تمكنت الجزائر من اجهاض اعتداءات تيڤنتورين الإرهابية ونجحت بفضل حكمتها وقدرتها على التعامل مع الأزمات. فبقدر ما كان خبر الفاجعة كبيرا أثبتت الجزائر قدرتها على تسيير الأزمات بفضل حنكة مسؤوليها في مختلف المؤسسات. وكشف الوقت بعد ذلك أن الاعتداء الارهابي بتيڤنتورين كان متعدد الأهداف للنيل من عزيمة الجزائر سياسيا واقتصاديا وأمنيا واختبار مدى جاهزيتها لأية طوارئ خارجية. وقد تسارعت الأحداث عالميا بعد الحادثة بدخول الفضائيات الغربية على الخط حيث منحت الواقعة صدى كبير وكادت أن تشكل رأيا عاما عالميا ضد الجزائر. غير أن احترافية الجيش الوطني الشعبي والتنسيق الكبير بين القيادة السياسية كانت في أعلى مستوى مكنت من فك خيوط المؤامرة واسترجاع الثقة في أسرع وقت، وتم الرد على الدعاية النفسية بطريقة فريدة من نوعها حيث انقلب التشكيك في الجزائر إلى مدح وإشادة ووقف العالم بأجمعه وقفة احترام وتقدير لبلادنا وسقطت كل الخلفيات السلبية في الماء. وأدت سرعة قرار التدخل لمحاصرة المجموعة الإرهابية وعدم منحها أي وقت لتنظيم نفسها وفرض شروطها بمساعدة عمال مجمع تيقنتورين الذين اظهروا شجاعة وحكمة كبيرتين وساعدوا عناصر الجيش الوطني الشعبي ومختلف أسلاك الأمن المشتركة لتحرير الرهائن الغربيين والجزائريين على حد سواء. وعكست احترافية الجيش الوطني الشعبي والتدريبات الكبيرة التي خضع لها والتي جعلته مرجعا عالميا في مكافحة الإرهاب مدى قدرة الجزائر على التصدي للجماعات الاجرامية مهما كانت دمويتها، وتم تجنب مجزرة حقيقية كانت سترتكبها الجماعة الدموية ومنه زيادة الضغط الدولي على الجزائر من خلال الترويج لعدم قدرة بلادنا على توفير الحماية للعمال والاستثمارات الأجنبية، وقد صنعت شهادات الأجانب في تيڤنتورين من يابانيين وبريطانيين ونرويجيين وأمريكيين وبريطانيين عند عودتهم إلى بلادهم وعلى مستوى وسائل إعلام دولهم ضربة موجعة لكل من شكك في قدرات الجزائر خاصة وأن الجميع تقاطع في نجاعة تدخل الجيش الوطني الشعبي وخروجه بأقل الأضرار خاصة في ظل الظروف الصعبة جدا التي كانت تحيط بالعملية. الرسالة واضحة لأزمة الساحل وردت الجزائر بطريقتها على الأوضاع في الساحل بعد أن كان الكثيرون يرغبون في الزج بها في التدخل العسكري بمالي، وتفادي دعوة الجزائر لاستعمال الدبلوماسية كأفضل سبيل لحل المشكلة نهائيا وهو ما أزعج الكثيرين من أصحاب المصالح والأطماع الضيقة والتي استغلت ما وقع في تيقنتورين لزيادة الضغط على الجزائر قبل أن تنفرج الأمور وتؤكد بلادنا تمسكها بمبادئها الدبلوماسية واحترام الأعراف الدولية في حل المشاكل والخلافات. وأجبرت الظروف التي أعقبت التدخل العسكري في مالي على العمل بنصائح الجزائر من خلال فتح الحوار بين مختلف التيارات المالية وتنظيم انتخابات أرجعت السلم والاستقرار للمنطقة وتم التخلي نهائيا عن فكرة التدخل الأجنبي بعد أن وقف الجميع على الواقع الحقيقي لمنطقة الساحل التي تحتاج لمشاريع التنمية والمعاملات الإنسانية بدلا من القواعد العسكرية والطمع في المواد الأولية للمنطقة وهي الأهداف التي لم تعد تخفى على أحد. ومن الأهداف التي أحبطتها بلادنا هي استهداف الاقتصاد الوطني سواء من خلال تنفير الشركات الأجنبية على الاستثمار في الجزائر وإضعاف عائداتها بالعملة الصعبة من خلال ضرب المواقع النفطية والمحروقات التي تشكل عائداتها 97٪ من العملة الصعبة. وقامت الجزائر بمجهودات جبارة من خلال توظيف كفاءات شبانها لإعادة تشغيل مركب تيقنتورين وضمان تزويد مختلف الزبائن بما يحتاجونه وتم تجاوز عقبة هجرة الكفاءات الأجنبية التي يظهر أن عدم عودتها ليس لمبررات اقتصادية وإنما لحسابات سياسية لدولها التي كانت تحاول افتكاك مكاسب أخرى غير معلنة. وبمرور الوقت تيقنت تلك الدول قدرة الجزائر على تأمين نفسها واحتياجاتها وهو ما جعلها تعلن عودتها للاستثمار في الجزائر. وقد تمكنت الجزائر بعد تيقنتورين من إحباط جميع محاولات الجماعات الدموية التوغل عبر حدودها واستهداف منشآتها الحيوية ومواطنيها بنجاعة ومردودية عالية الدقة من الحدود التونسية إلى الحدود الليبية والنيجيرية والمالية والموريتانية في صورة تؤكد قوة البلاد وحرصها على تأمين حدودها ودول المنطقة من خطر الإرهاب.