اشرف أمس وزير العدل حافظ الأختام السيد طيب بلعيز على افتتاح أشغال اليوم الدراسي الأخير حول موضوع" القضاء والمحاكمة التحكيمية على ضوء قانون الإجراءات المدنية والإدارية " تحضيرا لدخول هذا الأخير حيز التنفيذ بداية من 23 افريل المقبل، كما وقف الوزير على عملية تدشين مقر الجناح الإداري للمحكمة العليا والذي من شانه الاستجابة لمسعى التوازن بين حجم العمل القضائي المتزايد والاحتياج المسجل من ناحية المكاتب. وفي كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح اليوم الدراسي الذي نظمته المحكمة العليا في إطار نشاطها العلمي والتكويني لسنة 2009 ، أوضح الوزير أن الملتقى يعد الواحد والعشرين من بين الأيام الدراسية التي باشرتها الوزارة منذ حوالي سنة، قصد مواكبة التحول الذي يشهده العالم اليوم في طبيعة الأنشطة التجارية والاقتصادية التي فرضها الاقتصاد العالمي، وتنوع الأعمال والأنشطة الإنسانية، خاصة وأنها قد أخذت طابع التعقيد والتخصص، فقد أصبح القضاء في حاجة إلى قضاة وأعوان مختصين في مختلف النشاطات والى آليات وإجراءات دقيقة لمساعدة القضاء في البث فيما يعرض عليه من منازعات تنشا عن تلك الأنشطة. وانطلاقا من هذه القناعة فقد عملت الجزائر في إطار تطبيق إصلاح العدالة، الذي يحظى بأولوية وطنية ضمن برنامج فخامة رئيس الجمهورية للتنمية الشاملة للبلاد، على تطوير عدالتها في شتى المحاور التي ارتكز عليها الإصلاح من تأهيل للعنصر البشري، وعصرنة لوسائل العمل ومراجعة للنصوص التشريعية بغية مسايرتها لواقعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتكييفها مع المبادئ والمواثيق والاتفاقيات والعهود الدولية التي أنظمت إليها الجزائر، واستكمال المنظومة التشريعية بنصوص حديثة في جميع المجالات وكذا تسهيل اللجوء إلى القضاء. وأضاف الوزير موضحا أن هذه الجهود كللت بصدور ما يزيد عن 150 نصا تشريعيا وتنظيميا إلى حد الآن، آدت إلى إعادة صياغة الكثير من القواعد لاسيما ما تعلق منها بالأشخاص والمعاملات بصيغة تضمن المساواة التامة والكاملة في حقوقهم، وتحترم سلطان الإرادة فيما يجرونه من تصرفات أو يبرمونه من عقود. كما تم كذلك مراجعة قانون الأسرة، وقانون الجنسية الجزائرية، وقانوني العقوبات والإجراءات الجزائية وغيرها من القوانين الأخرى ذات الصلة بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى استحداث قوانين جديدة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، والفساد والتهريب، وغيرها من النصوص القانونية التي تكفل الأمن والاستقرار الاقتصادي، إلى جانب مراجعة نصوص وأحكام القانون المدني والتجاري فيما يتعلق بتحرير سوق الإيجار لإضفاء طابع المرونة على حرية التعاقد في مجال إيجار السكنات والمحلات بما يتفق وان العقد شريعة المتعاقدين، ولا شك أن هذا المسعى قد تعزز بصدور قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد الذي تم إعداده بمشاركة نخبة من القضاة والمحامين والإطارات والأساتذة المرموقين من ذوي الاختصاص والذي يعد بمثابة ثورة أخرى تتحقق في مجال إصلاح العدالة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا اليوم الدراسي، نشطه خبراء جزائريون و أجانب من كل من مصر و تونس و لبنان و فرنسا، و شارك فيه رؤساء الغرف و قضاة من المحكمة العليا و مجلس الدولة، و أعضاء المجلس الدستوري، و إطارات من الإدارة المركزية و عدد من قضاة المحاكم و المجالس القضائية، إلى جانب أساتذة من عدد من الجامعات المنتشرة عبر التراب الوطني، و بعض المدارس العليا للتكوين، و كذا ممثلين عن كل من مركز البحوث القانونية و القضائية، و وزارتي المالية و التجارة، و المديرية العامة للجمارك، و خلية الاستعلام المالي، و شركتي سونا طراك و نافطال، و الدرك والأمن الوطنيين. و تطرق المشاركون خلال هذا اليوم الدراسي، إلى مواضيع عديدة كآفاق و تحديات القضاء و التحكيم، و دور هذا الأخير في حل المنازعات الإدارية، و طرق الطعن و تنفيذ الحكم التحكيمي على ضوء قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد، بالإضافة إلى تقديم دراسة مقارنة بين قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجزائري و الفرنسي. كما ان الوزير اشرف بهذه المناسبة على تدشين الجناح الإداري الذي حمل اسم القانوني المرحوم فراح محمد، والذي سيحتضن المصالح الإدارية للمحكمة العليا مما سيسمح مستقبلا بتوفير ظروف أفضل لعمل هذه المصالح و التفرغ لتوفير الدعم و السند اللازم لهذه الجهة القضائية الهامة، باعتباره يضم 90 مكتبا بالمبنى الجديد، مما سمح باسترجاع 41 مكتبا قي المبنى الأصلي خصصت حاليا للعمل القضائي.