كوريون يزرعون الأسماك في عمق الصّحراء الجزائرية فتحت تجربة تربية الأسماك في أحواض المائيات بالجنوب الجزائري شهية المستثمرين الأجانب خاصة من الكوريين الذين بدأوا يتوافدون للاستفادة من التجربة الجزائرية في إطار التعاون بين البلدين وهي تجربة ناجحة خاصة منها التي عرفتها ولاية ورقلة أين أنشأت العديد من المركبات والمنشآت في هذا المجال والتي من شأنها توفير المنتوج السمكي الطازج لسكان الجنوب وتوفير يد عاملة والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني خارج المحروقات وبالرغم من عديد العراقيل التي تواجه التجربة الفتية إلا أن مستثمرين خواص قرروا رفع التحدي في ظل توافر عاملي ملوحة المياه ودعم الدولة إلى جانب توفر العقار الذي يحتضن المشاريع الاستثمارية وهي كلها عوامل ستجعل الولاية بحسب مختصين في هذا المجال قطبا رائدا بامتياز في تربية المائيات. مبعوث النصر إلى ورقلة: أحمد ذيب ملوحة المياه ودعم الدولة من أبرز عوامل إنتاج السمك في الصحراء لعبت عديد العوامل دورا بارزا في إنجاح مشاريع تربية المائيات في عمق الصحراء الجزائرية وبات الوسط الصحراوي ليس عائقا لإنتاج الأسماك بل هو من أبرز الحوافز المشجعة على ذلك من خلال المناخ الملائم ووفرة المياه وملوحتها إضافة إلى التواجد الهائل للبحيرات والمسطحات المائية في المنطقة على غرار بحيرة حاسي بن عبد الله المتربعة على مساحة 5 هكتار وقناة وادي ريغ بطول 136 كلم وبحيرة لالة فاطمة بميقارين على مساحة 6 هكتار إضافة إلى بحيرة البحور بتماسين التي تمتد على طول 4 هكتار وبحيرة المير ببلدية العالية بدائرة الحجيرة التي تبلغ مساحتها هكتار واحد، ومن بين أهم العوامل المساعدة كذلك في جلب الاستثمار المحلي والأجنبي على حدّ سواء في تربية الأسماك توفر العقار وعدم حصول نزاعات على الملكيات والجيوب العقارية إضافة إلى الدعم الذي رصدته الدولة للمستثمرين في هذا المجال وتمكينهم من امتيازات جبائية وغيرها لدفعهم وحثهم على الاستثمار في المائيات، هذا وعملت مديرية الصيد البحري والموارد الصيدية لولاية ورقلة منذ نشأتها سنة 1999 على نشر ثقافة تربية المائيات بالمنطقة وذلك من خلال العمليات التحسيسية والأبواب المفتوحة على القطاع بالإضافة إلى عمليات الاستزراع السمكي التحسيسية التي قامت بها على مستوى أحواض السقي الفلاحي للمستثمرات الفلاحية من أجل دمج نشاط تربية المائيات مع النشاط الفلاحي وقد حققت العملية نجاحا كبيرا في هذا المجال من ناحية الخبرة التي اكتسبها المربون بعد أن قامت المديرية باستزراع ما يقارب 18 ألف أصبعية من سمك البلطي النيلي والأحمر في 450 حوض سقي فلاحي إضافة إلى استزراع 657600 من سمك القمبوزيا في إطار المكافحة البيولوجية للأمراض المتنقلة عن طريق المياه والقضاء على البعوض كما قامت المديرية باستزراع أزيد من مليون و163 ألف سمكة شبوط في المواقع المائية والبحيرات وهي كلها عمليات جعلت الفلاحين والمستثمرين يتوجهون إلى هذا النوع من المشاريع الاستثمارية الطموحة. مركبي مولاي والسيدة سرحان من الأمثلة الناجحة في تربية المائيات تحتضن ولاية ورقلة عديد الأمثلة التي أظهرت نتائج جيدة في تربية المائيات ولعل من أبرزها مركب مولاي محمد لتربية الأسماك ببلدية حاسي بن عبد الله والذي يعد من أكبر المشاريع في إفريقيا بطاقة إنتاجية تقدر ب1000 طن سنويا أين يختص في تربية أسماك البلطي النيلي والبلطي الأحمر عن طريق سلسلة من مراحل الإنتاج تبدأ بمرحلة التفريخ ومرورا بمرحلة ما قبل التسمين والتسمين وصولا لمرحلة التحويل والتسويق وذلك وفق معايير علمية وتقنية تتناسب وطبيعة المشروع كما يحتوي المركب على وحدة لإنتاج الجليد وغرفتي تبريد وورشة صيانة ووحدة تحويل وتعليب الأسماك ويوظف المركب في حال تشغيل طاقته القصوى 150 موظفا بين مهندسين وتقنيين وعمال أجانب، ومن المنتظر أن يتوسع المشروع الذي أنجز بغلاف مالي بلغ 70 مليار سنتيم ليشمل تربية سمك القط وهو النوع الذي ينمو بسرعة ومستهلك تجاريا، ومن بين المشاريع الناجحة كذلك والتي لم تجعل الاستثمار مقتصرا على الرجال فقط دون النساء مشروع مزرعة الزهراء لصاحبته سرحان سعيدة ببلدية حاسي لفحل بغرداية التابعة للمديرية الولائية للصيد بورقلة والذي يعتمد على التربية نصف المكثفة في أحواض ترابية مغطاة بالبلاستيك بطاقة إنتاجية تقدر ب450 طن سنويا ويشغل 31 عامل دائم. 10 هكتار لاحتضان مشروع جزائري كوري جنوبي لتربية الجمبري التجارب الناجحة التي عرفتها ولاية ورقلة في مجال إنتاج الأسماك من خلال تربية المائيات جعلت الطرف الكوري الجنوبي يسارع إلى احتضان الفكرة والسعي لتطويرها في إطار التعاون بين البلدين أين اتفق الطرفان على إنجاز مشروع لتربية الجمبري وإلى جانبه مركز بحث ووحدة للتفريخ وأخرى لصناعة الأغذية السمكية وأحواض التسمين وهو المشروع الرابع الذي ستحتضنه ورقلة على مساحة 10 هكتار ببلدية حاسي بن عبد الله بدائرة سيدي خويلد ورصد له من الطرف الكوري مبلغ 6 مليون دولار ومن الجانب الجزائري 22.9 مليون دينار، ويأتي الانطلاق في تجسيد المشروع الذي أن أنهى الطرف الكوري إعداد الدراسة الخاصة به منتصف شهر مارس من السنة الحالية في إطار برنامج دعم النمو وبحسب رئيس مصلحة تربية المائيات والصيد القاري بالمديرية الولائية للصيد البحري بورقلة بن موسى إسماعيل فبرمجة المشروع جاءت من أجل تطوير وتنمية تربية المائيات بالمنطقة إلى جانب ذلك فمن المتوقع أن ينتج المشروع بشكل يومي من 1 إلى 1.5 طن من الأغذية الخاصة بتربية الجمبري وذلك على مستوى وحدة تصنيع الأغذية التي سيتم تزويدها بأحدث الآلات والتجهيزات الحديثة إلى جانب ذلك فقدر قدرت المديرية الولائية للصيد البحري قدرة المشروع الإنتاجية من 10 إلى 20 طن في السنة وسيفتح بعد انطلاق تشغيله حوالي 20 منصب عمل دائم بين إطارات جامعية وباحثين بالإضافة إلى متعاقدين ومن المنتظر كذلك أن يلعب المشروع دورا هاما في إدماج المائيات بالفلاحة وذلك من حيث استغلال مياه أحواض تربية الجمبري الغنية بالمواد العضوية في السقي الفلاحي أما تأثير المشروع من الناحية الاقتصادية فمن المتوقع أن يوفر كميات هائلة من مادة البروتين الحيواني. أحواض تربية الأسماك تنتج أجود الأسمدة العضوية يكشف رئيس مصلحة تربية المائيات بن موسى إسماعيل بأن مديرية الصيد البحري بورقلة سعت منذ تأسيسها إلى زرع ثقافة وسط المواطنين والفلاحين بأن المياه التي تشكل أحواضا لتربية الأسماك تستعمل كأسمدة وبينت التجارب نتائجها الجيدة على المحاصيل الزراعية وهو أمر جعل الفلاحين يتخلون عن استقدام كميات كبيرة من الأسمدة العضوية نظرا لتكلفتها المرتفعة وتحولوا نحو تربية المائيات في أحواض صغيرة، ومن بين التجارب التي أثبتت نجاعتها تلك التي أجريت بين بستانين لإنتاج محصول "السلاطة" أين تم سقي الأول بمياه عادية والثاني بمياه حوض لتربية الأسماك هذا الأخير ظهرت فيه النتائج بشكل مبكر وبقيمة غذائية إضافية، وقام أحد الفلاحين بسقي محصول الدلاع فأنتجت أرضه نوعية رفيعة وصل وزن الحبة الواحدة حتى 25 كلغ، هذه التجارب جعلت صاحب المركب مولاي محمد يقوم بالاستثمار في غرس أشجار الزيتون أين أثمرت 800 شجرة مسقية بمياه الأسمدة السمكية في انتظار أن يوسع المساحة الزراعية إلى 6 آلاف شجرة زيتون وكان المعني قد قام بتجارب أولية على محصول البطاطا على مساحة نصف هكتار وأعطت هي الأخرى محصولا جيدا وقام بتوسيع التجربة على محاصيل البصل والجزر والكابويا وغيرها. استيراد الأعلاف من أبرز العراقيل التي تواجه المستثمرين في المائيات تواجه مشاريع تربية المائيات عديد المشاكل قد تعصف بالتجارب الرائدة مستقبليا بفعل ارتباطها الوثيق بعمليتي الإنتاج والتسويق وهي عراقيل تسببت في توقف مشروع تربية الأسماك بالمياه العذبة لصاحبه زيتوني عبد القادر بعين موسى بلدية سيدي خويلد بورقلة والذي تقدر سعته الإنتاجية ب500 طن سنويا، فالمشروع الذي كان يشغل 20 عاملا بصفة دائمة توقف فجأة بسبب مشاكل تموينية، وهي المشاكل نفسها التي تواجه اليوم مركب مولاي بالنظر لطول مدة دخول شحنات الأعلاف الخاصة بتسمين الأسماك وهي الشحنات المستقدمة من هولندا، وإلى جانب مشكل الأعلاف تواجه مختلف المركبات إشكالية تسويق منتوج سمك النيل البلطي المعروف بالتيلابيا ومختلف الأسماك بالنظر لطبيعة المنطقة الصحراوية وغياب ثقافة استهلاك الأسماك وارتفاع سعر الكيلوغرام الواحد من السمك في أسواق الجنوب.