تشهد ولاية عنابة منذ أشهر، عملية ترميم وتهيئة لعديد المواقع الأثرية التي تزخر بها المدينة، بعد أن قررت السلطات المعنية تجسيد مشروع استعجالي، لحماية مختلف المواقع الأثرية والتاريخية بجوهرة الشرق بونة، والتي تتمتع أيضا بمناظر طبيعية خلابة وبمناطق سياحية هائلة، وتأتي عملية التهيئة في إطار تثمين الرصيد الثقافي والحضاري للمدينة، التي تضرب بجذورها في أعماق الحضارات القديمة التي تعاقبت على المنطقة. يعرف موقع “هيبون” الذي يتوفر على أكثر من 200 معلم أثري، من بينها 10 مواقع ومعالم مصنفة، أشغال تهيئة وصيانة، حيث شهدت عمليات إعادة التأهيل موقع “الحمامات الرومانية” التي تعرف باسم حمامات الشمال لتموقعها في الحي الشمالي للمدينة، والتي تعتبر من أكبر الأبنية الأثرية القديمة وأجملها، ويبلغ طولها 75م و60م عرضا، وتشبه حمامات “هادريان” في مدينة لبدا الكبرى الليبية، حيث تحتوي على مسبح كبير مكشوف وقاعة المياه الباردة المعروفة ب(فريجيداريوم)، التي يبلغ طولها 30م وعرضها 15م، وزودت الصالة من الداخل بثلاث حنفيات في الزوايا، حيث تحتضن كل حنفية حوضا للمياه كمغطس، كما تتوفر الصالة على العديد من التماثيل منها تمثال “اسكولابيوس” العملاق و«أفروديت”، و«منرفا” إلى جانب تمثالي “هيراقليوس” و«ديونيسوس”، وتعتبر القاعة من أجمل صالات العروض للشخصيات المتنوعة، كما تتوفر على الكتابات التذكارية المتنوعة، والتي تتحدث عن تواريخ وشخصيات هامة مثل الفيلسوفين “سكولابوس” و«فرونتون”. كما تم في ذات الإطار تأهيل فضاء المسرح الروماني والذي يتربع على مساحة تقدر ب28 هكتارا، حيث شهد أيضا فيما قبل أشغال مستعجلة تخص تحديد حدود الموقع، وتأمينها وتهيئة مسالك داخلية لتنقل الزوار وتوفير شروط الأمن والإنارة، كما سيتم برمجة نشاطات وفعاليات مكثفة وفعاليات ثقافية وفنية على الهواء الطلق. أما “الفوروم الروماني” فيشهد بدوره عملية تهيئة وصيانة، ويظهر الفوروم على شكل ساحة رباعية مستطيلة ومكشوفة، ومحاطة بأروقة معمدة في موقع يتوسط مدينة عنابة عمرانيا بشكل تقريبي، وتحيط به الأبنية العامة والأكثر رونقا في المدينة، والشبيهة بالعديد من المدن الأثرية بسوريا، وكان سكان المدينة يتواجدون في ساحة الفوروم للقيام بالعديد من النشاطات، حيث يأتي البعض منهم للتعبد وآخرون لمناقشة شؤون الحياة وقضاء أوقات الراحة والفراغ. المواقع التي تم تأهيلها عرفت إزالة الأتربة المتراكمة، وقلع الأعشاب، فضلا عن صيانة شبكات وتهيئة مسالك جديدة لزوار الموقع الأثري لهيبون، وتصليح تسربات المياه، كما تم تكليف فرق مختصة في الأمن لحماية المواقع من كل عمليات التخريب والسرقة، وضمان الراحة والأمن لزوار المواقع الأثرية بعنابة. وبالمقابل كما أكده مسؤول متحف هيبون ومنسق المتاحف والمعالم الأثرية عمار نوارة، من المنتظر تعزيز موقع هيبون في القريب العاجل بمركزين للتوثيق والأرشيف، يضمان أكثر من 5 آلاف كتاب قديم وخرائط ومخطوطات تروي حضارة بونة العريقة، إلى جانب كتب تاريخية وثقافية من شأنها مساعدة الباحثين والمثقفين للتعرف على هذه المدينة.