بعد أن حطّت الحرب العالمية أوزارها كانت أوروبا برمّتها تعيش تحت الصّدمة، وأحسن وصف يمكن إطلاقه على هذا الدب الجريح هو أنّه كان تحت درجة الصّفر؟! سواء من النواحي الاقتصادية أو السياسية وصولا للمعيشية...فقد لفظ غالبية الأفراد أنفاسهم بحثا عن مأوى يقيهم شر القنابل والمتفجرات، وكذا شر وخطر الطبيعة وقساوتها المطلقة. وكان من محاسن الصدف أن يظهر للوجود إبان تلك الفترة مارد جديد وفتي أوجدته التحولات التاريخية إسمه الولاياتالمتحدة، بعيدا عن المصطلح الرئيسي أمريكا الذي يعني في الأعراف السياسية الوحدة القطرية والخصوصية اللوجيستيكية..هذا الشاب مفتول العضلات سحر الجميع بلباقته وأسلوبه الانساني الذي كان يعني الخلاص الحقيقي، فكان بمثابة الممثل الحاذق الذي قدم يده الطولى صوب الغرقى والمنكوبين؟ أو منحهم امتيازات كثيرة على رأسها السلم والأمان. وإذا عدنا إلى الوراء قليلا لتذكر جميعنا أنّ أدولف هتلر كان سببا مباشرا في الحربين الأولى والثانية بسبب أطماعه التوسعية ونزعته الجنونية في السيطرة على العالم، لكن الأقدار لم توصله نحو مبتغياته نظير الأخطاء الكارثية الكبرى التي ارتكبها ضد العنصر البشري برمته وأيا كان جنسه وليس اليهود فقط كما يشاع. وبالتالي فهو الذي كانت تنطبق عليه صفة الإرهاب العابر للقارات، والأخطر على الأمم والشعوب وليس داعش المعاصر الذي ظل يتحرك وفق حيز جغرافي معين، وبالتالي فلولا همجية هتلر لما وجدت الولاياتالمتحدة من فرصة كي تؤدي دور رجل المطافئ، وكما يقول المثل الشّعبي (ما الذي يفعله الميت وهو بين يدي غساله، فقد رضي الأوربيين بكل ما أملي عليهم دون قيد أو شرط، فقط أنّ أمريكا سارعت كي تضمن لهم وبمعية تحالف قد يكون عند البعض شكليا، لكنه فعلي لأن قوى التحالف كانت كذلك إحدى ضحايا النازية، فخطّطت بلد العام سام لأجل أن تعيد إليهم البسمة وتعمل بأي شكل من الإشكال على إعمار مدنهم وقراهم المخربة. هذه هي البديهية العامة وبأسلوب مبسط في الذي جعل أمريكا سيدة المبادرات والبنود والاتفاقيات التي سنّتها مع كل دول المعسكرين الشرقي والغربي آنذاك، فكان لها ما كان يوم رسمت لنفسها معالم المجد والاستقواء وتضمن لسيرورة ذلك مئات السنين دون أن تفقد دورها الريادي في شتى المجالات؟ والسؤال هل كل ما عليه وتحوزه أمريكا اليوم هو ضربة حظ أم تخطيط محكم وذكاء جهنمي؟! ففي الأدبيات العامة يقال بأن الذي تأتيه فرصة ويعجز عن اغتنامها لتصحيح مساره وتثبيت قواعده هو عنصر فاسد المزاج ومبتذل، أمريكا لم تكن كذلك..بل هي قدر ما اغتنمت الفرصة وسعت الطريق من حولها لزرع بذور فرص أخرى تلد مع مرور الحقب كالشجيرات العملاقة ويعلو شأنها بانتظام ودراسات دقيقة أقرب هي الواقع من الأحلام والأمنيات، استطاع العالم الجديد أن يؤسس لنظام عالمي تسير الأمم والشعوب والأقليات على نهجه، وقابل للتعديل وإضفاء حقن استقواء لصالحه، ولا يمكن أن يفنى أو يتغير جذريا إلا بحكمة ربانية، فهو خالد خلود الشمس والقمر وفعال فعالية الأدوية والمضادت الحيوية ضد الداء؟! أمريكا إذا ساحرة العالم والتاريخ، انخرطت في فاصل زمني جد حساس وفي ظرف وجيز استطاعت أن تضمن لنفسها العصمة والجاه، بل مركزية الكرة الأرضية؟! شاعر وصحفي جزائري عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.