خيارات التوقيت الحالي المخصص للمعلم والأستاذ للراحة، أمسية الثلاثاء والجمعة والسبت لم تكن ارتجالية صادرة عن نزوات شخصية للاستفادة من مزيد من الساعات بدون عمل، بل كانت محلّ إجماع الوصاية وزارة التربية الوطنية والنقابات الذين بعد أخذ ورد توصلوا إلى الحلّ الوسط الذي نحن بصدد الوقوف عليه اليوم. والخيارات التي كانت مطروحة من قبل عديد التنظيمات النقابية في لقائها مع مسؤولي وزارة التربية الوطنية، هو السعي الحثيث من أجل التخلص من الساعة الممتدة إلى غاية 30:17 وتعويضها بيوم السبت، لكن الوزارة شددت على أن تكون هناك أمسية الثلاثاء عطلة بمعنى راحة للجميع، بإضافة الجمعة والسبت المندرجين في إطار العطلة الأسبوعية القانونية، وهذا ما اتفق عليه الجميع بناءً على ترتيب جيد وحسن لجداول التوقيت التي تراعي دراسة كافة المواد المقررة. هذه النظرة تسمح فعلا بإيجاد فضاءات كافية للتلميذ والأستاذ، قصد مراجعة الدروس، وتحضير المذكرات وغيرها من المسائل البيداغوجية الحساسة التي تتطلب كثيرا من البحث والمتابعة المستمرة والمتواصلة. ولا يجب في هذا الشأن النظر إلى أمسية الثلاثاء ويوم السبت على أنها أخطاء في التقدير أو تصور أو إقتراح فرضته النقابات، بل هو قرار اتخذ عن قناعة كاملة بعيدا عن كل حسابات، خدمة لكل أطراف المعادلة التربوية، أخذا بعين الإعتبار مصالح التلميذ وانشغالات المعلم والأستاذ في آن واحد. وحاليا فإن ما تم إقراره، تراجعت عنه الوصاية وهذا عندما سجلت هناك دراسة في يوم السبت في بعض المناطق من البلاد، ولا ندري من اتخذ مثل هذا القرار بشكل غير رسمي، وقد يحدث تشنجات لدى البعض المعنيين في هذا القطاع، لأن الإلتزام الذي كان سائدا هو عدم تدريس يوم السبت وفق ما أعلن عنه. وهذا المكسب الذي استفاد منه كل من المعلم والأستاذ والتلميذ يرمي في الأساس إلى ترقية العملية البيداغوجية بكل أبعادها، بحثا وتحقيقا للأهداف المحددة في كل ما تم تدوينه في مشروع إصلاح المدرسة الجزائرية. وهذا التوقيت الممنوح لأسرة التعليم، لا يمكن التراجع عنه خفية، بل ضروري أن يتم في شفافية تامة حتى يكون الجميع على علم بهذا القرار، لأن الأمر يتعلق بقطاع شائك يتطلب كثيرا من بعد النظر. وبعد كل هذا، فإن المطلوب من وزارة التربية هو العمل على معالجة المسائل البيداغوجية المطروحة أمامها بحدة في الوقت الراهن بهدوء تام، وصرامة كاملة إنطلاقا من الحرص على حماية المنظومة التربوية من كل الهفوات غير المتوقعة الناجمة عن ضغط المحيط، مثلما وقع في نقطتي الوقت والمئزر. زيادة على الرغبة العميقة في تطبيق المحاور المتبقية من ملف إصلاح المنظومة التربوية، فإن الرهان اليوم يتمثل في البحث عن أفضل الصيغ للخروج من ''قضية المئزر'' التي طغت على حديث المدرسة بدلا من المسائل البيداغوجية الواردة في القانون التوجيهي لقطاع التربية، وهذا فعلا ما يكون قد أحدث خللا في مهام الوزارة حاليا، نأسف اليوم أنه في كل لحظة نجتر الحديث عن المئزر، فيما أن المدرسة أكبر من المئزر.