قيم ومبادئ تستدعي الحفاظ عليها وإيصالها إلى الأجيال رافع المجاهد صالح قوجيل من أجل الاهتمام أكثر بالتاريخ الوطني، باعتباره ذاكرة الأمة وضميرها الحي، مؤكدا أن هذا المسعى يعني الوفاء لرسالة الشهيد وتوصيته: “إذا استشهدنا حافظوا على الجزائر”. قال المجاهد، وزير النقل الأسبق، من منبر “ضيف الشعب” في ذكرى مجازر الثامن ماي، أن العناية بالتاريخ الوطني ورصد محطاته لا ينبغي أن يكون ضمن منهاج علمي وعملي دائم بعيدا عن المناسباتية وعدم ترك الساحة شاغرة لبعض اللّوبيات الفرنسية ومن لم يهضم استقلال الجزائر لتمرير أي شيء والترويج لمسائل بطريقتهم، غايتهم تبييض وجه الاستعمار الاستيطاني البغيض. يظهر هذا من خلال الملّفات التي تفتح عبر القناة الفرنسية “التاريخ” التي ترّوج باستمرار لمغالطات عن الثورة الجزائرية والنضال التحرري الذي خاضه الشعب الجزائري، منذ احتلال البلاد سنة 1830، وما تبعته من مقاومات شعبية ومنظمة ونضال سياسي مستميت حتى اندلعت شرارة نوفمبر. وهي شرارة أعطت للنضال وجها آخر، وحدّدت وسائل وأهداف جديدة تضمنها بيان نوفمبر الذي يعدّ مشروع وطني صالح لكل زمان ومكان. لمواجهة هذه الحملة وخروج الأقدام السوداء من حين الى آخر بمطالب وتصريحات وآراء لا يمكن إغماض الطرف عنها أو السكوت، لكن مواجهتها بالرأي المخالف الذي يبعد عن الاذهان الصورة النمطية التي يسوّقها فرنسيون لم يهضموا استقلال الجزائر ولا زالوا ينظرون إليها وكأنها مقاطعة فرنسية. الحملة تستدعي مواجهتها من خلال كتابة التاريخ الوطني ونقل شهادات حيّة لمن صنعوا مجد الجزائر التحرّري. وكذا إقامة قناة وطنية تختص في التعريف بمختلف محطّات الثورة والترويج لها لايصال الرسالة الى جيل الاستقلال وغالبيته شباب واقع تحت تأثير الدعاية الاستعمارية ومن يقف وراءها داخل البلاد وخارجها. إنها مسألة أعطاها المجاهد قوجيل، الذي تأسف لبقاء صوت من يمّجدون فرنسا الاستعمارية ويعتبرون اختلال البلاد عملية تمدّن وتحضّر، وحده في الميدان يعزف نغمات نشاذ، ويتمادى في ترويج أكاذيب عن مسار التحرّر الجزائري والثورة التي غيّرت مجرى التاريخ وأرست قواعد في القانون الدولي واعتمدت بنودًا حول حق الشعوب في تقرير مصيرها، جسّدتها اللائحة الأممية 1514 المتعلقة بتصفية الاستعمار. جاءت هذه اللائحة مباشرة بعد المظاهرات التاريخية التي قام بها الشعب الجزائري في مختلف جهات الجزائر في 11 ديسمبر 1960 وأسمعت صورة الحرية المدوي من بلكور منهاتن بنيويورك وما تبعته من مرافعات في الاممالمتحدة من أجل التعجيل بتقرير المصير بالجزائر واعتبار قضيتها عادلة بعيدة عن الطرح الاستعماري الذي أدرجها ضمن الشأن الداخلي. كانت هذه المظاهرات محّطة مرجعية للأمم المتحدة التي أصدرت لأول مرة اللائحة التاريخية في 14 ديسمبر 1960 والمتعلقة بمنح الاستقلال للدول والشعوب المستعمرة. ومنها انطلقت موجة تحرّر الكثير من الدول الإفريقية والأسياوية تحت تأثير الثورة الجزائرية التي قال عنها القادة الأفارقة، إنها مُلهمة تحرّر الشعوب ومرجعية نضالهم في الاستقلال والبناء الوطني. كل هذه المكاسب تحتاج الى الاشادة والترويج من قبل صانعيها الذين غيّب الموت بعضهم تحت تأثير المرض والمعاناة مع سن الشيخوخة. إنهم يغادروننا في صمت، حاملين معهم حقائق عن معارك خاضوها بتحدٍ وبطولة، ونضال صغُرت أمامه الأشياء وكبُر الوطن. هم يغادروننا حاملين معهم وثائقا ومعلومات ما أحوجنا إليها في زمن تطاول لوبيات فرنسية لم تتوقف عن الترويج لمغالطات وأشياء عن التحرّر الجزائري ما انزل الله بها من سلطان. إنه التحدي الآخر الذي يتوّجب رفعه من النخبة والاعلام لإيصال الرسالة الى النشء واعتبارها أمانة في الاعناق تطبيقا لمقولة الشهيد أكرمنا جميعا:«إذا استشهدنا حافظوا على الجزائر”.