الصعوبات الظرفية لن تنال من تمسكنا بالعدالة الاجتماعية أكّد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أمس، حتمية تعزيز اليقظة للتصدي لكافة التهديدات الأمنية والصدمات الاقتصادية، وشدّد على إيجاد بدائل للمحروقات والاهتمام بمجالات النشاطات الأخرى، داعيا الجزائريين إلى صون الأمن والاستقرار والحفاظ على المكتسبات. حملت رسالة رئيس الجمهورية، بمناسبة الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وتأميم المحروقات، التي قرأها المستشار علي بوغازي، أمس، أمام عمال ولاية وهران بالمنطقة الصناعية أرزيو، تثمينا لما حققه الشعب الجزائري من مكتسبات اقتصادية واجتماعية بعد استكماله لسيادته الوطنية باسترجاع السيادة الاقتصادية. وقال «أن 24 فيفري لسنتي 1956 و1971، يومين مجيدين نحتفل بهما مع عمال جميع القطاعات ترسيخا لدعائم السيادة الوطنية»، مضيفا «أن الممارسة المشروعة لهذه السيادة تكلل اليوم بفضل تضحيات الشعب وطبقاته الكادحة في عهد الاستعمار» معتبر أن تأمين التنمية الاقتصادية والاجتماعية مطابق لمثل الثورة التحريرية. وربط بوتفليقة، الظرف الراهن بالتحديات الأمنية والتوترات القائمة في الجوار الإقليمي والمحيط الدولي، وحثّ على تجند الجبهة الداخلية والاستعداد التام للتصدي والمجابهة للحفاظ على الأمن والاستقرار، قائلا» إننا أمام محيط جهوي وعالمي مفعم بالاضطرابات ومشحون بالتهديدات، ويفرض على الجميع صيانة الأمن». وتابع الرئيس «إن السياق المحفوف بالمخاطر يقتضي تدعيم استقرار البلاد، وتعزيز اليقظة حيال أي تهديد من حيث أتى، بمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للقارات»، مجددا بذلك الأمر بأولوية تأمين الحدود ومواصلة الحرب على ظاهرة الإرهاب دون هوادة، وعدم التسامح مع كل ما قد يشكل خطرا على الأمن الوطني والقومي سواء كان مصدره من الخارج أو الداخل. واعتبر القاضي الأول في البلاد، الفساد بكافة أشكاله عملا إجراميا، يستوجب التصدي له بالمحاسبة والعقاب، وذلك في سياق تشديده على «حماية الاقتصاد الوطني من كافة أشكال النهب والمساس الإجرامي». وتناول عبد العزيز بوتفليقة، أزمة تهاوي أسعار النفط في السوق الدولية، بنظرة استشرافية، واصفا إياها «بالأزمة التي لا تقل خطورة عن الأزمات السابقة التي عشناها» لافتا، إلى «أن سياسة التقشف لا تكفي لمواجهتها، وأن اللجوء إلى الصبر حتى تعود الأسعار إلى سابق عهدها ليس سوى أمل مؤقت سينتهي عندما تنضب آبار البترول لتعود الأزمة أشد علينا». ويرى الرئيس أنه « ليس لنا من سبيل إلا الاعتماد على إمكاناتنا الذاتية وسواعد عمالنا وعبقرية علمائنا»، ما يفهم منه أن الأمن الاقتصادي للجزائر يبنى على تنويع مجالات النشاط وعدم المراهنة على النفط إلى جانب انخراط الجميع في دينامكية منسجمة لتجسيد أهداف الاستقلال عن المحروقات. ودعا في السياق إلى الاهتمام أكثر بقطاعات أخرى منتجة للثروة، كالصناعة، البتروكيمياء، الفلاحة، السياحة وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، تضاف إلى المجالات الثقافية والروحية. وطمأن في ذات الوقت، باتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لصدمة انخفاض أسعار النفط، وتقليص انعكاساتها على المواطنين خاصة الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفا، عبر رفع وتيرة الإصلاحات وتعميقها. واعتبر أنها صعوبات ظرفية «لن تنال من تمسكنا الدائم بتحقيق العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني»، ووعد بمواصلة سياسة تشغيل الشباب وإنشاء المشاريع السكنية بكافة صيغها لضمان استفادة المحرومين منها من ظروف معيشية لائقة وكريمة. وعبّر رئيس الجمهورية، عن اعتقاده الراسخ بقدرة الجزائر على بلوغ مرتبة التنوع الاقتصادي، بالنظر لما لديها من تجارب وخبرات اكتسبتها من الأزمات التي كادت أن تعصف بها كدولة، «لولا يقظة الشعب وتلاحمه وعبقريته في التفوق على المحن». وأكّد على أهمية المحافظة على السلم والأمن، باعتبارهما شرطان أساسيان للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا لاستعادة البلاد لمكانتها كاملة على الصعيد الأممي بفضل الاستقرار « حيث أصبحت مرجعا في الوساطات تعقد عليها الآمال في حل النزاعات. وجدّد الالتزام التام بالاستفادة من موارد النفط، الغاز التقليدي، الغاز الصخري والطاقات المتجددة، واستغلالها لصالحنا وصالح الأجيال القادمة، مؤكدا تحري « الحرص كله على سلامة الصحة العمومية للسكان وحماية البيئة».