كان من المفروض أن تمثل المؤسسة الوطنية لصناعة معدات السكة الحديدية وتجهيزاتها، أحد الروافد الأساسية لدعم التنمية الصناعية ورفع النمو والإنتاج، خاصة خارج قطاع المحروقات، كما يردده الخطاب الرسمي، من خلال إعطاء كل الاهتمام والدعم لتحسين المنتوج المحلي وولوجه الأسواق الخارجية، مثلما كان يحدث قبل عشر سنوات. لكن حالة الترقب والانتظار التي توجد عليها المؤسسة لدفع عجلة الإنتاج، انطلاقا من القدرات المتوافرة لديها، تستدعي تدخلا عاجلا وحاسما من أجل مساعدتها على أن تحقق الآمال التي تراودها في جعلها قطبا صناعيا متميزا مثلما عبر عن ذلك السيد نصرالدين بلحيط، رئيس دائرة التسويق في ذات المؤسسة، في حوار خص به «الشعب» الاقتصادي. تعد المؤسسة الوطنية لصناعة معدات السكة الحديدية وتجهيزاتها "فيروفيال "من بين أهم مكونات القاعدة الصناعية الثقيلة التي تتوافر عليها الجزائر، ولعل الكثير يجهل دورها في تلبية الحاجيات الوطنية وحتى الخارجية من حيث توفير المعدات والتجهيزات خاصة في إطار المشاريع الكبرى المتعلقة بالنقل بالسكك الحديدية، هل يمكن توضيح أهم المهام الموكلة إليها؟ هي مؤسسة تنشط في إطار كل ما يتعلق بتوفير معدات السكك الحديدية، وظيفتها الأساسية إنتاج العربات، كما تهتم بالتنويع في قطاع الأشغال العمومية، من حيث إنتاج خلاط الإسمنت والخرسانة.المؤسسة مزودة برافعة عامة تتكفل بكل ما هو إنتاج حديدي، أي تمس كل المجالات المرتبطة بصناعة الميكانيك والتجهيزات التي تسير في هذا الاتجاه. تعمل مؤسسة "فيروفيال" في إطار شراكة وطنية وأجنبية، حيث سبق لها وأن أبرمت اتفاقية شراكة مع كل من مؤسسة مترو الجزائر و«ألستوم" الفرنسية، ضمن البرنامج المسطر في المخطط الخماسي 2010- 2014 من أجل إنجاز مصنع للتركيب والجمع وصيانة قاطرات الترامواي الموجودة حاليا وإنتاجها على المدى القصير. ومن المقرر أن يشهد الثلاثي الأول من سنة 2014 إنتاج أول دفعة. وفي اعتقادي أن الترامواي من أفضل وسائل النقل عبر السكك الحديدية، ولهذا فإن المؤسسة تعتزم إنجاز عربة الترامواي بكل قاطراته. للتذكير، فإن "فيروفيال" المؤسسة العمومية كانت فيما مضى، متخصصة في إنتاج الأسلحة وموجهة للاحتلال الفرنسي إبان فترة الاستعمار، ولكن بعد الاستقلال تم تأميمها ومن ثم إعادة هيكلتها وأصبحت مؤسسة قوية ومنتجة تلبي حاجيات السوق الوطنية ولها تجربة ثرية في التصدير. هل من تفاصيل حول تجربة التصدير نحو الخارج؟ سبق لمؤسسة فيروفيال أن باعت منتوجها لدول عربية وإفريقية وأوربية، حيث تم في سنة 2004 تصدير شحنات حديدية إلى العراق، في إطار النفط مقابل الغذاء، ونفس العملية تمت مع روسيا في سنة 1998 لتصدير خلاطة الإسمنت. كما اقتحمت المؤسسة الوطنية أسواقا أخرى في القارة الإفريقية، على غرار الغابون وغيرها من الدول التي كانت مهتمة بالمنتوج الجزائري وفي السنوات القليلة الماضية وبالذات في سنة 2010 ربحنا إحدى الصفقات في سوريا بعد أن استجابت المؤسسة لما ورد في دفتر الشروط، لكن الأحداث المأسوية التي عرفتها دمشق خلال هذه السنوات، حالت دون إتمام الصفقة، التي احتلت فيها فيروفيال المرتبة الأولى من حيث توريد العربات الخزانة. هل لدى المؤسسة العمومية برنامج خاص موجه للتصدير؟ الواقع أن آخر عملية تصدير قامت بها مؤسسة فيروفيال تعود إلى سنة 2004 عندما صدرت للعراق 250 عربة، 100 منها تخص نقل النفط الثقيل و100 أخرى لنقل النفط الخفيف والباقي، أي 50 عربة، لنقل الفولاذ. في الوقت الراهن ليس للمؤسسة برنامجا خاصا للتصدير، وإنما هي بصدد البحث عن أسواق خارجية من أجل تسويق منتوجاتها الحديدية، خاصة وأنها تستجيب لشروط دفتر الأعباء وباستطاعتها تلبية متطلبات الأسواق الخارجية والمحلية، لكن الفرصة لم تتح لها بعد. ولكن ما الذي ينبغي فعله من أجل العودة مجددا إلى الأسواق الخارجية بعد غياب يكاد يغطي العشر سنوات؟ صراحة لا يوجد حل آخر سوى أن تتدخل الحكومة والوزارة المعنية بقطاع النقل بكل ثقلها من أجل رد الاعتبار لهذا النوع من الصناعات الثقيلة، في إطار دعم أسس بعث التنمية الصناعية، التي توجد حاليا في دائرة الاهتمام الرسمي وفي كل الخطاب المتعلق بضرورة عودة التركيز على ذات القطاع كأحد أهم روافد النمو الاقتصادي، وكذا من أجل رفع الصادرات خارج المحروقات. ولحسن الحظ، فإن القاعدة الصناعية لاتزال موجودة ومؤسسة فيروفيال لوحدها لا يمكنها أن تتطور بدون تواجد قوي للدولة، وفي بعض فروعها فإنها بحاجة إلى شركاء، سواء كانوا وطنيين أو أجانب. وعلى سبيل المثال، فإنه يستحيل على المؤسسة الوطنية صناعة عربة السفر بمفردها، ونفس الأمر فيما يخص القاطرات الضخمة، وغيرها من المعدات والأجهزة التي تحتاج إلى الشراكة والخبرة الأجنبية في صناعتها. وعموما لاتزال بعض الصناعات في غير متناول المؤسسة الوطنية، لكن الإرادة تحذو الجميع من أجل صناعتها محليا وكسب معركة دعم الإنتاج الوطني في جميع الأصناف الخاصة بقطاع السكة الحديدية لبلوغ على الأقل مستوى 60 إلى 70 من المائة من الاندماج الوطني. هل قامت المؤسسة بخطوات ومساعي في هذا الاتجاه؟ نعم نحن نفعل كل ما بوسعنا من أجل بلوغ الأهداف التي ننشدها ونعمل في كل الاتجاهات، بدءاً بالتوعية والتحسيس والإشهار بكل ما ننجزه وفق الإمكانات المتاحة، سواء في اتجاه الجمهور والزائرين للتظاهرات التي نحرص على التواجد فيها بصفة دورية ومنتظمة، إلى توجيه رسائل قوية إلى كل المعنيين مباشرة بالقطاع، من أجل مدنا يد المساعدة الحقيقية لكي نجعل من المؤسسة الوطنية الوحيدة في الجزائر المتخصصة في صناعة معدات السكة الحديدية وتجهيزاتها، قطبا صناعيا في ذات الاختصاص. ما الذي تنتظرونه بالضبط وما هو شكل المساعدة التي ترغبون فيها لتحقيق الأهداف الطموحة في جعل مؤسسة فيروفيال قطبا صناعيا في تخصصها؟ باختصار وعلى اعتبار أن ما تقوم به فيروفيال يندرج في إطار الصناعة الثقيلة، فإنه من المهم أن يتم الدعم في شكل استثمار مالي مباشر، وكذا ضرورة أن تساهم الدولة في اختيار الشريك، تماما مثلما تم تقديم الدعم اللازم للشركة الوطنية للعربات الصناعية في إطار الشراكة المبرمة مع الجيش الوطني الشعبي، حيث تدخلت الدولة من أجل إعادة تنشيط هذا النوع من النشاط. كم تبلغ طاقة إنتاج المؤسسة الوطنية فيروفيال؟ تتوافر المؤسسة حاليا على طاقة إنتاج تبلغ 600 عربة سنويا، أما عن كل ما يتعلق بالحديد فيقدر ب3000 طن من الفولاذ. وماذا عن الآفاق المستقبلية؟ من الصعب جدا الحديث عن الآفاق في ظل عدم وضوح الرؤية حول إمكانية وجود شريك من عدمه، وهل ستستمر المؤسسة في العمل بفردها، أم أن المرحلة القادمة ستشهد ظهور شركاء في الميدان ولمَ لا؟. المهم بالنسبة لنا أن ندعم تواجدنا من خلال ما ننتجه في الوقت الراهن، الموجه بالأساس إلى زبوننا الوحيد وهو الشركة الوطنية للنقل بالسكة الحديدية، التي تعرفنا عز المعرفة، ولكن الكثير من الجزائريين ربما يجهلون أن الحظيرة الوطنية في أغلبها يتم إنتاجها محليا من طرف مؤسسة فيروفيال. خضعت "فيروفيال" إلى تطهير مالي على غرار عديد المؤسسات الوطنية، أين وصلت العملية وكيف ستكون انعكاساتها على المؤسسة من حيث تطور قدراتها الإنتاجية؟ بدأت عملية التطهير المالي في سنة 2009 ولكن في حقيقة الأمر لم تنطلق فعليا إلا في سنة 2011 من خلال البرنامج الاستثماري الذي أعد وحظي بالمصادقة عليه من طرف مجلس الإدارة، وتمحور في الأساس في إعادة تحديث التجهيزات والعملية تسير بثبات ودون استعجال وفي إطار المشاورات. وتلقينا في هذا الصدد بعضا من العروض الوطنية والخارجية. وفي العموم فإن العملية توجد حاليا في مراحلها النهائية. هل من رسائل أخرى تود توجيهها إلى المعنيين بملف الصناعات الثقيلة عموما وقطاعكم على وجه التحديد؟ مرة أخرى نحن نريد أن نجعل من المؤسسة قطبا حقيقيا في مجال السكة الحديدية يشمل كل المجالات، لدينا الكثير من القدرات لتلبية الطلب الداخلي والخارجي، نتمنى فقط أن تتم مرافقتنا من طرف الدولة، وأعتقد أن وزارة النقل على دراية كافية بملف السكك الحديدية.