لعل أبرز ما شد ترقب واهتمام الجبهة الاجتماعية في قانون المالية لسنة 2015 الذي صادقت عليه غرفتا البرلمان، تضمنه إلغاء المادة 87 مكرر، التي ستفضي إلى الزيادة في أجور فئة معتبرة من العمال والموظفين، ويمثل هذا القانون بما رصد فيه من ميزانية، السنة الأولى لتجسيد البرنامج الخماسي الذي سيمتد إلى غاية عام 2019، ويولي أهمية كبيرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء، حيث خصصت فيه موارد مالية معتبرة لاستحداث الثروة و مناصب الشغل وتفعيل عدة قطاعات حيوية مثل الصحة والسكن والبنى التحتية. رغم تراجع أسعار النفط لازالت الدولة تعنى بتمويل الاقتصاد الوطني وتبذل الجهود لامتصاص البطالة وتسهر على توفير السكن في قانون المالية الذي يدخل حيز السريان في الفاتح جانفي الداخل، على اعتبار أن برنامج الدعم الاقتصادي رصد له غلاف مالي لا يقل عن سقف 811.9 مليار دينار، ولا يخلو قانون المالية لسنة 2015 من تمويل سلسلة من القطاعات الحيوية على غرار السكن والري والطاقة والتربية، مع تأكيد العزم على مواصلة الدولة من خلال ميزانيتها للتكفل بالفئات الهشة وترقية الشغل، رغم تسجيل عجز الميزانية وعجز في الخزينة خارج صندوق ضبط الإيرادات بنسبة تناهز 22.2 بالمائة، رغم أنه ينتظر تسجيل صندوق ضبط الإيرادات تراجعا بنسبة 23.4 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في سنة 2015. وتشكل التحويلات الاجتماعية في قانون المالية الجديد أحد أكبر اهتمامات الدولة بعد التنمية الاقتصادية التي تولد الثروة وتستحدث مناصب الشغل، لأنه سجل ارتفاع في التحويلات الاجتماعية بنسبة تناهز 6.4 بالمائة أي ب 102.6 مليار دينار، علما أن إجمالي التحويلات الاجتماعية وصل إلى حدود 1711.7 مليار دينار. يذكر أنه بخصوص الوضع الراهن لصندوق ضبط الإيرادات، فإنه يسجل فيه فائض يتوقع أن تبلغ قيمته 2634.2 مليار دينار، ومن المقرر أن يقتطع منه 3489.7 مليار دينار لتمويل عجز الخزينة أي حوالي 83.3 بالمائة من العجز المتوقع في عام 2015 وما تجدر إليه الإشارة أن موارد صندوق ضبط الإيرادات من المتوقع أن تصل نهاية السنة المقبلة 4429.3 مليار دينار أي ما يعادل23.4 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. وإن كان الإبقاء على السعر المرجعي الجبائي لبرميل النفط الخام استمر في حدود 37 دولارا أمريكيا كإجراء احترازي، استقر سعر صرف الدينار عند 79 دينارا للدولار الأمريكي الواحد، لكن بالموازاة مع ذلك فإن نفقات التسيير شهدت زيادة بنسبة 5.5 بالمائة أي ما يماثل257.8 مليار دينار مقارنة بقانون المالية لسنة 2014 بالإضافة إلى الزيادة المحسوسة في نفقات التجهيز بنسبة 48.7 بالمائة أي ما يعادل 1335.4 مليار دينار، لتقفز إلى 4079.7 مليار دينار، مسجلة زيادة ب32.1 بالمائة، لأنها تتوزع على نفقات الاستثمار بقيمة مالية تماثل 2802.1 مليار دينار. ويعول كثيرا على الاستثمار في عدة قطاعات حيوية على غرار النسيج الصناعي والفلاحة والسياحة وحتى قطاع الخدمات في تسريع وتيرة التنمية لمواجهة التراجع في أسعار البترول، وتحرص الدولة في قانون المالية الجديد تنويع مصادر تمويل الاستثمارات، حتى لا يعتمد بشكل كبير على الميزانية وحدها، ويندرج ذلك في إطار إصلاح الميزانية. ويواصل قانون المالية الذي يدخل حيز السريان في الفاتح جانفي الداخل على إيلاء العناية ومنح الأولوية لأهم القطاعات الإستراتجية التي من شأنها أن ترفع النمو إلى نسب أعلى ويتعلق الأمر بالمجال الاقتصادي وكذا الشق الاجتماعي الذي يمول بسقف عال سواء تعلق الأمر بالرفع في أجور العمال والموظفين بطريقة مباشرة أو تشييد السكنات والعناية بقطاعي الصحة والسكن.