مواقف متباينة حول زيادات الأسعار وإعفاء المستثمرين تباينت مواقف ممثلي الشعب بخصوص الإجراءات التي حملها مشروع قانون المالية للعام 2016 والزيادات في مختلف التسعيرات، لاسيما تلك التي مست الكهرباء والغاز والوقود، بين منتقد وبين من اعتبرها منطقية ولن تؤثر على جيب المواطن. لكنهم بالمقابل التقوا في نقطة واحدة تخص حماية الاقتصاد الوطني من الفساد والاقتصاد الموازي. تواصلت، أمس، لليوم الثاني على التوالي، مناقشة مشروع قانون المالية للسنة الجديدة 2016. وكما كان منتظرا، انتقد نواب بالمجلس الشعبي الوطني، بشدة، إقرار زيادات في الوقود والكهرباء والغاز، في وقت استفاد فيه المستثمرون من إعفاءات؛ رأي لم يشاطره الجميع الذين أعابوا على زملائهم في المعارضة «المزايدة السياسية» باستغلال الزيادات كذريعة، مؤكدين أن الوضع الراهن يقتضي اتخاذ إجراءات تحمي الاقتصاد الوطني وتعطيه دفعا، موازاة مع التوجه التدريجي نحو التنويع الاقتصادي. أفادت النائب هدى طلعي، عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، التي استهلت النقاش في يومه الثاني، بأن «مشروع قانون المالية، يحمل حلولا تقليدية، في وقت كنّا نترقب حلولا جذرية»؛ ذلك أنه «تم اللجوء مجددا إلى جيب المواطن ما يهدد السلم الاجتماعي»، عوض الحث - أضافت تقول - عن مصادر تمويل جديدة تستحدث نشاطات منتجة، على غرار تثمين المحروقات من خلال تصنيعها وبيعها في شكل منتوج مصنّع ونصف مصنع، بدل بيع المنتوج خاما. وشدد زميلها في الحزب محمد الطاهر قدور، على أهمية تنوير الرأي العام حول الوضع الحقيقي للاقتصاد الوطني وما ترتب عنه من انخفاض الموارد، وتكبّد الخزينة العمومية خسائر تناهز 80 مليون دولار يوميا، معتبرا أن الحل يكمن بكل تأكيد في الاستثمار. وقال النائب محمد سعد، عن تكتل الجزائر الخضراء، «نناقش مشروع قانون المالية في ظل اعتراف رسمي بالأزمة الاقتصادية الراهنة، التي تتميز بتقلص احتياطي الصرف وارتفاع معدل التضخم، وكذا تراجع الموارد»، ما يؤكد، بحسبه، «غياب رؤية استراتيجية في هذا المجال، ما حتم اللجوء إلى حلول ترقيعية». واعتبر نائب تكتل الجزائر الخضراء، أن بعض المواد تعد مساسا ب «السيادة الوطنية»، منتقدا بشدة «إعفاء المستثمرين والاستفادة من القرار بأثر رجعي منذ العام 2009». وحذر من الزيادة في أسعار الغاز والكهرباء وتسعيرة قسيمة السيارات وكذا الوقود بمختلف أنواعه. وتساءل في الأخير، «هل يعقل مجازفة المستثمرين برؤوس أموالهم في ظل الظروف الصعبة، متوقعا أن تكون شركات المناولة الأجنبية المستفيد الأول من الوضع». وذهبت زميلته من نفس التشكيلة حفصة خالدي، في نفس الاتجاه، منتقدة بدورها «السخاء المالي بلا حدود للمستثمرين، والتنازل عن الأراضي، واللجوء إلى الرأسمال الأجنبي، ما اعتبرته خوصصة تأتي بشكل جديد». ونوّه النائب رشيد خان، عن حزب العمال، إلى أن جملة من المواد التي حملها مشروع قانون المالية لا علاقة لها بدفع الاقتصاد الوطني تم تمريرها، قامت لجنة المالية والميزانية بإسقاط بعض منها. والأخطر من ذلك، بحسبه، «إقرار الحكومة اللجوء صراحة إلى الاستدانة الخارجية في المادة 59، الذي تستفيد منه الشركات متعددة الجنسيات، وتكون الخزينة العمومية ضامنة»، معتبرا اللجوء إلى هذا الخيار استنساخا لتجربة الثمانينيات من القرن الماضي، حيث تم اللجوء إلى المديونية وصندوق النقد الدولي الذي فرض سياسة قاتلة للاقتصاد الوطني». من جهته النائب عن حزب تجمع أمل الجزائر «تاج» محمد كمال عبازي، أعاب على المشروع الجديد تبنّي خيار النمو عوض معالجة الأزمة الاقتصادية. وتكمن الحلول في إغراء رأس المال الأجنبي لدخول السوق وتطوير المنظومة البنكية، موازاة مع حتمية التحرر من اقتصاد الريع، والخروج من «اقتصاد البازار». واستنادا إلى مسعود بورورو، فإن «الحريّ فتح المجال لمناقشة الوضع الاقتصادي الراهن وبحث حلول لمعالجته والقضاء على الفساد وما ترتب عنه من أضرار». إلى ذلك، «أثار السوق الموازية التي تسببت في استنزاف الاقتصاد الوطني»، وتساءل في الختام «أين تدابير تشجيع الاستثمار؟».