25 ألف تلميذ من مختلف الولايات في “سيلا 2015” رفع صالون الجزائر الدولي للكتاب، في طبعته العشرين، مجموعة من التحديات والرهانات، كان من أهمها إعادة العلاقة بين الكتاب والقارئ، ويبدأ العمل على ذلك منذ المراحل العمرية الأولى. من هذا المنطلق بدأ العمل على ورشة ثقافية كبرى، بالتنسيق بين وزارتي الثقافة والتربية، وكان معرض الجزائر للكتاب فرصة لتجسيد جانب من هذا التنسيق، الذي تشرحه لنا آسيا عثمانية، المديرة الفرعية للأنشطة الثقافية والرياضية بوزارة التربية الوطنية، في هذا الحوار.. قصر المعارض: أسامة إفراح هذه أول مرة يتم فيها التنسيق بهذه الصفة الرسمية بين وزارة التربية والصالون الدولي للكتاب.. حدّثينا عن هذه التجربة.. آسيا عثمانية: طبعا لا يخفى عليكم أنه تمّ مؤخرا عقد اتفاقية بين وزارة التربية الوطنية ووزارة الثقافة تدخل في إطار التنسيق بين الوزارتين وإعطاء للتربية روح الثقافة وللثقافة فضاء التربية، وهي الغاية العامة والهدف في كل بنود الاتفاقية، ويأتي هذا الصالون الدولي للكتاب في طبعته العشرين في إطار الانطلاق في التجسيد الفعلي لهذه الاتفاقية، بشعار “حافظ عليّ وأنت صغير أحميك وأنت كبير”، على لسان كتاب الطفل، تحت هذا الشعار تأتي مشاركتنا كوزارة وحرص السيدة وزيرة التربية الوطنية على المشاركة الواسعة والفعالة في المعرض من خلال مجموعة من المجالات: أولا زيارة الأجنحة وخلق علاقة بين الطفل (أو التلميذ بالنسبة لوزارتنا) والكاتب، هذا المبدع الذي يظلّ مجهولا في مخيل التلميذ، إحداث هذه العلاقة المادية الملموسة من التواصل والاحتكاك المباشر مع الكتاب. فمن المهم أن يتحول مخيال التلميذ إلى واقع. المجال الثاني يأتي في إطار التنسيق مع محافظة المهرجان بتخصيص ورشات للكتابة والقراءة والرسم بالرغم من أنها قفزة كبيرة هذه السنة إلا أننا نعتبرها ما زالت لا تشبع أبناءنا المولعين بالكتابة والمحبين للقلم، وقد جاءوا ليظهروا ملكة الكتابة والقراءة عندهم، أقول القراءة من خلال الحكاية، وإعادة فكرة الحكواتي لدى التلميذ، وكيف تأتي قامة من قامات الأدب الجزائري لتحكي ما كتبت. هذه هي الورشات التي نسعى إلى المشاركة فيها وإعطاء دفع جديد ونظرة جديدة تربوية بيداغوجية لها. أما المجال الثالث فهو السينما، ونحن للأسف الشديد لا نملك ثقافة الفيلم ونحاول التأسيس لها من خلال دعوة أبنائنا لحضور عرض لفيلم والنقاشات حوله مع المخرج وكاتب السيناريو والجمهور، وأن يتعرف على السينما ويتكون لديه حب زيارة السينما. دون أن ننسى مجالا آخر هو للكبار يتجسد في المحاضرات والندوات في إطار ال«سيلا”، من خلال مشاركة هيئة التفتيش والأساتذة والمختصين في المحاضرات المبرمجة. كل ما نقوم به مع الأطفال اليوم نحصد ثماره في المستقبل.. ما هي الإجراءات الجديدة التي تتخذها الوزارة في هذا الصدد، خاصة مع وضع المقروئية الداعي للقلق الذي شرحه مدير المركز الوطني للكتاب منذ أيام؟ سأعود وأذكر بالشعار البسيط أين يخاطب الكتاب التلميذ ويقول “ارعني وأنت صغير وسأحميك وأنت كبير”، الكتاب هو الذي يعطينا المهندس والطبيب والمعلم، و«من لا يقرأ فهو ميت” على رأي أستاذنا الأديب أمين الزاوي. لا ينبغي أن نقفز على الواقع، فهناك أزمة مقروئية لا تخص المدرسة فقط بل المجتمع بصفة عامة، وهناك أمثلة لمحاربة هذه الأزمة مثل كتاب الجيب، الذي اعتمد عليه لتشجيع المقروئية في المجتمعات الأوروبية، لأنه سهل الحمل ويشجع التلميذ على القراءة. نحن في التعليم الثانوي نشاط يسمى المطالعة، والتلميذ يشجّع على ما يقرأ. هناك مبادرات ولكنها مبعثرة ومتناثرة وغير مثمنة. وبالعودة إلى المعرض كان هناك افتتاح كبير له من طرف الوزير الأول، ثم في اليوم الأول من التظاهرة حضر 1600 تلميذ في المعرض، وهذا ما نعتبره سواء كوزارة أو كمجتمع مكسبا كبيرا وانتصارا، حتى أن أحد الكتاب الفرنسيين قال: هذه أول مرة أدخل إلى معرض وأرى هذه الزحمة من الأطفال. علينا نحن أيضا أن نثمّن هذه الصورة الجميلة، ونراها على أنها سعي للتأسيس لثقافة المقروئية في المدرسة الجزائرية، ونتوقع كوزارة تربية مشاركة أكثر من 25 ألف تلميذ في هذا الصالون، خلال الفترة الممتدة إلى السابع نوفمبر، وهم تلاميذ من جميع ولايات الوطن. بالحديث عن باقي ولايات الوطن.. كيف نستنسخ هذه التجربة لتستفيد منها المناطق الداخلية؟ أقول لك بأن تلاميذ البيّض موجودين اليوم، وكذا الأغواط، ورقلة، خنشلة، وهران، سيدي بلعباس، الشلف، نحن نتحدث عن 25 ألف تلميذ، ولا أتكلم عن تلاميذ العاصمة، لأن مديريات التربية الثلاثة للعاصمة إضافة إلى الولايات المجاورة: تيبازة، بومرداس والبليدة، يحضرون يوميا 500 تلميذ إلى المعرض، وإنما أتحدث عن الولايات الأخرى التي حرصت وزارة التربية على إعطائها فرصة مشاركة أطفالها. ما نطمح إليه مستقبلا أن ينتقل الصالون إلى الولايات وليس العكس. لماذا لا يزور معرض الكتاب هذه الولايات؟ يجب أن نغير النظرة. أسدي عبارات التقدير لمديريات التربية للجزائر وسط، التي احتضنت الأطفال القادمين من الولايات الداخلية وآوتهم في الثانويات، وتلك مساهمة في صنع هذه المبادرة. هنالك أمر آخر يجدر بنا عدم نسيانه، هو أننا أخرجنا الكتّاب إلى الثانويات، فبدءًا من يوم 2 نوفمبر ستشهد ثانويات عدّة في العاصمة حضور كتاّب إلى التلاميذ، وسنخرج هذا الكاتب المحاط بعالم نجهله (أتكلم باسم التلميذ) وسننزله إلى التلميذ الذي سيراه ويلتقيه في مؤسسته التربوية. كما أن المحاضرات المقدمة تنقل في شكل محاضرات مرئية في كل الولايات، وهيئات التفتيش والأساتذة مدعوون لحضورها. هو برنامج قوي سطرته وزارة التربية وأخذته على عاتقها بالتنسيق مع وزارة الثقافة، ويوجد أرضية رائعة لهذا الصالون ومنظميه، ونتمنى أن هذا الزخم من الأفكار والطموحات يجد الرعاية والتثمين والاستمرارية، فليس عبثا مصادفة هذا الصالون للذكرى الحادية والستين لاندلاع الثورة، فليندلع بداخل أطفالنا حب القراءة وحب التميز، نحن أحفاد أبطال صنعوا ثورة أدهشت العالم، نحن أهل لهذا ولسنا فارغين ولدينا ما نقدمه، علينا أن نرتقي بما نملك لأطفالنا وأجيالنا، فالجزائر تستحق منا هذا وأكثر.