توجد مدينة البليدة في حالة استنفار قصوى، تحسبا للقاء الجزائر مصر الذي يلعب، أمسية اليوم، بملعب تشاكر، لحساب اليوم الثاني من التصفيات المزدوجة لكأسي إفريقيا والعالم ,2010 حيث عاشت »الشعب« بعض الأجواء التي ستكون مميزة للغاية، بالنظر لعملية الإنزال المنقطعة النظير التي يقوم بها مناصرو »الخضر« والقادمين من 48 ولاية، وحتى المغتربين سجلوا حضورهم، بقوة، وظهر ذلك من خلال لوحات ترقيم السيارات، وتفاجأ الجميع بالجماهير الغفيرة التي كانت متواجدة منذ الصباح الباكر لنهار الأمس، ما جعل عناصر الأمن تضاعف من وجودها قرب محطة المسافرين، تحسبا لأي طارئ. اقتربت »$« من بعض المناصرين الذين كانوا يحملون ألوان شباب قسنطينة واستفسرتهم عن سبب مجيئهم المبكر لملعب تشاكر، فأكدوا لنا بأن هاجس التذاكر هو الذي دفع بسكان الولايات البعيدة للالتحاق بالبليدة من أجل البحث عنها وفي حال فشلهم، صرحوا لنا بأنهم سيعودون أدراجهم صبيحة اليوم لمشاهدة اللقاء عبر التلفاز. وبالإضافة إلى أنصار شباب قسنطينة، التقينا أنصار وداد تلمسان ومولودية وهران ووفاق سطيف، كما تشير الرايات المعلقة قرب الملعب إلى فرق مولودية الجزائر واتحاد الحراش وشباب بلوزداد. وعند الاتجاه إلى وسط المدينة، وخاصة باب السبت وباب الرحبة وباب الجزائر، تحتاج لوقت كبير لقطع مسافات قليلة، بالنظر لمواكب السيارات التي بدأت بالاحتفالات مع تجاوب كبيرة من المارة، حيث لم تؤثر التحضيرات لشهادة البكالوريا على خلق البهجة والفرحة بمختلف شوارع المدينة. وفضل أصحاب السيارات القادمين من مختلف الولايات تزيين سياراتهم بالرايات الوطنية والتي لم تغب عن أي متجر أو مطعم، فالكل علّق العلم الوطني وكأن البلاد ستحتفل بعيد رسمي. أما على مستوى الطريقين الوطنيين رقم 1 و,4 تصادفك العديد من السيارات القادمة من شرق وغرب البلاد متوقفة على حواف الطريق السريع، إما لإصلاح الأعطاب أو تنظيم المواكب الكبيرة قبل الدخول لمدينة البليدة التي تميزت، أمس، بارتفاع طفيف في درجة الحرارة مع وجود رياح طفيفة. وأخذ، لقاء اليوم، بين الجزائر ومصر اهتمام الشارع البليدي والوطني، فلا يخلو أي حديث عن اللقاء، الذي اخذ بعدا عالميا، بالنظر لطابعه حيث يعتبر داربيا تقليديا، وما زاد في ازدياد الاهتمام باللقاء، هو الحرب الإعلامية والنفسية الكبيرة التي سبقت المقابلة منذ شهور عدة، ورغبة كل منتخب في الإطاحة بالآخر لتعبيد الطريق نحو التأهل إلى المونديال. وصلت التذاكر الخاصة باللقاء إلى غاية منتصف النهار من يوم أمس، 2000 دج، وهو الثمن الذي يعتبر قيمة مضاعفة للتذكرة التي بيعت في الأكشاك ب 1000 دج، ويلح البائعون في السوق السوداء على ضرورة اقتنائها لأن السعر ما فتئ يتطور فمن 1200 إلى 1500 ثم 2000 دج، وينتظر أن يصل، اليوم، حسب هؤلاء إلى 5000 دج، ولعل ما سيزيد في قيمة التذاكر، هو الخطة الأمنية لدخول الملعب، فرجال الشرطة الذين وضعوا خطة محكمة تقضي بعدم السماح للذين لا يتوفرون على تذاكر بالاقتراب من الملعب، حيث أغلقت قوات الأمن، أمس، الطريقين المؤديين إلى أبواب ملعب تشاكر، من ناحية مفترق الطرق، وكذا من ناحية السوق الشعبية المعروفة، تحضيرا لبسط السيطرة على جوانب الملعب وتفويت الفرصة على أي انزلاقات أو أعمال شغب. يظهر أن الجهات الأمنية التي أوكل لها تنظيم اللقاء قد أخذت بعين الاعتبار جميع الاحتياطات اللازمة حيث لاحظت »الشعب«، أمس، تطويق رجال الأمن لمختلف جوانب الملعب، لتفادي توغل الغرباء، خاصة على مستوى الوداي والجهة المطلة على حي بن عاشور، خاصة وأن تلك المناطق خالية وتنتشر فيها بعض الأحراش التي قد يستغلها بعض المراهقين للتوغل إلى الملعب. وحسب مصادر مقربة، فان الأنصار سيخضعون لعملية تفتيش دقيقة لمنع عمليات إدخال المفرقعات والألعاب النارية التي قد تعرض الجزائر لعقوبات صارمة جدا. كما أن المصريين المعروفين باللعب على الأعصاب قد يستغلون سلوكات الجمهور للقيام بأعمال استفزازية قد ترهن المقابلة أو تؤدي بها إلى نفق مظلم. وقامت، أمس، سلطات ولاية البليدة والعاصمة بتصليح إنارة الطريق السريع الرابط بين العاصمة والبليدة، وهذا لتفادي أي حوادث أو اعتداءات بعد المقابلة. يتهافت أنصار ''الخضر''، منذ الأمس، على اقتناء أقمصة النجمين، بوڤرة لاعب غلاسغو رنجرز، وزياني صانع ألعاب أولمبيك مرسليا، وقد وجد باعة الأقمصة صعوبات كبيرة في توفير الكميات اللازمة منها، بعد الطلبات المنقطعة النظير من الأنصار لما يتوفر في هذين اللاعبين من حرارة وإرادة بالغتين في اللعب من أجل المنتخب، وتصريحات حماسية نالت التقدير والإعجاب والاحترام، وجعلتهم مدللي ''الخضر'' بامتياز. غادرنا البليدة، منتصف النهار، بعد أن شهدنا رجال الأمن يخلون محطات الحافلات وسيارات النقل بين الولايات، لتفادي أي طارئ واستبعاد المواطنين من المساحة المحاذية للملعب التي ستخصص لاستقبال مئات الآلأف من الأنصار القادمين من مختلف ربوع الوطن.. لا لشيء، سوى من أجل مساندة المنتخب الوطني الذي توضع فيه كل الآمال للعودة الى المونديال بعد غياب طويل.