لم يمنع وقوع عمليات ارهابية الدولة من المضي قدما في سياستها الأمنية التي بادر بها رئيس الجمهورية منذ اعتلائه سدة الحكم لمعالجة الازمة الوطنية بدءا بالوئام المدني ومرورا بالمصالحة الوطنية، ولعل مايؤكد ذلك اعلان الرئيس بوتفليقة خلال الحملة الانتخابية الاخيرة عن امكانية اللجوء الى خيار العفو الشامل، على ان تتم عن طريق استفتاء تعود فيه الكلمة الاخيرة للشعب الجزائري، رغم ان العفو الشامل الذي اعلن عنه رئيس الجمهورية عشية الرئاسيات الاخيرة مشروط حسبما اعلن عنه بموافقة الشعب الجزائري الذي يعلن عن موقفه من خلال استفتاء شعبي محافظا بذلك على السياسة المنتهجة في معالجة الأزمة الامنية خلال الاعوام الاخيرة، الا أن ماينبغي الوقوف عنده هو حرص الدولة الدائم على معالجة المشكل الامني معالجة سياسية وعدم الانصياع للجرائم الارهابية التي تحدث بين الحين والآخر لضرب نتائج المصالحة الوطنية. ولعل مايؤكد هذا الطرح تجديد القاضي الاول في البلاد التمسك بالمصالحة في كل الاحوال من خلال ابقاء ابواب التوبة مفتوحة امام كل الذين يريدون العودة الى طريق الصواب، وبالموازاة مع ذلك مكافحة الاستمرار في الارهاب دون هوادة، وإذا كانت العهدة الثانية قد تميزت اساسا بالمصالحة الوطنية فإن الفترة الثالثة بدورها مميزة لأن المقترح يتعلق بعفو شامل. واذا كان قانون الوئام المدني وقبله قانون الرحمة قد مهدا لنجاح المصالحة الوطنية فان هذه الاخيرة حققت نتائج جد ايجابية، فعلاوة على استتباب الأمن فضل الاشخاص الذين ظلوا طريقهم العودة ووضع السلاح جانبا ماترتب عنه توبة المئات منهم مامكنهم من الاستفادة من التدابير التي وردت في نصوص ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وعلاوة على الجانب الأمني عالجت المصالحة الوطنية الشق الاجتماعي دونما اهمال اية فئة بمافي ذلك عائلات الارهابيين وافرادهم الضالعين في عمليات ارهابية وكذا عائلات الضحايا، ويأتي هذا الحرص لتكون المصالحة مبنية على أسس متينة ولاتتأثر سلبا في المستقبل. للإشارة فإن حرص الدولة على استكمال معالجة الازمة الامنية معالجة سياسية موازاة مع مكافحة الإرهاب، اكدت فعالياتها في الميدان، ما ادى الى تراجع عدد الإرهابيين واستتباب الامن وعودة الاستقرار، الذي لم يتأثر كثيرا بالعمليات التي تقع من حين لآخر، ويبقى الأمر الأكيد بان الجزائر اكتسبت تجربة كبيرة في المعالجة وفي مكافحة الارهاب جعلتها محل اهتمام الدول الكبرى التي لم تسلم هي الأخرى من هذه الظاهرة.