برنامج صحي شامل للتكفل بالمرضى رافع مختصون وباحثون في مرض السكتة الدماغية من أجل التحلي ب»الحس الصحي» لمحاصرة المخاطر الكبيرة لمرض الجلطة الدماغاية الذي يعتبر السبب الرئيس الأول في الإعاقة بالجزائر والثالث للوفيات، في غياب برنامج شامل للوقاية والعلاج الفوري عند الإصابة. وما يزيد من القلق ويفرض تدابير صحية عاجلة أن هذا الداء الفتاك يزحف بقوة نحو الفئات العمرية الصغيرة بسبب الظرف الصعب وتعقيدات مشاكله. حذّر الملتقى الدولي الثالث حول سجل السكتة الدماغية الذي احتضن أشغاله المستشفى الجامعي بوهران بمشاركة 90 طبيبا من الجزائر وفرنسا من تزايد عدد الحالات الجديدة بالجزائر، بعدما ناهزت ال50 إصابة سنويا. وهو ما يستدعي حسب الخبراء فتح المزيد من الوحدات الصحية وإشراك المؤسسات العمومية الاستشفيائية في التكفل بالداء، في إشارة إلى تواجد ست 06 وحدات فقط بالبليدة، وهران، سطيف، قسنطينة، تيزي وزو والجزائر العاصمة، مقابل أكثر من 150 وحدة بفرنسا وما يزيد عن 1.000 وحدة بالولايات المتحدة. بدورها رئيسة مصلحة الاستعجالات الطبية للمستشفى الجامعي بوهران، البروفيسور مخطارية حورية، قدّرت عدد حالات الإصابة بالسكتة الدماغية بالمصلحة، بنحو 800 حالة هذه السنة، فيما يكمن مسبب الخطر الرئيسي للسكتة الدماغية أو الجلطة الدماغية في ارتفاع ضغط الدم الذي ليس له أي أعراض ويمكن تشخيصه في الفحص عند الطبيب أو في البيت. أوضحت مخطارية أنّ السكتات الدماغية لدى مرضى السكري من نوع 1 أو نوع 2 ، الأكثر شيوعا بنسبة 35 بالمائة من الأسباب، وقد يؤدي السكري غير المتوازن إلى انسداد الأوعية الدموية الصغيرة في أعضاء الجسم مثل الأمعاء والكلى، وكذا لانسداد أوعية الدم في الدماغ وبالتالي يؤدي إلى سكتة دماغية. فيما يحتل التدخين المرتبة الثالثة ب20٪ والإفراط في استهلاكه بأنواعه المختلفة حسب نفس المتحدّثة عامل محفز لتطور تصلب الشرايين وزيادة مستويات عوامل التخثر في الدم، وأيضا يزيد من الضرر الذي ينشأ في بطانة الأوعية الدموية في الدماغ، مؤكدة على ضرورة الحفاظ على مستويات منخفضة من الكوليسترول الضار (LDL) وعلى المستويات الأعلى الممكنة للكولسترول المفيد (HDL) لمن خضع للقسطرة العلاجية، أو أصيب بالنوبة القلبية أو السكتة الدماغية. ومن جهة أخرى فإن خطر الإصابة بالسكتة الدماغية يزداد لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة الزائدة، والتي تؤدي حسب آخر الدراسات الطبية إلى ارتفاع مستويات الدهون في الدم، وارتفاع ضغط الدم، ومقاومة الجسم للأنسولين وصولا إلى تطوير مرض سكري للكبار (داء السكري من النوع 2) مجمل هذه الظواهر تسمى «المتلازمة الأيضية». الوقاية دائما حذّرت البروفيسور مخطارية من عدم انتظام ضربات القلب والذي يؤدي إلى البطء في تزويد الدم بين الأذين والبطين، وبالتالي يميل إلى التجلط ليصبح خثرة التي قد تنجرف مع تدفق تيار الدم لتصل إلى الدماغ، لاسيما تضيف «الرجفان الأذيني» وتزداد نسبة شيوع هذا الاضطراب عادة لدى من يعانون من الأمراض القلبية الأخرى (مثل قصور القلب، ومرض الصمامات أو تصلب الشرايين التاجية). ولمواجهة أخطار السكتة الدماغية، شدّد الأطباء على ضرورة الإسراع بالمريض إلى مراكز العلاج المتخصصة، بمجرد بروز أعراض السكتة الدماغية لتلقي الإسعافات الأولية، وحذروا من أن أي تأخر قد يؤدي إلى مضاعفات يصعب علاجها، لأن مذيب الجلطة قد لا يكون مفيدا إذا تعدت المدة ساعة واحدة. ونبهوا إلى أن الساعات الأولى التي تعقب بروز أعراض السكتة الدماغية «ذهبية» لأهمية وقيمة السرعة في محاصرة المرض، خاصة إذا علمنا أنّ الخلايا العصبية لا تتجدد ما يؤدي لإتلاف قسم كبير من المخ، على اعتبار أن ملايين الخلايا العصبية، تموت لمجرد توقف الدم عنها لمدة ثلاثة دقائق فقط. وفي هذا السياق أشارت رئيسة وحدة التكفل بالجلطة الدماغية للمؤسسة الاستشفائية الجامعية 1 نوفمبر 1954 بوهران الدكتورة بادسي قوار دنيازاد، إلى توفر علاج على مستوى هذه الوحدة لحوادث انسداد الشرايين ويتعين على المريض أن يصل إلى الوحدة خلال الأربع ساعات التي تلي الحادث «وإلا لن يكن للعلاج أي مفعول». مع العلم أنّ وحدة التكفل بالجلطة الدماغية للمؤسسة الاستشفائية الجامعية 1 نوفمبر 1954 التي تم تدشينها في فبراير من سنة 2015 تستقبل ما بين 4 و5 مرضى يوميا وهي تعمل على مدار 24 ساعة بطبيب مداوم وطاقم طبي مكوّن من أخصائي في طب الأعصاب وآخر في الإنعاش وطبيب داخلي وأخصائي في النطق وغيرهم. هذا العدد من المرضى يمثل «عبئا كبيرا على الوحدة التي تقدر طاقة استيعابها ب 10 أسرة، بالنظر إلى النقص الفادح في أخصائيي طب الأعصاب».