تكمل دول الاتحاد الأوروبي أمس الأحد الانتخابات البرلمانية الأوروبية، وسط مخاوف من ضعف إقبال الناخبين والتصويت لأحزاب قومية متطرفة احتجاجا على الوضع الاقتصادي المتردي في القارة، إذ يتوقع أن تسبب نتائج الاقتراع حرجا لحكومات أوروبية تناضل من أجل التغلب على آثار الأزمة المالية العالمية. وجرى التصويت أمس في 19 دولة أوروبية بينها دول كبرى لها ثقلها هي فرنساوألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، حيث كانت مراكز الاقتراع في بلغاريا أول من فتحت أبوابها أمام الناخبين صباح أمس في اليوم الرابع والأخير للتصويت الذي انتهى على مدى الأيام الثلاثة الماضية في سبعة من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، ورغم توقع أن تبقى أحزاب الوسط القوى المسيطرة في البرلمان المؤلف من 736 عضوا -الذي يتولى صياغة الكثير من قوانين الاتحاد الأوروبي ويجيز ميزانية الاتحاد الأوروبي- فإن بعض أحزاب اليمين المتطرفة قد تحقق مكاسب إذا أصبح الإقبال على التصويت منخفضا. وأشارت استطلاعات الرأي التي أجريت قبل بدء الانتخابات إلى أن أقل من نصف الناخبين البالغ عددهم 375 مليونا سيشاركون في التصويت، ومن المقرر بدء إعلان نتائج الانتخابات في الساعة الثامنة مساء بتوقيت غرينتش بعد إغلاق آخر مركز اقتراع. وقد أثارت نتائج استطلاعات رأي الناخبين -بعد الإدلاء بأصواتهم في هولندا يوم الخميس الماضي- قلق زعماء الاتحاد الأوروبي، حيث أظهرت النتائج مكاسب لحزب الحرية اليميني المتطرف المناهض للمسلمين والمهاجرين بحصوله على أربعة مقاعد ومجيئه في المرتبة الثانية برصيد 17 ٪ من الأصوات. كما أزعج زعماء الاتحاد الأوروبي موقف حزب المحافظين في بريطانيا الذي يتصدر استطلاعات الرأي قبل انتخابات برلمانية مقررة العام المقبل، ويرغب حزب المحافظين في إجراء استفتاء ببريطانيا على معاهدة لشبونة التي ستعمل على تبسيط عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي. ويرجح أن يعاقب الناخبون أيضا حزب فيانا فايل الحاكم في إيرلندا على الإخفاق في حماية الاقتصاد الذي كان منتعشا في الماضي، حيث يمكن أن يخسر مقعدا واحدا في البرلمان الأوروبي لصالح حزب ليبرتاس الذي يعارض معاهدة لشبونة لإصلاح الاتحاد الأوروبي. وستتضمن مهام البرلمان الجديد تشديد قواعد النظام المالي للمساعدة في منع أزمة اقتصادية عالمية أخرى، وسيكون له أيضا الكلمة الأخيرة في تشكيلة المفوضية الأوروبية المقبلة. وإذا أصبحت معاهدة لشبونة سارية سيتطلب الحصول على موافقة البرلمان أيضا على منصبي رئيس الاتحاد الأوروبي ورئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي الجديدين، ومن المتوقع أن يصوت الكثير من الناخبين على مسائل محلية وهو ما يعد أمرا غير سار للعديد من الحكومات الوطنية. وتوقع حزب العمال البريطاني الذي انزلق في فضيحة نفقات أعضاء البرلمان هزيمة حزبه في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، ومن الدول الأخرى التي يمكن أن تواجه أحزابها الحاكمة هزائم إسبانيا واليونان والمجر والتشيك. وسيختبر التصويت في ألمانيا الأجواء قبل انتخابات وطنية في سبتمبر، في حين يأمل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في إمكانية استخدام أداء طيب لحزبه الحاكم كدليل على تأييد الشعب الفرنسي لسياساته. ويشعر الكثير من الناخبين بقلق من ارتفاع البطالة، ويقولون إن الاتحاد الأوروبي لم يفعل شيئا يذكر، وتحرك في وقت متأخر للتعامل مع الأزمة الاقتصادية رغم أنه وافق في النهاية على خطة حفز مالي وفرت أموالا لمحاولة إنعاش الاقتصاد. ويقول آخرون إن الاتحاد الأوروبي بعيد عنهم للغاية وليس له تأثير يذكر على حياتهم اليومية، والبعض ببساطة لا يفهم نظاما يتقاسم فيه البرلمان السلطة مع المفوضية الأوروبية وهي الذراع التنفيذية ومع رؤساء الدول والحكومات في مجلس الاتحاد الأوروبي.