إلى جانب الشّرعية الشّعبية المستمدّة من الانتخابات المحلية والولائية التي تجعل من رئيس البلدية سيّدا في إقليم حكمه، تشكّل الصّلاحيات القانونية والدّستورية المخوّلة لممثل الشعب في المجالس المحلية، أحد أهم المطالب المرفوعة من أجل تدعيمه بتلك القوة المعنوية لممارسة صلاحياته كاملة في تسيير شؤون المواطنين اليومية التي تزداد اتّساعا يوما بعد يوم. إنّ الحديث عن دور المنتخبين المحليين في مساعدة الإدارة والجهاز التنفيذي للولاية لتجسيد مختلف البرامج والمخططات التنموية في ربوع ولاية بومرداس المترامية على 32 بلدية أغلبها نائية، يقودنا إلى محاولة معرفة العلاقة بين الطرفين والحدود الفاصلة بينهم ونقاط المشتركة أيضا خدمة للصالح العام للمواطن، في إطار توسيع مفهوم الديمقراطية التشاركية التي تسعى إليها الحكومة لإشراك فعاليات المجتمع المدني، وممثلي الأحياء والقرى في إدارة الشأن المحلي وتحديد أولويات التنمية التي يتطلع إليها المواطن ربحا للوقت واقتصادا للمجهود وترشيد النفقات العمومية حتى تنجح هذه الإستراتيجية على أرض الواقع. كما تفرض هذه المسؤولية الملقاة على عاتق المنتخب المحلي تناول بعض الانشغالات التي ما فتئ يعبر عنها هذا المنتخب في أكثر من مناسبة، كان آخرها خلال اللقاء الذي جمع المنتخبين المحليين لعدد من ولايات الوسط بممثل وزارة الداخلية لشرح هذه الإستراتيجية وآليات تطبيقها واقعا، حيث تمّ رفع جملة من الانشغالات المتعلقة بقِصَر يد رئيس البلدية وتقلّص صلاحياته الإدارية لإدارة شؤون المواطن، أقلها ضرورة إشراكه في لجنة الصفقات العمومية، تسيير ملف السكن وصلاحية تسخير القوة العمومية لمجابهة بعض المشاكل التي تشهدها من حين لآخر بعض البلديات، وبالتالي تحمّل مسؤولياته كاملة. رئيس بلدية رأس جنات.. لا املك سوى قرارتوفير النظافة في هذه النقطة بالذات، حاولنا إشراك رئيس بلدية رأس جنات شرق بومرداس ناصر بن نبري، للحديث عن مسألة الصلاحيات وطبيعتها في نظر المنتخب المحلي. وهنا يقول محدّثنا: “للحديث عن صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي لا بد من تفعيل قانون البلدية والولاية أولا، وإضافة مواد توسع من صلاحيته في تسيير الشؤون المحلية للمواطن، وبالتالي تسمح له التدخل في الوقت المناسب لمعالجة انشغالات المواطنين اليومية في حينها، دون الرجوع في كل كبيرة وصغيرة للإدارة حفاظا على النظام العام، وتجنب المظاهر السلبية اليومية التي تعاني منها بلديات بومرداس كاللجوء في كل مرة إلى غلق مقر البلدية لأتفه الأسباب المتعلقة بتهيئة الأحياء، وتوفير بعض الأساسيات على غرار ما تعيشه بلدية رأس جنات على سبيل المثال. وأضاف قائلا: “أنا اليوم لا أملك في يدي سوى قرارات الهدم وتوفير النظافة للبلدية، في حين تبقى مسألة تسيير بعض الملفات الأخرى من صلاحيات الإدارة كملف السكن الاجتماعي، الصفقات العمومية والميزانية البلدية، وغيرها من القضايا الأخرى التي لا تخضع لسلطة رئيس البلدية، مع ذلك نثمّن إلغاء قانون سحب الثقة الذي كانت تعاني منه أغلب البلديات المؤدّي إلى الانسداد وغياب المداولات على المشاريع المحلية، وتعطيل شؤون المواطنين. وعن واجبات المنتخب المحلي والشروط المفروضة في صفة رئيس بلدية يكون أهل للثقة وعلى قدر كبير من المسؤولية، أكّد ناصر بن نبري “أنّ صفة رئيس البلدية بمثابة المسؤول على إقليمه الجغرافي من حيث السلطة والصلاحيات، لذلك يجب وضع شروط مسبقة للترشح لهذا المنصب الكبير حتى يكون في حجم المسؤولية التاريخية أمام المواطن الذي وضع فيه الثقة، وليس كل من هبّ ودبّ يقدّم نفسه كمرشّح، وهنا يمكن الحديث عن إرجاع هيبة “المير” المتلاشية.