عرف قطاع الصيد والموارد الصيدية، في الأربعة الأشهر الأخيرة من سنة 2012، حركية تمخضت عن تعديل حكومي جرى في شهر سبتمبر من نفس السنة، تم بموجبه إنهاء مهام عبد الله خنافو، وتعين الأمين العام لوزارة الفلاحة سيد أحمد فروخي على رأس القطاع، فما إن جرت مراسيم تسليم واستلام المهام حتى فاجأ هذا الأخير مهني القطاع ومسؤوليه المحليين بزيارات ميدانية ركز خلالها على الاستماع إلى انشغالات كل المتدخلين والمتعاملين الاقتصاديين للتعرف على القطاع ومشاكله والعراقيل التي تحول دون تطوره، وهو ما سمح بتحديد نقاط الخلل، والتي على أساسها اتخذت الإجراءات الكفيلة بإعادة بعث نشاطه من جديد خاصة وأنه استفاد من عدة مشاريع في إطار برنامج دعم الإنعاش الاقتصادي.وتوجت تلك الزيارات التي شملت معظم الولايات الساحلية، وبعض ولايات الجنوب المعنية بمشاريع تربية المائيات، بإعداد ورقة طريق قطاعية، شارك في صياغتها الجميع بدء من المسؤولين، مرورا بالمهنيين، وصولا إلى القطاعات الأخرى التي لها علاقة بالصيد البحري، على غرار النقل، الموارد المائية. ويهدف هذا الإجراء إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي والتقليص بذلك من حجم فاتورة الاستيراد التي تشكل المنتجات الموجهة للاستهلاك الغذائي نسبة معتبرة منها، وذلك من خلال استغلال الإمكانيات التي تتوفر عليها الجزائر وتوسيع فرص الاستثمار، في مجال الصيد عن طريق تنظيم هذا العمل، فضلا عن التوجه إلى تكثيف نشاط تربية المائيات. ولأن تقوية قدرات القطاع، مرتبطة بمدى توفير تكوين نوعي وتخصصي، فقد أولى الوزير الجديد الأهمية للتكوين، حيث ألزم الصيادين والمهنيين بالاستفادة من دروس الأقسام الخاصة لتطوير مهاراتهم من جهة، والحصول على شهادة من جهة أخرى، تسمح لهم بممارسة مهنة بالبحر في إطار قانوني، فضلا عما يوفره التكوين من فرص التكيف مع التكنولوجيات الحديثة، وضمان السلامة البحرية. في سياق متصل، أعاد الوزير فروخي خلال سنة 2012 تفعيل نشاطات اللجنة القطاعية الدائمة للبحث والتطوير التكنولوجي وأوكل إليها مهمة بلورة وتقديم «تفكير معمق» حول آفاق تطوير نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات، والتكفل بالانشغالات ذات الطابع العلمي للقطاع ومرافقة برنامج تطوير نشاطات الصيد البحري و تربية المائيات طبقا لاستراتيجية التنمية المدمجة و المستديمة المحددة في خارطة الطريق القطاعية 20142012». وبهدف توسيع استثمارات تربية المائيات في مناطق الجنوب، شهدت سنة 2012 توقيع اتفاقيات بين غرف الصيد وغرف الفلاحة، لدمج تربية المائيات في الوسط الفلاحي، من خلال إنجاز أحواض وسط واحات النخيل، والأراضي الزراعية تسمح من جهة بتشجيع مثل هذه الاستثمارت، وترفع من جهة أخرى القدرات الإنتاجية لقطاع الفلاحة حيث أثبتت التجارب أن مياه أحواض الأسماك تساهم في تحسين نوعية المنتجات الزراعية، نظرا لما تتوفر عليه من مواد عضوية يمكن أن تعوض الأسمدة الكيماوية. مهنيون يربطونها بالمضاربة والوزارة بكثرة الطلب ارتفاع جنوني لأسعار السردين حرم الجزائريون سنة 2012، من أكل السردين، بعد أن بلغ سعره أرقاما خيالية وصلت إلى 700 دج جزائري في بعض الولايات الداخلية، و500 دج في الولايات الساحلية، لم تبلغها حتى عندما استرجعت الجزائر استقلالها، وخرجت منهكة من حرب دامت 7 سنوات ونصف، أكلت الأخضر واليابس. وظل الارتفاع الجنوني لأسعار السردين يصنع الحدث طيلة العام، فقد عجزت وزارة بأكملها بمسؤوليها، ومديرياتها، وتنظيماتها، وغرفها على وضع حد للارتفاع الصاروخي لقيمة «السردين الأزرق» حتى أنها تركت الساحة شاغرة لأطراف وصفها أهل المهنة ب«الخفية» أحكمت قبضتها جيدا على سوق السردين، وأصبحت هي «الآمر الناهي، المشرع، والمنظم» لقطاع حيوي يفترض أنه يعد من بين القطاعات الأساسية المساهمة في رفع مداخيل الخزينة العمومية، وفي ضمان الأمن الغذائي بفضل ثرواته التي لا تعد ولا تحصى. وإذا كان وزير الصيد والموارد الصيدية السابق عبد الله خنافو، قد برر أسباب ارتفاع سعر السردين إلى مستويات قياسية أنهكت جيوب العائلات الضعيفة الدخل، بتزايد الطلب على هذه المادة، فإن المتعاملين وأهل الهنة من صيادين وبائعين قد أرجعوا هذا إلى تحكم أطراف خفية في سوق السردين، ولجوءهم إلى أساليب ملتوية للإبقاء على الأسعار ملتهبة، ومنها رمي كميات كبيرة من السردين المصطاد في عرض البحر، بدل إدخاله إلى السوق بأسعار معقولة، في حين حمل بعض الباعة مسؤولية رفع سعر السردين إلى «وسطاء» قالوا أنهم ينشطون في مجال تجارة السردين، حيث يقومون كل صباح بشراء الكميات المصطادة من الصيادين على مستوى المسمكات، ليعيدون بيعه إلى التجار وأصحاب المسمكات بأسعار مرتفعة، مما يؤدي إلى تضارب كبير في أسعار هذا المنتوج. وبين تلك الأسباب وغيرها، كان يفترض من الوزارة الوصية التدخل لتنظيم المهنة إن لم نقل السوق لأنها تبرر عدم قدرتها على ذلك في كل مرة بخضوعه لنظام العرض والطلب، أو بأن الأمر يتعداها لأن المسؤول عن تنظيم الأسواق بمختلف أنواعها وزارة التجارة، وهي الحجة التي طالما تمسك بها المسؤولين، لتبرير فوضى عارمة، وخروقات استنزفت جيوب المواطنين، ومست بالقدرة الشرائية التي يفترض أن يسهر الجميع على حمايتها، ولما لا التفكير في وضع استراتيجية جديدة لتسويق منتوج السمك، وطنيا بعيدا عن العشوائية والإرتجالية، أو على الأقل معاقبة المضاربين، وإلزام المهنيين على إحترام القوانين المنظمة للمهنة. إعادة بعث ملف الخدمات الإجتماعية بعد 7 سنوات من التجميد «واقع إجتماعي بئيس ووضع مهني معقد» هي وضعية كل صياد يضطر للخروج في ساعات الصباح الباكرة للصيد ليعود محملا بأطنان من أنواع السمك، بما فيها تلك التي تزين موائد الأثرياء، ليجد نفسه في آخر الشهر بأجرة زهيدة لا تتجاوز في معظم الأحيان الحد الأدنى للأجور، وبدون حماية إجتماعية، أما الترقية فهي مستحيلة لأنه من الأصل مهنته غير مدرجة في سلم المهن التي يعترف بها قانون الوظيف العمومية..واقع اجتماعي ليس بأحسن حال من الوضع المهني، فالإثنان يتخبطان في عدة مشاكل تنظيمية، وأخرى قانونية حرمت فئة كبيرة من العاملين في هذا القطاع من تحصيل حقوقهم، وأداء مهمامهم على أكمل وجه، فإلى غاية 2012 ظل الكثير من الصيادين دون تصنيف، ودون حماية إجتماعية، رغم رفع العديد من الطلبات الملحة إلى الوزارة الوصية للنظر في هذا الأمر، وتسوية وضعيتهم المهنية. وظل هذا الملف يراوح مكانه بوازة الصيد منذ سنة 2005، دون أن يحرك المسؤولين الذين تعاقبوا على القطاع منذ تلك الفترة ساكنا، غير أن الوزير الجديد للقطاع المعين في إطار التعديل الحكومي الجزئي الذي تم سنة 2012، أعطى الأولوية لهذا الملف بمجرد تسلمه مهامه حيث أعاد بعثه من جديد، وأمر بتسريع المفاوضات مع وزارة العمل والجهات المهنية لتسريع الخطوات الكفيلة بمعالجة هذا الملف نهائيا، وتسوية بذلك جميع المشاكل المهنية للصيادين، خاصة وأن تحسين مستوى معيشة المواطن يعد من بين أولويات مخطط عمل الحكومة الجديدة، الذي صادق عليه البرلمان في نفس السنة، فضلا على أن معالجة هذا الملف سيشكل دعامة أساسية لتحقيق التنمية البشرية والكرامة الاجتماعية لهؤلاء المهنيين الذين يعيشون في ظروف هشة. وكان وزير الصيد سيد احمد فروخي قد وعد في آخر تصريح له خلال زيارة ميدانية قادته إلى ولاية تيبازة، بتسوية ملف الحماية الاجتماعية والتصنيف المهني للصيادين خلال الثلاثي الأول من سنة 2013، وهو ما استبشر له الصيادين لأن ذلك سيمكنهم من الاستفادة من نظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتأمينات الاجماعية لغير الأجراء، والحصول على معاشات التقاعد. وإضافة إلى ذلك طرح الصيادون جملة من المشاكل قالوا انها تعرقل مهامهم ومنها غياب مرافق بموانئ الصيد كغرف الصيادين، نوادي أو مقاهي، مما جعلهم يحتارون إلى أين يتوجهون في الساعة الرابعة صباحا، عند الانتهاء من ساعات العمل، في وقت دفع هذا الوضع بالكثير من الصيادين إلى البقاء في مراكب الصيد، إلى غاية طلوع النهار وهو ما بات يعرضهم إلى الإصابة بمختلف أنواع الأمراض خاصة في فصل الشتاء. نفوق'' الميرو'' يخلط أوراق المهنيين والبحث العلمي ينهي جدل الموت المفاجئ طفت إلى السطح ظاهرة الموت المفاجئ لسمك الميرو، بشواطئ ولاية سكيكدة وبومرداس خلال خريف 2012، وهي الظاهرة التي أثارت جدلا واسعا بين المواطنين والمهنيين على حد سواء، حيث راح كل طرف يخوض في تفسيرات للظاهرة بناء على معتقدات وهمية، سرعان ما وضع الخبراء والمختصين حدا لها، بإجراء بحوث علمية دقيقة أنهت الجدل الدائر حول ظاهرة نفوق الميرو. وسجلت ظاهرة نفوق سمك الميرو، بداية شهر أكتوبر 2012، بكل من ولايتي سكيكدة وبومرداس، ومباشرة بعد تسجيل هذه ظاهرة، قام مركز البحث وتطوير الصيد البحري وتربية المائيات بتشكيل فريق لمتابعة تطور الأمر، كما أوفد فريق من الباحثين إلى ولاية سكيكدة يتكون من مختصين في التلوث، وعلم المصايد لتحديد أسباب هذه الظاهرة غير العادية، وقد قام الفريق بتحقيق جواري شمل البحارة والغطاسين الرياضيين باعتبارهم الفئة الأكثر اهتماما بصيد هذا النوع من السمك، أظهر أن هذه الظاهرة ليست جديدة على المنطقة حيث برزت في نفس الفترة من السنة الماضية في عنابة، ولوحظت في القالة سنة 2004، وفي نفس الفترة في منطقة شطايبي بعنابة، وبالقالة وسكيكدة سنة 1999. ووسع المركز من تحقيقه بإجراء تحليل بكترويولوجي، بينت نتائجه أن مياه البحر خالية من كل صنف من التلوث من هذا النوع، وكذا غياب البكتيريا المسببة للأمراض في كبد، لحم وغلاصم السمك، غير أنه تم ملاحظة نوعين من الطفيليات في الأسماك المشرحة، طفيلي خارجي على جلد السمك، وطفيلي داخلي في الغلاصم والجهاز الهضمي، تم تسجيله في السنوات الماضية في المياه الليبية وكذا في خليج عنابة واسمه العلمي «سي لومترا» وهذا الطفيلي الداخلي يمكن أن يتسبب في موت السمك المضيف له. أما الطفيلي الخارجي فقد بين بحث دقيق للأستاذ هشام قارة، انه يتسبب في موت سمك الميرو وهو فيروس يعرف باسم «بيتا نودا فيروس» وينشط عندما تتوفر له شروط معينة مثل الحرارة، التلوث، وعوامل خارجية أخرى، مشيرا إلى أن مخلفات المنطقة الصناعية ليس لها علاقة بظهور هذا النوع من الفيروسات. استرجاع حصة الجزائر من التونة نجحت الجزائر، سنة 2012 في استرجاع حصتها من صيد التونة الحمراء، في الإجتماع الاستثنائي ال18 للجنة الدولية للحفاظ على سمك التونة بالأطلسي والذي احتضنته منطقة أغادير جنوب المغرب خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 19 نوفمبر الماضي، وقد تم تحديد حصة الجزائر بما لايقل عن 143,83 طن سنويا، تضاف إليها الحصة الإضافية المقدرة ب100 طن سنويا لتبلغ 243 طن سنويا من مجموع الكمية المقدرة ب13400 طن التي خصصها الإجتماع. واستنادا إلى تقرير اللجنة الدولية للحفاظ على سمك التونة بالأطلسي، ستكون هذه الحصة محل مراجعات مستقبلية، خلال مرحلة مراجعة نسب الصيد والحصص المقبلة، مشيرا إلى ان «جميع الاحكام ذات الصلة بهذه التوصية تنطبق على الحصة الاضافية». كما أشار التقرير الى من جانب آخر إلى أنه تم تحديد حصص صيد التونة الحمراء المخصصة لأعضاء اللجنة الدولية للحفاظ على سمك التونة بالأطلسي ب13500 طن سنويا خلال السنتين المقبلتين مقابل 12900 طن خلال سنتي 20122011، حسب ذات المصدر. وكان تقرير صادر عن الهيئة الدائمة للبحث والإحصائيات قد أشار خلال اجتماع أنعقد مطلع أكتوبر الماضي بمدريد إلى تحسن في المخزون السمكي مشددا في ذات الوقت على تحفظات كبيرة بشأن حجم هذا الارتفاع. ولكن الرهان الذي على الجزائر رفعه، هو التمكن من صيد حصتها كاملة، وإلا فهي مهددة بفقدان ما استرجعته، مثلما حدث السنة الماضية حينما كان أحد أسباب فقدانها لهذه الحصة، افتقارها للإمكانيات اللازمة لصيد التونة، الأمر الذي يلزم على الوصاية التفكير في اقتناء التجهيزات التي تسمح لها بالمشاركة في حملة الصيد التونة، أو تقديم دعم للمتعاملين في هذا المجال.