالتوازي مع مواصلة المباحثات المتعلقة بتكييف التنظيم الصيدلي الوطني إذا اقتضت الضرورة ذلك. حادثة وفاة مسنّ بسبب سوء التكفل..النقطة السوداء تعدّ حادثة وفاة مريض طاعن في السن بسبب عدم تلقيه العناية اللازمة من قبل بعض الممرضين بمستشفى العفرون بالبليدة، النقطة السوداء التي ترسّخت في الأذهان خلال سنة 2013، وكانت المفاجأة الكبرى التي لم يتوقّعها أحد عند تزامنها مع زيارة وزير الصحة، عبد المالك بوضياف، إلى ذات المستشفى. وبمجرد وصول الوزير إلى المستشفى أصيب بالصدمة عند رؤية المواطنون يحتجون أمام مستشفى الاستعجالات بسبب الإهمال واللاّمبالاة، ما جعل ذات المسؤول يتّخذ إجراءات صارمة في حق مدير المستشفى وعون شبه الطبي من خلال عزلهما من مناصبها. وبالرغم من الإرادة القوية التي ظهر بها وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، عبد المالك بوضياف، من خلال الخرجات الميدانية المفاجئة وغير المبرمجة التي قام بها بمختلف مستشفيات الجزائر وفتحه أبواب الحوار مع الشركاء الاجتماعيين والأوامر التي قدّمها إلى مدراء المستشفيات من أجل تنظيمها، إلاّ أنّ القطاع تعترضه اختلالات كثيرة لا زالت تعتري مجال الصحة ومشاكل متراكمة لا يمكن معالجتها في وقت قصير.