في ضوء الخارطة السياسية والحزبية التي تفرضها متطلبات الانتخابات في إسرائيل ، بات واضحا أن معسكر اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو يتفوق على معسكر اليسار المزعوم بزعامة تسيفي ليفني بفارق كبير يعكس يمينية وتطرف الشارع الإسرائيلي . وهذا يعني أن الحكومة الإسرائيلية القادمة ستكون بقيادة عتاة الإرهاب نتانياهو وليبرمان ومعهم باراك الموعود بالاحتفاظ بحقيبة وزارة الحرب . وبالتالي فإن الشعب الفلسطيني الذي لم يخرج بعد من مرحلة العدوان والإبادة الجماعية ، سوف يدخل في مرحلة أقسى واشد فتكا ، إذا بقي الانقسام على حاله ولم يتدارك الأمر بالوحدة الوطنية وتحديد الأولويات في المرحلة القادمة . ولا اعتقد أن أحدا من السياسيين الفلسطينيين لا يعرف ما هو برنامج حكومة نتانياهو ومعسكره وبالذات بعد أن أعلنوا عنه للناخب الإسرائيلي . هم لا يعترفون بالاتفاقيات ولا بالمعاهدات الموقعة مع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير ، وبالتالي لا يعترفون بالسلام القائم على الانسحاب من الأراضي المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية لا من قريب ولا من بعيد ، ولا يقبلون الحديث عن القدس ولا اللاجئين ولا المستوطنات .. ولا عن يهودية الدولة وما قد يعنيه ذلك من خطر على أهلنا في 48 . ولكنهم تعهدوا بإنعاش الوضع الاقتصادي في مدن الضفة حسب رؤية ممثل الرباعية الدولية توني بلير ، على أمل صرف الأنظار عن الوطن والوطنية !! . ومن المؤكد أن حكومة نتنياهو لن تألو جهدا في الإبقاء على الوضع الحالي في غزة على ما هو عليه ، معزولا ، مفصولا ، عاصفة في فنجان . فسياسة شارون التي تعمدت فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية باتت سياسة إسرائيل المعتمدة ، على أن تبقى تحت السيطرة والهيمنة العسكرية الإسرائيلية . وقد تعهد نتنياهو بتصفية حماس إذا تجاوزت حدودها . !! وبما يسهل ابتلاع الضفة الغربية بالمزيد من المستوطنات ومصادرة الأراضي وفرض الأمر الواقع . فهل تعرف القيادات الفلسطينية أن هذا الفصل أيا كان الشكل الذي سيكون عليه يعني نهاية القضية الفلسطينية ومشروعها الوطني ؟ فإذا كانت تعرف ولا تعمل شيئا فتلك مصيبة وإذا كانت لا تعرف فالمصيبة أعظم . والحال هذه فالواجب الوطني والمسئولية التاريخية تدعو الجميع إلى التصدي لهذا المخطط الشيطاني . فسلخ غزة عن الضفة تحت أية تسميات مؤامرة وخيانة ، لان وحدة الأرض ووحدة الشعب ووحدة القضية فرض عين ديني ودنيوي ، ولا يجوز معه الاجتهاد والتفذلك . فالقدس والوحدة الوطنية والوحدة الجغرافية بين الضفة والقطاع ليست شعارات ترفع لإذكاء مشاعر الجماهير، وإنما هي ممارسة، نحن أحوج إليها اليوم من أي وقت مضى بعد كل الذي حدث ، لتفعيل المجتمع العربي والدولي ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم للتصدي لسياسات الحكومة الإرهابية القادمة في إسرائيل ، والتي ستحاول الإجهاز نهائياً على أية فرصة مهما كانت ضئيلة للحد من الأطماع التصفوية والتوسعية الإسرائيلية على حساب التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني . وحري بمن يفعل كل الموبقات دفاعا عن الشعب الفلسطيني وباسمه أن يعرف جيدا أن هذا ما يريده الشعب الفلسطيني .