يعد إطلاق مشروع تهيئة 31 حظيرة اقتصادية عبر مختلف المناطق خلال زمن قياسي لا يتعدى ثلاثي واحد، بتعليمة صارمة للوزير الأول، من شأنه أن يغير الكثير، سواء ما تعلق باحترام آجال الإنجاز وكذا السرعة في إعطاء وجه جديد للاستثمار، بعد إنهاء الضغط على المشاريع، وعلى اعتبار أنه لا يمكن من دون إنعاش الاستثمار، تكثيف النسيج المؤسساتي وإعادة الاعتبار للآلة الإنتاجية، لذا فهذه الحظائر ستكون وعاءً يضم آلاف المستثمرين ويشكل احترام آجال تهيئتها أكبر تحدّيا للقفز نحو النمو الحقيقي وخلق الثروة. من المرتقب أن يشرع، شهر سبتمبر القادم، في تهيئة وإنجاز حظائر اقتصادية لاستقطاب الاستثمار ولاحتواء المشاريع، حيث أعطى الوزير الأول مهلة الإنجاز إلى غاية نهاية السنة الجارية، حرصا منه على تسريع وتيرة التنمية وفتح المجال أمام أصحاب الأموال لاستثمارها في مشاريع حيوية تستحدث الثروة وتخلق مناصب الشغل. جاءت تعليمة الوزير الأول واضحة لكل من وزير الصناعة والمناجم وكذا وزير الداخلية، لمرافقة المشروع حتى يرى النور في مدة زمنية محددة لا تقبل التأخير أو التأجيل. ورغم أنه لم يتم الكشف عن الغلاف المالي الذي سيرصد لتجسيده عبر العديد من بلديات الوطن، لكن المقاربة تكمن في توسيع دائرة تشجيع إقبال المستثمرين من أصحاب المشاريع والأموال، في وقت الجزائر في مرحلة استثنائية فاصلة للتوجه بقوة نحو خلق الثروة وبناء اقتصاد ناجع يرتكز على التنمية الاقتصادية بدل إيرادات النفط. ولم تتضح بعد الصورة النهائية لنموذج من هذه الحظائر التي سوف تطلق، لأول مرة، في الجزائر. وسيجري تحديد الولايات والبلديات التي ستحتضن مثل هذه المشاريع التنموية، التي تستحدث الثروة وتمتص البطالة وتحقق النمو في مختلف المناطق التي تنتشر بها. وأكيد أن مشكل العقار الذي ظل يطرح كثيرا وبمرارة من طرف رجال الأعمال والمهتمين بالاستثمار في الجزائر في عديد القطاعات، بما فيها الصناعية، لن يكون أمامهم أي عذر، فبعد توفير العقار الصناعي وإرساء تسهيلات وإعفاءات جبائية كبيرة ومغرية والسير نحو إضفاء المرونة على القروض البنكية، يمكن القول إنه سينجح في إنهاء الضغط على تجسيد المشاريع. ولا شك في أن مثل هذه الحظائر من شأنها تكثف النسيج المؤسساتي وتفعل أداء الآلة الإنتاجية وتشكل فيما بعد قبلة للحركية الاقتصادية في البداية، من أجل تمويل الأسواق الوطنية والتقليص من الواردات ومن ثم التوجه بالتصدير نحو أسواق إفريقية وأخرى عربية. وينتظر أن تشكل هذه الحظائر، قاعدة اقتصادية حقيقية يمكن، إذا أثبتت نجاحها، أن تعمم وتوسع إلى مناطق أخرى لتعزيز النمو والرفع من مستويات التنمية خارج قطاع استغلال الثروات الباطنية القابلة للزوال. إذن، المهتمون بالاستثمار أمام آفاق واعدة لاقتحام هذا المجال ومسؤوليتهم كبيرة في تجسيد مشاريع تنموية يساهمون بها في بناء اقتصاد وطني متنوع وقوي، وما عليهم سوى انتقاء ما يمكن أن يساهم في إحداث الثروة، كون الدولة تسخر كل ما من شأنه أن يرفع من وتيرة التنمية ولا تفرق بين مستثمر تابع للقطاع العمومي وآخر تابع للقطاع الخاص.