فقدت الجزائر شخصيتين وطنيتين من طينة الكبار، أمس، ساهم كل واحد منهما على طريقته في بناء دولة المؤسسات وترقية الإدارة والتسيير المحكم المبني على أسس سليمة تجعل من الصعوبات محطة انطلاق للتقويم والتقييم. ويتعلق الأمر بالرائد جلول خطيب الذي رحل عنا عن عمر يناهز 79 سنة وهو الذي ساهم بقوة في احترافية الجيش وبلوغه المكانة المستحقة والتقدير. كما لعب المرحوم دوره في تأسيس الإدارة الجزائرية غداة الاستقلال. الشخصية الأخرى التي رحلت عنا في صمت هي اسماعيل حمداني رئيس الحكومة الأسبق الذي غادرنا عن عمر يناهز 86 سنة. وتولى حمداني وهو من مواليد 1930 ببرج بوعريريج وظائف سامية في الدولة أداها على أكمل وجه، آخرها رئيس الحكومة من 15 ديسمبر 1998 إلى غاية 23 ديسمبر 1999. كما تولى الفقيد أيضا رئاسة الجمعية الجزائرية للعلاقات الدولية. تقلد حمداني المعروف بالهدوء في عمله وصاحب تجربة سياسية كسبها من خلال تمثيل الجزائر ديبلوماسيا في فرنسا بداية العشرية السوداء، وظائف قيادية منذ الاستقلال منها مستشار قانوني لوزير الإعلام بداية من الاستقلال، أمين عام الحكومة من 1977 إلى 1979، مستشار برئاسة الجمهورية 1980 - 1983 إلى جانب تمثيله لبلادنا سفيرا في عدد من الدول الاسكندنافية وإسبانيا. ويشهد للفقيد الذي تولى رئاسة الحكومة في مرحلة حساسة من تاريخ البلاد ضمن الاستقرار حبه للحوار والتفتح ضمن احترام المؤسسات الشرعية والقانون. اتسم بهذه المواصفات كاسبا تجربة ثرية نتيجة ممارسة سياسية ميدانية أقنعت الآخر المتطاول على الجزائر أيام العشرية السوداء وخروجه على الملأ يروج للصورة الأخرى غير النمطية الملصقة ببلادنا في تلك الحقبة التي كان يشغل فيها صفة سفيرا للبلاد بباريس، رادا بمنطق سوي على الحملات المسعورة التي بيضت الإرهاب وأعطته وجها إنسانيا للأسف بترديد عبارة «من يقتل من؟» في هذا الإطار نوّه عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الامة بخصال الراحل معتبرا أنه مثال للإخلاص للوطن. وقال بن صالح معزيا عائلة الفقيد إن الراحل قضى جلّ حياته في تولي المسؤوليات والمهام السامية باقتدار وتواضع يعترف له من عرفوه بصفات المسؤول والمثقف وبصفاء سريرته وثراء مسيرته. من جهته، أبرز رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة خصال الفقيد حمداني الذي يوارى الثرى بعد ظهر اليوم بمقبرة العالية، وأنه يعد المثال الحي في الاستقامة وحب الوطن» . وقال ولد خليفة معزيا أسرة الراحل كان لحمداني الحضور المميز في المشهد السياسي، نبيل الشمائل والخصال. تشهد له سيرته النضالية بصدقه في أداء الواجب وتحمل المسؤوليات.