يتحدث محمد باتويتي، رئيس جمعية تربية المائيات "تديكيلت" عين صالح، في هذا الحوار المقتضب الذي خصّ به "الشعب" عن التجربة الأولى لسكان عين صالح مع تربية المائيات المدمجة مع الفلاحة، حيث يقول إنها تجربة حديثة العهد وبالرغم من ذلك استطاعت استقطاب اهتمام الشباب خاصة، لمضاعفة المنتوج الفلاحي، وتوفير غذاء طازج غني بالبروتين الحيواني و الأوميقا 3. كما يتحدث عن مواضيع أخرى، تابعوها في بقية الحوار. تربية المائيات تجربة جديدة في المنطقة، كيف جاءتكم الفكرة للاستثمار في هذا المجال؟ تربية المائيات في المياه العذبة مثل أي مشروع يفكر الفرد الاستثمار فيه، مثل تربية الدواجن، الأغنام، تربية النحل وغيرها، صحيح هي تجربة جديدة في المنطقة، لكن هذا لم يمنعنا من التفكير في الاستثمار في هذا المجال، وقد قمنا بالاتصال مع غرفة الصيد البحري وتربية المائيات لولاية ورقلة التي استجابت لطلبنا حيث منحونا الأسماك منذ عام. ما لاحظناه أن التجربة الأولى نجحت مائة بالمائة، وقد تمكنت الأسماك من التفريخ والنمو، خاصة وأن كل الشروط متوّفرة من مياه وحرارة، وفي فصل الشتاء جو دافئ وهي عوامل مساعدة لنجاح مثل هذا النوع من المشاريع. و كم عدد الشباب الذين استقطبتهم هذه الحرفة؟ في البداية كان الاستثمار من أشخاص منفردين، تقريبا 3 مستثمرين كنت واحد منهم، لم يحصلوا على أي دعم من طرف الدولة، فقط كانت اجتهادات من طرف فلاحين شباب، خاصة بعد تراجع الإنتاج الفلاحي بسبب الاعتماد على الزراعة التقليدية، وهو ما كان يلزم علينا التفكير في أساليب جديدة واستعمال تقنيات حديثة، وقد تدخل الشباب الجامعي بقوة خاصة البطالين، لرفع هذا التحدي حيث قاموا بالاستثمار في الفلاحة وتربية المائيات، وكجمعية قمنا بمساعدتهم في جلب الأسماك لتربيتها في الأحواض، واستعمال مياهها فيما بعد في سقي المنتجات الزراعية، فالدراسات أثبتت أن مياه أحواض تربية الأسماك بديل جيد للأسمدة الكيميائية، إذ تضاعف مردود الإنتاج مرتين، وبعض الأشخاص استثمروا في ميدان تربية المائيات لأجل هذا السبب. الآن القائمة توّسعت حيث يقصدنا يوميا عشرات الشباب يطلبون الحصول على الأسماك، وقد لمسنا فيهم إرادة وحب العمل، خاصة وأن هذا الأخير أصبح مقتنعا بضرورة المشاركة في التنمية المحلية والوطنية، وهذا من خلال الفلاحة بدل الاتكال على الطاقة، لذا بدأ الاهتمام بالفلاحة بفضل حملات التحسيس والتوعية التي قمنا بها. على ذكر حملات التحسيس، ما هي الوسائل التي تعتمدون عليها لإقناع الشباب بالاستثمار في هذا الميدان الغريب عنهم؟ تحرص الجمعية على تحسيس الشباب بأهمية الاستثمار في مجال تربية المائيات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك، حيث نقوم بنشر مواضيع وتجارب خاصة بهذا المجال، وكذا توزيع الأقراص المضغوطة، وفيه الكثير من الشباب والفلاحين الذين استطاعنا استقطابهم حيث بدأت تصلنا العديد من الطلبات لمنحهم الأسماك، وإمدادهم بالمعلومات الكافية و مساعدتهم في إنجاز الأحواض الخاصة بتربيتها. وهل كان لتربية الأسماك المدمجة مع الفلاحة أثر على المردود الزراعي؟ طبعا، النتائج إيجابية وأنا شخصيا قمت بالتجربة ولاحظت تحسنا في مردود الإنتاج الفلاحي المسقي بمياه أحواض تربية الأسماك، سواء الخضر أو الفواكه، حيث أعطت مردودا أفضل، عن تلك التي استفادت من الأسمدة الكميائية، ولاحظنا أن الطفيليات والأعشاب الضارة يقضى عليها تماما عند السقي بمياه ذات الأحواض. رغم ذلك ثقافة استهلاك أسماك المياه العذبة ما تزال ضعيفة لدى السكان أو تنعدم أحيانا، لما برأيكم هذا العزوف؟ في البداية وكخطوة أولى وحتى يصل الشخص إلى هدفه وغايته لابد أن يمر بعقبات، فربما يجد بعض الانتقاد والفشل ويمكن أن يتسبب في توقيف مشروعه، لكن بلا شك بالإصرار سيبلغ الهدف، ونحن رغم الانتقادات و عدم تبني الفكرة في البداية إلا أننا واصلنا في الإنتاج، وهدفنا تحقيق الاكتفاء الذاتي لذا لابد من توسيع الفكرة ونشر ثقافة استهلاك هذه المنتجات وسط العائلات، عن طريق التحسيس والتوعية بفوائدها الصحية الكثيرة، لكن نتمنى أن يكون انسجام بين وزارتي الفلاحة والصيد البحري لدعم الفلاحين الشباب لانجاز أحواض لتربية الأسماك، واستقطاب الشباب الهواة لأن ذلك سيغطي فراغا وينمي شعبة هي غير معروفة في المنطقة، وحسب المعلومات المتوّفرة لدينا توجد اتفاقية بين الوزارتين، نتمنى أن تؤتي بثمارها في المستقبل ويستفاد منها على المستوى المحلي والجهوي والوطني. كذلك أملنا كبير في السلطات الوصية، التي نتمنى أن تولي أهمية لتكوين شباب المنطقة في هذا المجال، وإنشاء مركز لتفريخ الأسماك بولاية ورقلة على اعتبار أنها أصبحت قطبا جهويا ورائدة في مجال تربية المائيات، لإمداد ولايات الجنوب بصغار السمك، وتغطية طلبات الفلاحين وتوسيع مشاريعهم، مادام أن نتائجها مضمونة، وكذا تشجيع الشباب الآخرين على الاستثمار في هذا المجال للقضاء على البطالة خاصة وسط خريجي الجامعات، وبالتركيز على الفلاحة لأنها مخرجنا من الأزمة التي نعيشها.