شهد قطاع الصيد البحري وتربية المائيات، تطورا ملحوظا، خاصة بعد السياسات الجديدة المنتهجة لتنمية القطاع وبرنامج الإنعاش الاقتصادي، في العشرية الأخيرة، ضمن مخططات عملاقة أنفقت فيها السلطات العليا للبلاد مبالغ ضخمة، وسخرت لها عدة إمكانيات بهدف تدارك التأخر في التنمية الوطنية والمحلية، والوصول إلى معدلات مرتفعة في النمو والتشغيل، وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي للبلاد. وقد تعهد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في أكثر من مناسبة، بمواصلة الجهود العمومية الرامية إلى إنعاش قطاع الصيد البحري، وذلك عبر تنفيذ العديد من البرامج المدعمة للاستثمار المنتج وتحسين شبكة المنشآت والتجهيزات الخاصة بالصيد وبتربية المائيات. وفي هذا المنظور، تبنت وزارة الصيد البحري وتربية المائيات برنامجا لإعادة الاعتبار لهذا القطاع مع تطوير كل النشاطات والحرف المتصلة بالصيد البحري وتربية المائيات. إنجاز أكثر من 10 موانئ وإعادة بعث 95 بالمائة من المشاريع المتوقفة حرصت وزارة الصيد البحري والموارد الصيدية، بالتنسيق مع وزارة الأشغال العمومية على وضع مخططا لتنمية الهياكل المينائية قائما أساسا على إنجاز موانئ جديدة للصيد البحري، تهيئة وإعادة تنظيم أحواض الموانئ الموجودة سواء من حيث مراجعة مخططات الرسو أو من حيث الفصل المادي بين نشاطات الصيد البحري ونشاطات الملاحة التجارية وغيرها، توسعة الهياكل الموجودة من خلال إنشاء أحواض جديدة وبناء أرضيات وأرصفة جديدة، والاستغلال الأمثل للهياكل الموجودة. وإلى غاية نهاية 2012، سمح المخطط المعتمد مع مصالح وزارة الأشغال العمومية بإنجاز 14 ميناء جديدا للصيد البحري، بكل تلمسان، وهران، مستغانم، الشلف، بومرداس، تيزي وزو، بجاية، جيجل، الطارف)، وتهيئة 9 موانئ أخرى بكل ولاية عنابة، سكيكدة، بجاية، شرشال، عين تيموشنت، تيبازة والجزائر. كما تم تسجيل في إطار البرنامج الخماسي 2010-2014 إنجاز 06 هياكل مينائية وهي: ميناء سيدنا أوشع (ولاية تلمسان) – توسعة ملجأ الصيد بهنين (ولاية تلمسان) – ملجأ مداغ (ولاية عين تيموشنت) – تهيئة ملجأ الصيد بريس حميدو (ولاية الجزائر) – ملجأ الصيد ببني كسيلة (ولاية بجاية) – ملجأ واد الزهور (ولاية سكيكدة). أما في المناطق المعزولة والوعرة، فقد اعتمدت الوزارة الوصية برنامجا يشمل إنجاز هياكل خفيفة معدة لاستقبال قوارب الصيد الحرفي التقليدي صغيرة الحجم. ويتعلق الأمر ب5 شواطئ رسو بكل من واد مفرق (ولاية الطارف)، سيدي عبد العزيز واولاد بونار (ولاية جيجل)، بودواو البحري (ولاية بومرداس)، إبحريزن (ولاية تيزي وزو) تم استلام 3 منها فيما لا يزال إثنان قيد الإنجاز. واستكمالا لتلك الجهود، اقتطعت وزارة الصيد البحري موافقة من الحكومة سنة 2013 لرصد غلاف مالي لتهيئة موانئ الصيد البحري التي عرفت تقهقرا في السنوات الأخيرة، وقد سخرت للعملية 7 ملايير دينار تم استلام 4 ملايير دينار للشروع في إعادة تأهيل الهياكل المينائية المتضررة، واستكمال برنامج رئيس الجمهورية من خلال الشروع في إطلاق كل المشاريع الاستثمارية المدرجة في إطار الخماسي الحالي، وقد تم حسب تصريحات وزير القطاع الحالي سيد أحمد فروخي إعادة بعث 95 بالمائة من المشاريع المتوقفة. أسواق البيع بالجملة... فضاءات لتطهير القطاع من السماسرة تضمن البرنامج الخماسي للفترة 2005-2009، و2010-2014 إنجاز 24 سوقا للبيع بالجملة بالولايات الساحلية، وهي مشاريع تكتسي أهمية كبرى بالنسبة للاقتصاد العمومي والصيد البحري خصوصا، كونها تعد حلقة ربط بين المنتج والمستهلك، ونقطة عبور لكل المنتوجات الصيدية، كما تسمح أيضا بممارسة مهام القوة العمومية بصفة ناجعة. وقد اشتكى الكثير من الصيادين والمواطنين على حد سواء من فوضى البيع العشوائي وتدخل أطراف لا علاقة لها بالقطاع مهمتها المضاربة بالمنتجات الصيدية، من خلال رفع أسعارها دون وجهة حق، وهو ما سارعت إلى تداركه الوزارة الوصية مؤخرا من خلال الإسراع بإنجاز المسمكات المجهزة بوسائل عصرية ومرافق التبريد والتخزين، حتى تسمح بتنظيم السوق وشفافية الممارسات التجارية، وتضمن جمع إحصاءات تفريغ وإنزال المنتوج الصيدي وكذا المعطيات المرتبطة بجهد الصيد، وهي معطيات تشكل عناصر أساسية لتصميم وتكييف السياسة التنموية القطاعية في ميدان زيادة الإنتاج وضبط التبادلات. كما تعد هذه الفضاءات الوسيلة الناجعة لضمان صحة المنتجات ونظافته وتعقب مسارها التسويقي من الإنزال إلى المستهلك، من خلال المراقبة الدائمة للمصالح البيطرية. نظام المرافقة لتحفيز الاستثمار في القطاع بهدف إعادة بعث المشاريع الاستثمارية المتوقفة، وتشجيع الشباب المتخرج حديثا من معاهد الصيد والجامعات على الاستثمار في القطاع، وضعت وزارة الصيد البحري والموارد الصيدية إجراءات تحفيزية للاستثمار المنتج من خلال نظام لمرافقة المشاريع لفائدة المستثمرين الشباب، تضمنها قانون المالية لسنة 2014 وهو النظام الذي جاء لتدارك محدودية برامج الاستثمار السابقة والتي كانت موجهة أساسا لاقتناء سفن صيد كبيرة ومشاريع تربية المائيات لكن البعض منها فشلت بسبب غياب المرافقة. ولأجل إنجاح هذا النظام، عمدت وزارة الصيد إلى توقيع عدة اتفاقيات مع أجهزة التمويل الموجهة للشباب على غرار الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر "أنجام"، الصندوق الوطني للتأمين على البطالة "لكناك"، والوكالة الوطنية لتشغيل الشباب "أنساج"، بنك الفلاحة والتنمية الريفية بدر، لتمويل مشاريع الشباب من خلال منحهم قروض دون فوائد لتجسيد مشاريعهم. والاستثمار في الصيد البحري وتربية المائيات يمنح إمكانيات قوية لتعبئة وخلق فرص العمل، سواء من خلال مشاريع اقتصادية كبيرة أو صغيرة، وتشير الأرقام المقدمة من قبل وزارة الصيد إلى خلق 78000 منصب شغل، منها 20 ألف منصب مباشر، سنة 2012 أي بزيادة تفوق 5 بالمائة مقارنة بسنة 2011 فضلا عن مضاعفة أسطول البحري الذي أصبح يضم 4500 سفينة، من بينها 1300 قارب لصيد السردين، في حين بلغ حجم إنتاج القطاع سنة 2012 إلى 04% ويرجع هذا التطور أساسا إلى ارتفاع الكميات المصطادة على مستوى ولاية غرب ووسط البلاد (08% )، والنتائج المتحصل عليها في فروع تربية المائيات والصيد القاري للأسماك والتي بلغت 2648 طن مقابل 405 طن سنة 2007. وأخيرا قانون حماية للصيادين كانت سنة 2013 استثنائية في قطاع الصيد وتربية المائيات، حيث شهدت تحقيق عدة مكتسبات كانت إلى وقت قريب صعبة المنال لأسباب ولأخرى..فمن كان يعتقد أنه قبل نهاية السنة سيكون للبحارة والصيادين قانون يحميهم، ويصون لهم حقوقهم ويضمن لهم تقاعد محترم، يضمن لهم العيش الكريم بعد سنوات طويلة من الكد والعمل المتعب، هذا المطلب الذي ظل رهين أدراج الوزارة لأكثر من 7 سنوات ليبتسم الحظ أخيرا لهذه الفئة، مع الوافد الجديد للوزارة الذي وعد ووفى، حيث قطع وعدا بأن يصدر قبل نهاية سنة 2013 قانون يوفر الحماية الاجتماعية للصيادين والبحارة، وهو ما كان بالفعل بعد جولات ماراطونية من المفاوضات خاضتها مصالحه والهيئات الممثلة للمهنيين مع وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، من أجل الاستجابة لانشغال لطالما طالب به الصيادون في أكثر من مناسبة. وبالفعل، وفي شهر جويلية 2013 صدر القانون أخيرا بعد أن حظي بموافقة الحكومة في الجريدة الرسمية، وأصبح المهنيين الناشطين في الصيد البحري يصنفون ضمن ثلاث شرائح تختلف كل منها في حجم الاقتطاعات والتعويضات في الدخل والتقاعد تبعا لذلك، فمثلا فئة البحار المؤهل يصل تقاعده إلى مرتين الحد الأدنى من الأجر القاعدي المضمون، والميكانيكي يصل دخل تقاعده إلى 6 مرات الأحد الأدني من الأجر القاعدي المضمون، أما رئيس السفينة فيصل تقاعده إلى 8 مرات الأجر القاعدي المضمون. صيد كامل حصة الجزائر من التونة الحمراء...رهان يتحقق بسواعد جزائرية كان يعي المسؤولون بوزارة الصيد البحري وتربية المائيات، أن اصطياد كامل حصة الجزائر من التونة التي حددها الاجتماع الاستثنائي ال18 للجنة الدولية للحفاظ على سمك التونة بالأطلسي، والمقدر ب243 طن، "رهان" ينبغي تحقيقه، لأن استرجاع الحصة التاريخية للجزائر التي كانت قد فقدتها في وقت سابق، مرهون بمدى نجاحها في صيد كامل حصتها وفي الوقت المحدد للحملة السنوية، وبالفعل تمكن الصيادون الجزائريون المشاركون في حملة صيد التونة الحمراء من اصطياد كل الحصة وقبل الآجال المحددة ب23 جوان 2013، وهي خطوة مهمة قوت موقف الجزائر في مفاوضاتها مع اللجنة الدولية للحفاظ على المكاسب المحققة، وإن لم تنجح في استرجاع كامل حصتها بسبب ضغوطات دول أوربية بمساعدة أمريكية للإبقاء على نفس الحصة لسنة 2014، حيث حافظت في الاجتماع الأخير المنعقد بجنوب إفريقيا على نفس الحصة والمقدرة ب243 طن من قيمة إجمالية تقدر ب13,400 طن.