بعد مرور القرابة الشهرين من الانتخابات المحلية التي جرت وقائعها يوم 29 نوفمبر ، التحقت العديد من الأحزاب السياسية الجديدة والقديمة، مكاتب المجالس المنتخبة “38 بلدية"، ومقر المجلس الشعبي الولائي، وجاء هذا بعدما الصراع السياسي بين المنتخبين من أجل الظفر بكرسي الرئاسة بالبلدية ثم تلتها عملية التنصيب، إلا أنها لم تكوّن سلسة في الكثير من البلديات بسبب عودة نفس الوجوه وتلاعب الأحزاب برغبة المواطنين وفرض منطق التحالف الذي سمح لوجوه غير مرغوب فيها العودة إلى سدة الحكم بالبلدية، ليبقى المواطن الذي ينتظر تحقيق الوعود التي قطعوها على أنفسهم خلال الحملة الانتخابية. وبعد كل التجارب المرة التي مر بها المواطن السكيكدي، لا يريد أن تتكرر من جديد لأنه سئم منها ومن التصرفات اللامسؤولة التي جعلته يعيش في كوابيس لا منتهية، وتعتبر العهدة الانتخابية السابقة، واحدة من أسوأ العهد الانتخابية بالنسبة لأمار ولاية سكيكدة على الإطلاق بسبب عدم إكمال غالبية المنتخبين لعهدتهم سواء بمقص العدالة أو بمقص والي الولاية أو بمقص المواطنين الذين تمكنوا أيضا من إسقاط رئيسي بلديتين بسبب الاحتجاجات المتكررة، أما المتابعات القضائية فحدث ولا حرج، حيث مست أكثر من نصف المنتخبين وأسقطت الكثير منهم. فالمواطن يطالب اليوم من كل الذين اختاروا تحمل هذه المسؤولية طواعية ومن أجل خدمته كما صرحوا أثاء الحملة الانتخابية، الاقتراب منه وأخذ انشغالاته اليومية والنزول إليه للإطلاع وعن كثب عن أوضاعه وهذا في كل مرة كما يطالبون من كل المنتخبين الخروج من مكاتبهم والنزول من فوق أرائكهم وصالوناتهم الدافئة والتفكير في الطرق التي تخدم المواطن والبلدية على حد سواء، وقد اقتربت جريدة “الشعب" من بعض المواطنين وأخذت انطباعاتهم حول ما ينتظرونه من “الأميار" والمنتخبين الجدد، فمنهم مثلا ببلدية أولاد أعطية غرب مدينة القل، هناك من قال، بأن هؤلاء المسؤولين لا يعرفون حقيقة الأمور بالبلدية بل يوجد من بينهم من لا يعرف بأن هناك أسر تعيش الفقر المدقع، بطالة قاتلة، النظافة غائبة، طرقات مهترئة بين المداشر، وتهيئة منعدمة، وكلاب ضالة حاصرت البلدية، وقضت على الماشية، أما آخرون ببلدية بوشطاطة ، 17 كلم عن مدينة سكيكدة، فأكدوا ل«الشعب" وبحكم احتكاكهم بالمنتخبين أنهم اكتشفوا أن البعض منهم لا يعرف خطورة المسؤولية الملقاة على عاتقه كونه لا يفقه شيئا في عالم التسيير، ويؤكد مواطن أخر، انه من الآن وصاعدا على كل من اختار ركب البلدية يجب أن يعلم أن المواطنين يراقبونه ويراقبون كل تصرفاته وتحركاته وأن الأمر سوف لن يكون كما كان عليه الحال في السابق. انشغالات ملحة يقول “ز.جمال" من مدينة سكيكدة وهو عامل بالمستشفى، رغم الأموال المكدسة خلال الخمس سنوات الأخيرة من قبل الدولة الجزائرية، ورغم الحرص الدائم للحكومة الجزائرية على التكفل بانشغالات المواطن، في إطار تعزيز الثقة بين المواطن والإدارة، إلا أن مواطني العديد من بلديات المدينة يشتكون سوء الاستقبال سواء تعلق الأمر بلقاء رؤساء البلديات لطرح الانشغالات، أو لاستخراج وثائق الحالة المدنية، لذا نأمل أن يتدارك المجلس المنتخب الجديد الأمر، ويضطلع بمهامه الأساسية، التي يجد المواطن ضالته في منتخبيه. كما لم يخف مواطنو بلدية عين الزويت، أسفهم وامتعاضهم من السلطات المحلية والولائية، فيما يتعلق بالعيادة الصحية وضعها خارج دائرة الاهتمام والأولوية رغم النداءات المتكررة من طرف المواطنين لدعمها، خاصة أن العيادة تفتقر أيضا لسيارة إسعاف لنقل المرضى إلى مستشفى عاصمة الولاية، حيث يضطر المواطن إلى نقل مرضاه عبر حافلات للنقل المسافرين أو أخد سيارات “الفرود" والخواص بأثمان مرتفعة، وكذلك يتساءل المواطنون بهذه البلدية عن درجة الإهمال التي فاقت كل التوقعات وناشد السكان رئيس البلدية المنتخب التدخل لوضع حد لهذه النقائص في القريب العاجل. فبالرغم من تخصيص وزارة الداخلية والجماعات المحلية لغلاف مالي معتبر لإعادة تهيئة مصالح الحالة المدنية والبلديات عموما، إلا أن البلديات الكبرى للولاية على غرار القل، عين قشرة، فلفلة، عزابة، لا تزال تحتاج إلى توسعة وإلى انجاز ملحقات لها، الأمر الذي دعا إليه مواطنو بهذه البلديات المنتخبين بالمجالس البلدية الاهتمام بهذا الأمر، مما يخفف متاعب الانتظار بطوابير لا تنتهي لاسيما أيام الدخول المدرسي والجامعي ومسابقات التوظيف، إضافة إلى تجنيب أعوان البلديات والشجارات اليومية مع المواطنين، للاحتكاك الكبير والفوضى العارمة. عرفت معظم أحياء بلدية القل، التي تقع في الجهة الغربية للولاية، الغياب الشبه الكلي لكل مشاريع التهيئة العمرانية الجادة، والبعيدة عن البريكولاج، وهو المشكل القديم الجديد الذي بات يؤرق سكان القل، وتحولت مدينتهم بعد سنوات من تناسيها، إلى مكان يصعب العيش فيه، إذ تحولت معظم طرقاتها إلى حفر، تتجمع فيها كل أنواع المياه القذرة، لتشكل بذلك مستنقعات للوحل يصعب السير فيها، خاصة وأنهم في فصل الشتاء، أين يتسبب تساقط الأمطار المستمر في شل المنطقة، ويحولها إلى بركة كبيرة يصعب التعامل معها، ناهيك عن غياب مشاريع تجديد الإنارة العمومية، أين تتحول شوارع البلدية ليلا، إلى ظلام دامس يصعب من عملية تنقل الأفراد، ويخلق جوا ملائما لتكاثر الأفعال الإجرامية وانتشار الاعتداءات واللصوصية، لتعرف المنطقة نموا رهيبا في عدد الاعتداءات على المواطنين، خاصة وأنها تجد الوقت والمكان المناسبين لتنفيذ مخططاتها، وبالإضافة لهذا يعرف قطاع البيئة هو الآخر تدهورا ملحوظا لانتشار أكوام النفايات في كل زاوية، وبسببها تتكاثر كل أنواع الروائح الكريهة، التي باتت تهدّد السكان بكارثة صحية ممكنة الحدوث، هي مشاكل لا تنتهي يقول سكان المنطقة، وبالمقابل يأمل المواطن البسيط من أن يكون المجلس المنتخب مؤخرا في مستوى تطلعات السكان، ويأخذ بهده المدينة السياحية إلى مكانتها الحقيقية. سكيكدة ولاية معروفة بطابعها الريفي، لم تأخذ حقها ونصيبها من التنمية الريفية، هذا ما قاله بعض المواطنين من بلدية بين الويدان، وأولى الاهتمامات السكن الريفي، حيث استفادت الولاية من حصص لا بأس بها من دعم الدولة لبناء سكن ريفي، إذ في المخطط الخماسي الماضي قدرت المساعدة ب50 مليون سنتيم، أو خلال المخطط الخماسي الحالي، حيث تمّ رفع الإعانة إلى 70 مليون سنتيم، ما استحسنه الكثير من المواطنين القاطنين في أرياف الولاية والمداشر الكثيرة، إلا أن البعض من سكان المنطقة علّق أن عدم ربط السكنات بالكهرباء وقنوات التصريف الصحي، جعلها هياكل دون روح، وزادت متاعب المواطن بين ربط عشوائي للكهرباء أو جلبها من الجيران أو دفع تكاليف باهظة تفوق طاقتهم، في ظل تهاون المنتخبين في إيجاد حلول للإشكال، أو إيصال انشغالاتهم إلى المسؤولين. الماء الشروب أهم ملف ويطالب أولياء التلاميذ بالجهة الغربية لولاية سكيكدة، بتعيير الوضع بعد تواصل غلق بعض المطاعم المدرسية أبوابها في أكثر من مدرسة وخاصة في المدارس الابتدائية، كما هو الحال في بلديات بني زيد، الشرايع وكذا القل، حيث لا يزال تلاميذ مدرسة نطور بدون مطعم مدرسي ويجبرون أكثر من 300 تلميذ على التنقل لمسافة تصل إلى كيلومتر، من أجل تناول وجبة الغذاء، وإن كانت نوعية الأكل في الغالب باردة، لكنها تبقى مقبولة، ويطالب الأولياء بضرورة فتح المطاعم المدرسية من أجل تبديد مخاوفهم من إرهاب الطريق المحفوف بالمخاطر. وقد لجأ العديد من أولياء التلاميذ ببلديتي الشرايع وبني زيد بمقاطعة الدراسة احتجاجا على تواصل غلق المطعم المدرسي مند الدخول الدراسي الجديد، من أجل تمرير رسالة سريعة إلى البلديات على اعتبارهم المسؤولين على تسيير تلك المطاعم. ويبقى ملف الماء الشروب أهم ملف يلقى انشغال المواطن بالولاية، التي تتوفر بها أربعة سدود محطة لتحلية مياه البحر، ويطالب المنتخبين الجدد بإيجاد بدائل لندرة الماء ولابد من إيجاد حلول لمعضلة الماء، ويتعين على البلديات التي لا تسير مؤسسة الجزائرية للمياه إقليمها، أن تلعب دورها في التوزيع العادل والمنتظم للماء الشروب على جميع الأحياء والمداشر بما يضمن استفادة الجميع بهذه المادة الحيوية. اختلفت آراء مجموعة من سكان بلدية الزيتونة أقصى غرب مدينة سكيكدة، في حديثهم ل “الشعب"، بخصوص مدى تكفل المجلس المنتخب بانشغالات مواطني المنطقة، غير أنها صبّت في اتجاه واحد “الانسداد"، وتعيش البلدية خلال بداية العهدة الانتخابية الجديدة، على وقع الانسداد وهذا بعد أول جلساته، حيث ضم منتخب عن حزب جبهة التحرير صوته إلى منتخبي الأرندي، ليرجح الكفة لصالح التجمع الوطني الديمقراطي هو الأمر الذي وقف أمام مرور كل قرارات التي طرحت للنقاش، لتشل أعمال مختلف المصالح، خصوصا المرتبطة بالجانب التنموي والمكاتب التي يلجأ إليها المواطن لقضاء حاجياته اليومية، لصراعات شخصية وحزبية ضيقة لاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الصلاحيات، وأضاف عدد من مواطني البلدية أن بقاء حالة الجمود ببلدية الزيتونة، وهدا الانسداد من المؤكد، أن يستمر ويكرس التأخر التنموي إلى نهاية العهدة الانتخابية، كالغاز الذي طالما جعل سكان هذه المنطقة المتاخمة لجبال وعرة، يناشدون الجهات الوصية لإزالة الانسداد الذي سيوقف عملية المشاريع التنموية بهذه البلدية، ومعالجة انشغالات مواطني البلدية التي أبت مصالح الأحزاب المتضاربة، حسب العديد منهم، الجنوح إلى طاولة الحوار لخدمة مصالح المواطنين البسيطة. إلا أن الكثير من التقت بهم “الشعب" ببلدية الزيتونة، لا يزالون يتشبثون بحبل الأمل في يوم جديد قد يعمم الاستفادة من الغاز الطبيعي الذي وصل إلى العديد من القرى الجبلية، مع تعبيد الطرقات وإنهاء عزلتهم التي ينسيهم فيها انشغالهم بخدمة الأرض، كما ينسيهم معارك طاحنة بين من سيستفيدون من التزكية لتولي شؤون البلدية.