رصدت صحيفة ذي غارديان البريطانية من خلال مراسلها في قطاع غزة روري مكارثي قصصا لضحايا الإصابات النفسية والجسدية التي تطال أكثر من 350 ألف طفل من جراء العدوان الإسرائيلي وبالمقابل استأنف الطلبة أمس في قطاع غزة دراستهم بعد أن منعهم منها العدوان الإسرائيلي الذي بدأ يوم 27 ديسمبر الماضي واستمر على القطاع ثلاثة أسابيع، حيث ألحق دمارا كبيرا بالبنية التحتية للقطاع. وقد تعرضت عدة مدارس في قطاع غزة أثناء العدوان لقصف إسرائيلي دمر بعضها، وقتل الكثير من المدنيين الذين لجؤوا إلى بعضها الآخر كما حدث في مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي استشهد فيها 40 شخصا بعد أن قصفها الطيران الإسرائيلي يوم السادس من جانفى الجاري. وبالإضافة إلى المدارس الحكومية التي استأنفت عملها أمس، قال المتحدث باسم الأونروا كريستوفر غانيس، إن المدارس التي تسيرها الوكالة في القطاع وعددها 221 مدرسة، ستفتح أبوابها أمس أمام نحو 200 ألف طالب وكان عدد من مدارس الأونروا ملاجئ للمدنيين الفلسطينيين خلال العدوان الإسرائيلي الذي خلف أكثر من 1300 شهيد وآلاف الجرحى. من جهتها رصدت صحيفة ذي غارديان البريطانية من خلال مراسلها في قطاع غزة روري مكارثي قصصا لضحايا الإصابات النفسية والجسدية التي تطال أكثر من 350 ألف طفل من جراء العدوان الإسرائيلي. ونقلت الصحيفة قصة أميرة قرم (15 عاما) التي تستلقي على سرير المستشفى وقد لفت رجلها اليمنى بالجبس ويخترقها قضيب من المعدن. فبعد عدة أيام من العملية التي خضعت لها، بدت أميرة عاجزة عن الكلام، وإلى الآن لا تستطيع سوى الهمس ووصفت الصحيفة الذكريات التي تطارد أميرة بأنها في غاية المرارة، فقد كانت شاهدة على مقتل والدها في الشارع خارج منزلها وسمعت قذيفة أخرى تسقط على الأرض لتردي شقيقها علاء (14 عاما) قتيلا، وكذا شقيقتها عصمت (16 عاما)، كما تحمل أميرة في ذاكرتها الأيام الثلاثة التي قضتها وهي جريحة وشبه فاقدة للوعي، محاولة البقاء على قيد الحياة في منزل مجاور لها قبل أن يتم إنقاذها الأحد الماضي وأشارت الصحيفة إلى أن أمام أميرة مشوارا طويلا من العلاج حيث تستعد للسفر إلى فرنسا لتلقي العلاج المناسب والعديد من العمليات وفترة طويلة من العلاج النفسي. وبعد الانتهاء من دفن من قضى في هذه الحملة، تبرز المعاناة الصادمة التي يتكبدها أطفال غزة الذين يمثلون أكثر من نصف سكان القطاع. ومضت ذي غارديان تقول إن تأثير هذه الحرب سيبقى لعدة سنوات مقبلة، مستشهدة بما قدره برنامج الصحة المجتمعي بغزة من أن نصف الأطفال (نحو 350 ألفا) سيعانون من الاضطرابات النفسية لما بعد الصدمة ويقول المتخصص في علم النفس إحسان عفيفي: إن المشكلة أن الأطفال لا يشعرون بالأمان في كل مكان، سواء في منازلهم أو في الشارع أو حتى في المساجد .. فالإصابات الجسدية يمكن علاجها مع مرور الوقت، أما المشاكل النفسية فهي التي قد تبقى معهم إلى الأبد وحسب الطبيب النفسي إياد السراج فإن كثيرا من الأطفال باتوا يعانون من التبول اللاإرادي والتلعثم في الكلام والأرق عند النوم والتحول إلى العنف وفقدان الشهية.