نظم المتحف الوطني للمجاهد أمس، ندوة تاريخية بعنوان "دور الإعلام في إذكاء ثورة التحرير الوطني" عرض فيها المشاركون أهمية آلة الإعلام في صناعة مسار التاريخ وتحولاته الكبرى من خلال استراتيجية تعكس عبقرية من أسسوه فحطموا به الدعاية الفرنسية في الداخل والخارج. حضرت الندوة شخصيات وطنية ودبلوماسيون وبعض الوزراء منهم وزير المجاهدين الطيب زيتوني، الذي أسهب في الحديث عن مآثر الثورة وتضحيات أبناء الجزائر التي بقيت علامة في التاريخ الوطني والعالمي، كما صرح أن قطاعه مهتم بتفعيل الذاكرة الوطنية لحملها للأجيال الصاعدة وذلك من خلال تسطير أنشطة ثقافية متعددة عبر المتحف الوطني للمجاهد والمتاحف الجهوية، وعبر مختلف المراكز كالمركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر. وأكد السيد الوزير، أن هذا البرنامج تجسيد لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية، وأضاف أن للإعلام دورا في تبليغ رسالة الشهداء، علما أن هناك عمل جبار لتوثيق هذا التراث الثوري لنقله للأجيال عبر كامل التراب الوطني من خلال المراكز والمتاحف وغيرها كل ذلك في إطار معرفي. وقال المتحدث علما أن الوزارة تجندت بشكل تام من خلال إنتاج الكتب والأشرطة المضغوطة والندوات، ويجري حاليا التحضير لندوة عن "التعذيب والتشريد والاعتداء على حرمة المرأة والطفل في الثورة"، ليطلع عليها شباب اليوم، كما أشار إلى الثمن الذي دفعته الجزائر كي تفتك استقلالها. للإشارة فقد أدار الندوة الدكتور جمال يحياوي، وكان أول المتدخلين فيها الأستاذ لمين بشيشي، الذي تحدث عن مجلة "المقاومة" باعتبارها أول نشرية رسمية شاملة للثورة، كما تحدث عن دور الأحزاب الشيوعية الجزائرية في تشكيل التجربة الإعلامية المكتوبة أثناء الثورة انطلاقا من فرنسا، حيث حرضت على مكافحة تجنيد أبناء الجزائريين في صفوف الجيش الفرنسي للقتال في الجزائر، ومن بين النماذج التي تحدث عنها "ألجيري ريبوبليكان" التي استمر صدورها بعد الاستقلال. من جهة أخرى نوه المتدخل بجهود الفنون كالمسرح والموسيقى والأدب في العملية الإعلامية. من جانبه حرص الدكتور محيي الدين عميمور، على إبراز عبقرية الثورة في الميدان الاعلامي من خلال بياناتها ومناشيرها ابتداء من بلاغ 30 أكتوبر 1954، الموجه لجيش التحرير وهو موثق اليوم بالأرشيف الوطني يحمل 3 أساليب قمة في الدعاية، وهي مخاطبة الشعب مباشرة وبصيغة المفرد وبحميمية، ومخاطبته ثانيا بصيغة الجمع لتشجيعه وإقناعه بوحدة المصير، ثم بصيغة الجمع المتكلم "نحن"، وأكد أن الراحل بوصوف، كان عبقريا في الدعاية والاعلام في حرب التحرير، ورغم محدودية خبرته الاعلامية فقد كان ذا ثقل استراتيجي، وكلها عوامل أثرت في الشعب وجندته سياسيا وعسكريا.الأستاذ الباحث محمد عباس، لام جزائر ما بعد الاستقلال التي قصّر أبناؤها في تدوين هذه الملاحم، بينما فرنسا المهزومة كتبت روايتها التاريخية عن ثورتنا باكرا، وهكذا، وبدل أن نكون في موقع هجوم أصبحنا في موقع دفاع عن ما يكتبه الغير في الضفة الأخرى. المتحدث استنكر غياب الجانب التاريخي على صفحات جرائدنا، مرجعا ذلك إلى نقص الخبرة والتخصص وكل ما تتناوله الصحافة هو مجرد إثارة على حساب الموضوعية أو قراءة فيما يكتبه فرنسيون، ملحا على ضرورة النهوض بالإعلام التاريخي، داعيا إلى فتح قناة تلفزيونية متخصصة في الشؤون التاريخية. تدخل بعد اختتام الندوة العقيد يوسف الخطيب، الذي سرد مراحل الثورة التي تطور معها الفعل الاعلامي، خاصة بعد انعقاد مؤتمر الصومام، مستعرضا دور جهاز الاتصال وفروعه، منها فرع الإعلام الذي كان بيد مناضلين مثقفين أنتجوا العديد من العناوين منها مجلة "الثورة" و«دليل الفدائي" وعدة رسائل ومنشورات موجهة للشعب أو للفرنسيين أو للفيف الأجنبي بالجيش الفرنسي. وعلى هامش اللقاء أكدت السيدة نادية لعبيدي، وزيرة الثقافة، على أهمية التراث التاريخي والثوري للجزائر، مقترحة تجميع الأناشيد الوطنية في سيمفونية وإهدائها للأطفال، كما حثت على البحث في سير الأبطال والشهداء أمثال الشهيد العربي بن مهيدي، الذي كان يتعاطى فن المسرح، وكذا البحث في النضال الذي خاضه شعبنا ومبدعونا في شتى الفنون وساهموا بها في تعبيد طريق النصر. للتذكير فإن كل ما حققته الثورة الجزائرية من إنجازات خلال حربها الإعلامية ضد الاستعمار الفرنسي، هو بفضل مجموعة من المحترفين من محققين ومصورين وسينمائيين ومذيعين وديبلوماسيين وغيرهم ممن نجحوا في تعبئة الجماهير لخوض معركة التحرير، وكسب تعاطف وتأييد الرأي العام الدولي، وكذا تغيير الصورة الزائفة التي كان المستعمر يروجها عن الثورة.