استحسان عمل الجمعيات الخيرية وأداء الهلال الأحمر الجزائري لم تمض العملية التضامنية للشهر الكريم بمعسكر دون تسجيل تجاوزات في حق العائلات المستفيدة منها، التي ترعاها السلطات الولائية بهدف سد العجز ببعض البلديات الفقيرة وذلك بتوفير الطرود الغذائية للعائلات المعوزة والتي قدرت ب69 ألف عائلة عبر تراب الولاية وفق إحصاء مصالح البلديات، حيث توكل مصالح الولاية مهام التحضير للعملية التضامنية لمديرية النشاط الاجتماعي من خلال هيئة الهلال الأحمر الجزائري الذي استطاع لحد الساعة توزيع 8500 إعانة غذائية متكاملة العناصر والمواد الأساسية واسعة الاستهلاك على العائلات المعوزة، سواء من خلال التوزيع المباشر، أو عن طريق منح الطرود الغذائية للبلديات التي تقوم بدورها بتوزيع القفف على مواطنيها. استطلعت «الشعب» في موضوع العملية التضامنية وسيرها عبر بلديات مختلفة بولاية معسكر، على أساس أن هذا الموضوع كثيرا ما يثار حوله الجدل وتحيط به الشبهات والمتابعات القضائية. فقفة رمضان استطاعت أن تسقط عدة أسماء من رئاسة المجالس المحلية بمعسكر خلال العهدة الانتخابية الجارية، التي تشارف على الانقضاء، بسبب إدانتهم قضائيا في ملفات تتعلق بتحويل القفف وسرقتها أو تضخيم فواتير اقتنائها، بينهم رئيسي بلديتي عين فرص وتيغنيف، ورئيسي بلدية معسكر خلال نفس العهدة ونفس القضية لموسمين مختلفين. والمرجح أن مشاهد تحويل القفف عن مسارها، كما حدث في الموسم الفارط في المحمدية، وإخفائها في مستودع أحد الخواص لن يتكرر هذا الموسم، لأن صناع المشهد وأغلبهم من المنتخبين المحليين لن يغامروا بإذكاء نار الفتنة وتسويد صورتهم قبيل أشهر من عهدة انتخابية جديدة، فيما قضى بعض المنتخبين في بلديات أخرى على طموحهم الانتخابي بسبب التجاوزات التي اقترفوها في العملية التضامنية لآخر رمضان في العهدة الانتخابية الجارية. المعوزون يتوعدون المنتخبين.. رمضان بنكهة انتخابية وسجلت «الشعب» استياء المواطنين والعائلات المستفيدة من قفة رمضان ببلديات عين افكان، تغنيف والمحمدية وأخرى... تمحور تذمرهم في عدم استلام غالبية العائلات المسجلة في قوائم البلديات المؤن الغذائية، حيث تم إقصاء عشرات المعوزين من العملية التضامنية، بحجة عدم تفعيل ملفاتهم للموسم الجاري وتقليص حجم الإعانات بسبب عدم توفر الموارد المالية الكفيلة، أين ذكر أحد المواطنين الشباب الذين لم يستفيدوا من قفة رمضان بالمحمدية، أنه لم يفهم بعد ما تخطط له مصالح البلدية. وأشار مهدي عبو، أن البلدية بررت عجزها عن توفير القفف لكامل المعوزين بسبب سياسة «التقشف» والسلطات العليا للبلاد تقول إن الدولة لن تتخلى عن سياسة التضامن والتكافل الاجتماعي. وأضاف مهدي، أنه لم يعد يريد هذه القفة التي تذل الفقير وتحرجه، لدرجة أن الكثيرين يطلبون وساطة أقرباء المنتخبين للحصول على القفة. علاوة عن ذلك، اعتمدت بلديات معسكر وضع نظام البطاقية في تحديد هويات الأشخاص المعوزين بعد دراسة ملفاتهم. ويعتمد على بطاقة المعوزين ذات اللون الأصفر في توزيع الإعانات، قال عنها أحد عمال النظافة إنها بطاقة ظالمة، خاصة وأنه حرم من قفة رمضان بسبب هذه البطاقة الصفراء. وقال علي، إنه أب لثلاثة أطفال يستأجر غرفة في أحد أزقة حي بابا علي، ومسجل على قائمة العائلات المعوزة، لكنه تفاجأ بإقصائه من القائمة، لأنه موظف ومؤمَّن اجتماعيا، وقد قابل علي الوضع بالتحسّر على مرتبه الذي لا يكفيه لتسديد قيمة إيجار الغرفة المستأجرة وتكاليف دراسة وعلاج أبنائه والتكفل بزوجته. وطالب علي برفع الغبن عن هذه الفئة من العمال المستضعفين، مضيفا أن الدولة توفر المال وتبذل جهودا لتحسين ظروف عيش الفقراء في الشهر الكريم، لكن الوسيط بيننا وبينها، على حد قوله، لا يحفظ الأمانة. وأكمل علي حديثه بالقول، إن كل من تدخل في عملية توزيع قفة رمضان ببلدية معسكر، لن ينتخب عليه في حال ترشح للانتخابات المقبلة. وعلى بعد 30 كلم عن عاصمة الولاية معسكر، استلمت عائلات معوزة ببلدية تغنيف قففا غير مكتملة ولا تتضمن أهم المواد الأساسية، على غرار الزيت، السكر والبن. أما في بلدية عين أفكان، أججت العملية التضامنية الصراعات داخل المجلس البلدي، الذي اقتنى مواد غذائية من أحد الممولين، سرعان ما تبين للمواطنين أنها غير قابلة للاستهلاك وبعضها منتهي الصلاحية، على غرار مادة الدقيق الذي تفاجأ المستفيدون من قفة رمضان بعين افكان أنه غير قابل للاستهلاك، بعد أن استهلكت الديدان عناصره الأساسية، فضلا عن معجون الطماطم الذي عثر عليه متعفنا في علبه بدون تحديد تاريخ صلاحية استهلاكه. أما في المحمدية، لم تمض عملية توزيع قفة رمضان في أجواء هادئة وظروف منظمة كما بدا ذلك في الأيام الأولى للعملية التضامنية، حيث سجلت «الشعب» أيضا حالات عديدة تخلفت بلدية المحمدية عن منحها قفة رمضان، على غرار المواسم الفارطة، بعد أن خصت بلدية المحمدية فئة ذوي الاحتياجات الخاصة وعمال الشبكة الاجتماعية بالعملية التضامنية عن غيرهم من الشرائح المعوزة الأخرى، وقلصت عدد الإعانات الممنوحة إلى 2700 قفة، عوض 10 آلاف قفة كانت توزع في السنوات الماضية، وذلك تفاديا للمشاكل التي ظلت تلازم العملية في المواسم الفارطة وجرّت بعض أعضاء المجلس إلى أروقة المحاكم، فضلا عن إجراءات ترشيد النفقات وشد الحزام وفق ما أكده رئيس دائرة المحمدية في خضم اجتماع تنفيذي خصص لمتابعة العملية التضامنية. سيق وبوحنيفية حققتا الرهان وبلدية معسكر تخذل مواطنيها أما بلدية بوحنيفية، التي أنهت عملية توزيع قفة رمضان على العائلات المعوزة في المناطق النائية مع حلول الشهر الكريم، فقد خصت مواطنيها ب1500 قفة تشمل المواد الغذائية الأساسية، كلفت ميزانية البلدية 600 مليون سنتيم. لكن رئيس بلدية بوحنيفية أوضح أن عدد القفف الموجهة لعملية التضامن لا يقاس بالضرورة بانتشار الفقر والعوز في المنطقة التي تبلغ كثافتها السكانية 20 ألف نسمة، موزعين على مدينة الحمامات و10 قرى تابعة لها إداريا وإقليميا، مشيرا أن هذه الإعانات وجهت للعائلات التي يقل دخلها الشهري عن 12 ألف دينار جزائري ولم يستثن منها عمال النظافة والبلدية، بمثل ما تصرفت حياله بلدية سيق بتوفير 4500 إعانة على المعوزين الذين يتم إحصاؤهم من ذوي الدخل الضعيف أو الذي يكاد ينعدم، خلاف بلدية معسكر التي ألغت استفادة عمال النظافة من قفة رمضان بسبب عامل الأجر الذي يفوق 18 ألف دينار. عموما لاحظ المستفيدون من قفة رمضان هذا الموسم، الفرق الحاصل في محتويات الطرود الغذائية التي لم تكن موحدة، واختلفت بين تلك التي تخصصها هيئة الهلال الأحمر الجزائري لسد عجز البلديات والتي توفرها هذه الأخيرة لفقرائها، حيث تبلغ قيمة الأولى 7 آلاف دينار جزائري وتقل الثانية بألفي دينار. وتنافس الجمعيات الخيرية، تحت تسميات مختلفة، مصالح البلديات في العملية التضامنية التي يشارك فيها المحسنون، فمنها جمعيات ذات طابع إنساني وأخرى ذات طابع اجتماعي سياسي، شرعت في التحضير لعملية اقتناء ملابس العيد للأطفال المعوزين واليتامى بعد أن رمت بثقل عملها الخيري بتخصيص موائد إفطار للصائمين وعابري السبيل، على غرار جمعية جزائر الخير وناس الخير، بشائر الرحمة وجمعية الإرشاد والإصلاح التي خصصت 441 قفة غذائية، قيمة الواحدة 5 آلاف دينار و9 قناطير من اللحوم البيضاء والحمراء على المعوزين.