نظم المتحف الوطني للمجاهد، بالتعاون مع المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة 1 نوفمبر 1954، أمس الأول، ندوة تاريخية حول دور الإعلام في إذكاء ثورة التحرير الوطني 1954-1962 وهذه تحت إشراف وزير المجاهدين، الطيب زيتوني، وبحضور وزراء الشؤون الدينية والأوقاف والثقافة والإعلام وبعض الإطارات السامية من المجاهدين، يتقدمهم رئيس الحكومة الأسبق، عبد السلام بلعيد، ووزير الداخلية الأسبق نورالدين يزيد زرهوني، والعقيد يوسف الخطيب قائد الولاية التاريخية الرابعة. جاءت كلمة وزير المجاهدين الافتتاحية منصبة على أهمية الإعلام إبان الثورة التحريرية، ليذكر بضرورة جعل الرسالة الاعلامية أداة إيجابية للبناء واستخلاص العبر داعيا إلى تحصين الشباب بقيّم الثورة من شأنه تحصين الوطن من كل مكروه، حيث اعتبر أن الرسالة الاعلامية مقدسة وعظيمة وذكر أن الوزارة تعمل على إطلاق أفلام وعقد ندوات خاصة بالتعذيب والتنكيل الذي تعرض له الشعب الجزائري خاصة النسوة والأطفال، وذكر بأن التاريخ يؤكد أنه الوسيلة الأكثر تأثيرا في مسار أهمية حياة الشعوب واتجاهاتها وقيمها، أثره لا يقل عن قوة السلاح، إذا أحسن استعماله استطاع أن يؤثر كما تؤثر الأسلحة الفتاكة الأخرى وربما أكثر. بعدها تم عرض شريط وثائقي يبرز دور الإعلام الثوري ومدى أهميته في نقل القضية الجزائرية من الجبال وتدوينها على صفحات الجرائد التي كانت تنشر هناك. تداول على المنصة كل من لمين بشيشي ومحي الدين عميمور وكذلك المؤرخ محمد عباس، حيث تطرق بشيشي إلى أهمية الإعلام في بداية المراحل الأولى من الثورة، معرجا على دوره في الحركة الوطنية من خلال الجرائد الثلاث التي كان يشرف عليها كل من الحزب الاشتراكي الجزائري، ثم أوضح أن دوره كان التأييد وحشد المناصرين للقضية، مقدما بعض الشهادات التي عايشها هو مع حركة البيان الجزائري، وعندما كان عضوا في جبهة التحرير، وذكر أن أول ميلاد للإذاعة الجزائرية في شهر سبتمبر 1956 بعد أن تمكنت الثورة من الحصول على أجهزة اتصال متطورة وهي الإذاعة التي بدأ بثها بعبارة «هنا إذاعة الجزائر». أما عميمور فقدم مداخلته حول دور الإعلام أثناء الثورة التحريرية، وأوضح كيف فضلت جبهة التحرير ولوج ميدان الإعلام بإمكانات بسيطة، حيث أصدرت عدة نشريات إبان الثورة من بينها: «الوطن، صدى الجبال، التيطري، حرب العصابات»، أما جريدة «المقاومة الجزائرية» فهي أول جريدة جزائرية تصدر في سنة 1955 تلاها بعد ذلك صدور جريدة المجاهد في 1957. أما المؤرخ محمد عباس فركز في مداخلته على الاستراتيجية الإعلامية التي وضعتها جبهة التحرير في بناء وسائل إعلامية كانت رفيقة للعملية المسلحة، حيث دعمت الثورة قدراتها الإعلامية وفعلتها بعبقرية تواصلية بعد أن فتحت عدة مكاتب إعلامية لها في مختلف بلدان العالم، كان أولها مكتب القاهرة 1955 ثم انتشرت إلى باقي دول العالم، حيث ساهمت هذه المكاتب في تدويل القضية الجزائرية والتعريف بها وإسماع صوتها في الأممالمتحدة. أما يوسف الخطيب، قائد الولاية التاريخية الرابعة، فقد أوضح بأن عبان رمضان كان له الفضل الكبير في إصدار أول منشور بعد خروجه من السجن إلى غاية مؤتمر الصومام أين كان منشور «دليل الفدائي» محرك العملية الاتصالية بين الوحدات وبين الشعب. الندوة التي حضرتها وجوه تاريخية وثورية، حضرها أيضا طلبة مدارس الشرطة والدرك والحماية المدنية إلى جانب أفراد من الأسرة الإعلامية التي لها بعض المساهمات في هذا الموضوع الذي كان أيضا إلى جانب الإعلاميين هو امتداد أيضا الى مجموعة من المحترفين والمصورين والمحققين والمذيعين الذين نجحوا في تعبئة الجماهير الشعبية لخوض معركة التحرير وكسب تعاطف وتأييد الرأي العام الدولي مع القضية الجزائرية وتغيير صورة المستعمر الزائفة التي كان المستعمر الفرنسي يروج لها.