حسم كريم جودي وزير المالية، التأويلات التي أعطيت لقرار '' إعمار '' الإماراتية بالانسحاب من الجزائر بطريقة مفاجئة أسالت الكثير من الحبر. وأنهى الوزير حالة المضاربة الإعلامية التي سبقت انسحاب المؤسسة الامارتية، وبعدها، معيدة التساؤل المحير ماذا جرى وكيف ولأي سبب ؟ وعادت الحملة السابقة تروّج عن ظروف الأعمال والاستثمار في جزائر منحت إغراءات لتوظيف الرساميل عبر تشريعات تزيل الاكراهات الجبائية والبيروقراطية والجمركية أو تخفيفها على الأقل. وقال كريم جودي بلغة الفصل تحت إلحاح الصحافة، على هامش الندوة المغاربية للإحصاء، أن انسحاب '' إعمار''، لم يكن سببه محيط الأعمال في الجزائر، الذي يعرف الانتعاش والرواج تترجمه المشاريع الكبرى ذات العلاقة المباشرة بالإنتاج والثروة والقيمة المضافة والعمل. لكن لوضع المؤسسة الإماراتية نفسها. وما قررته من مراجعة بعض مشاريعها الاستثمارية. وجاءت مسألة مراجعة بعض المشاريع الإماراتية بفعل تداعيات الأزمة المالية العالمية التي لا زالت تعصف باقتصاديات الأمم. وتهزها هزا فارضة إعادة النظر في البرامج والمشاريع. وراح الوزير يشرح أبعاد وخلفيات قرار انسحاب ''أعمار'' الذي أعطي قراءة أخرى تزيد في التعتيم الإعلامي ، وتولد الإشاعة عن الاقتصاد الوطني والخيارات المصيرية المفتوحة. وقال أن المشكل لم يكن بالمرة في الاقتصاد الجزائري، الذي يحمل مؤشرات النمو والتطور. ويكشف عن ثمار اصلاحات جذرية غايتها تهيئة أجواء العمل والنشاط للمؤسسة المنتجة وليست الريعية. وتترجم المؤشرات النمو السنوي المستقر بنسبة 8,5 في المائة ومديونية في أدنى المراتب لا تحمل القلق والانشغال وتكرست بعد قرار تسديدها المسبق دون ترك تراكماتها ترهق الخزينة العمومية، وتضع السيادة محل المساومة والرهن. ولا ننسى الجهود المضنية في سياسة التشغيل الوطنية، وما أحدثته من مناصب عمل ومرافق ومؤسسات، امتصت البطالة المخيفة بنسب مشجعة للغاية مخفضة إياها إلى ما دون 12 في المائة، بعدما تجاوزت الخطوط الحمراء لسنوات طويلة، زادتها استفحالا موجة الإرهاب وسياسة التعديل الهيكلي. ويضاف إلى المؤشرات التي تحسب للجزائر لا عليها، التدابير التي اتخذت لمواجهة تحديات الأزمة المالية العالمية. وهي تدابير أمنت الجزائر من السقوط الحر في انعكاسات الأزمة. وكرست الثقة في التعاون والتعامل معها وكان شيئا لم يكن. واعترف المتعاملون في صالون التوظيف مؤخرا بهذه الحقيقة. وأكدوا لنا في الطبعة السادسة لصالون التوظيف، أنهم لم يشعروا بتأثير الأزمة العالمية في نشاطهم بالجزائر. وعلى عكس ما جرى في الكثير من الدول التي اهتزت تحت تأثير الأزمة، بقت المؤسسات على التزاماتها الاستثمارية في الجزائر. واستمرت في تجسيد البرامج فيها. وعلى خلاف الجزائر تركت الأزمة العالمية بصماتها على برامج الاستثمار لمؤسسات عدة في مختلف جهات المعمورة. وتقرر العدول عن مشاريع بسبب شحة الإيرادات من جهة، وارتفاع نسب ضمانات القروض بصفة جنونية. مع العلم أن مجمع '' إعمار'' الإماراتي أعلن في وقت مضى عن مشاريع سياحية وعقارية بالجزائر بغلاف مالي يصل إلى 25 مليار دولار. لكنه تراجع بفعل الأزمة المالية العالمية.