احتفالية كبيرة عاشها، أمس، قصر الأمم بنادي الصنوبر، في الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات. هي احتفائية أعادت إلى الأذهان القرار التاريخي الذي اتّخذه الرئيس الراحل هواري بومدين في معركة ثانية خاضتها الجزائر بتحدّ في مسار بسط السيادة على ثرواتها، فاتحة المجال لدول أخرى السير على هذا الدرب وخوض نضال استكمال الاستقلال السياسي. حملت الاحتفالية دلالات ومعاني أظهرت مدى وفاء الجزائر لمبادئها المرسّخة في ثورة نوفمبر المشدِّدة على تحرير الأرض والإنسان... أظهرت الحاجة الملحة لأخذ العبرة من التضحيات الجسام التي بذلها العمال أثناء الكفاح المسلح من أجل استعادة السيادة وكذا رفعهم التحدي عقب تأميم المحروقات 15 سنة بعده حاملين نفس العزيمة مشبعين بإرادة لا تعرف الكلل في مواصلة البناء والتعمير اعتمادا على الذات أولا ودائما. كانت هذه الدلالة ذات وزن ومكانة في رسالة رئيس الجمهورية إلى العمال الجزائريين التي كشفت عن سياسة واقعية متبعة من أجل تعزيز المكاسب ومواجهة صعاب الظرف الراهن جراء انخفاض أسعار المحروقات. وهي مسألة كانت في صلب اهتمامات الرئيس بوتفليقة وتوجيهاته خلال اجتماعات مجلس الوزراء العديدة والاجتماعات المصغرة، حيث أكد صراحة على إطلاع المواطنين بكل كبيرة وصغيرة ومخاطبتهم بلغة الصراحة، لإدماجهم في صيرورة البناء والخيارات المفتوحة والبدائل الممكنة دون تركهم عرضة للإشاعة الهدامة المروّجة من قبل من يحملون رؤى سوداوية عن الواقع الجزائري المتغير. أظهر الرئيس بوتفليقة في رسالته بمناسبة احتفائية قصر الأمم العمالية، الوفاء للسياسة المنتهجة التي تصبّ في تعزيز الاستثمار والشراكة المنتجة المولّدة للثروة الحقيقية الناجمة عن جهد العامل الجزائري وليس الريع النفطي الآيل للاهتزازات والانهيار إلى درجة يرهن التنمية المستديمة. والبديل تنويع الاقتصاد الوطني ومرافقته في كسب رهان التنافسية شرط الوجود والتصدير. على هذا الدرب، سار سيدي السعيد الأمين العام للمركزية النقابية وغيره من المتدخلين في الاحتفالية العمالية بقصر الأمم، متخذرين من الظرف الصعب قوة انطلاق، لمواجهة تداعيات انهيار المحروقات لإبقاء الجزائر آمنة، مؤمَّنة، واقفة وصامدة لا يهزها أي طارئ. وتيقنتورين الدرس الحي والنموذج المرسخ في الأذهان لا يمحوه الزمن.