بعد الانجاز التاريخي والتأهل الكبير الى المونديال القادم للفريق الجزائري والطريقة التي تمكن من خلالها بإزاحة نظيره المصري من طريقه، تحدث المدرب الوطني رابح سعدان، صباح أمس، في هدوء كما عوّدنا وتطرق للعديد من النقاط من سفرية القاهرةوالخرطوم وكذا العودة الى الجزائر. فقد أوضح سعدان أنه جد سعيد بهذا الانجاز الذي جاء بعد مجهودات كبيرة منذ عدة أشهر، وقال في هذا الإطار: »لقد سعدنا كثيرا بالاستقبال الكبير الذي خصّ به المنتخب الوطني، فور وصوله الى الجزائر، فاللاعبون أبهروا بما شاهدوه في المطار وطوال الطريق المؤدي الى قصر الشعب، في شوارع العاصمة كانت الفرحة لا توصف، فحتى اللاعبون الذين التحقوا بالخضر في المدة الأخيرة كانوا ينتظرون مثل هذا الاستقبال، كونهم شاهدوا كيف يحب الشعب الجزائري هذا الفريق وكيف يشجعونه والطريقة الفريدة التي لا يعرفها إلا الجمهور الجزائري«. وأشار سعدان أن استقبال رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لأعضاء الفريق الوطني كانت لحظة سعيدة وتاريخية لدى اللاعبين والإطار الفني. وتحدث المدرب الوطني بعد ذلك عن مغامرة القاهرة التي قال بشأنها أن الفريق الجزائري عاش أصعب لحظاته في هذه التصفيات منذ وصوله الى مصر ولم يلعب في ظروف رياضية التي تسمح له بالعودة بنتيجة التأهل من ملعب القاهرة وقال »المصريون قاموا بأشياء خارجة عن الرياضة وقاموا بتخويف اللاعبين بأساليب معروفة لديهم، مما أربك كثيرا اللاعبين الذين لم يدخلوا أرضية الميدان بكل امكانياتهم، ففي مجال الكرة كنا أحسن منهم بكثير، وهم يعلمون بذلك أننا أحسن منهم لذلك استخدموا مثل هذه الأساليب، فلا يمكن لأي فريق أن يسجل نتيجة ايجابية في مثل هذه الظروف«. بعد كابوس القاهرة.. كانت الأمور مريحة بالخرطوم المهم أن الفريق الوطني لم يضيع ورقة التأهل في القاهرة وكان أكبر فوز ل »الخضر« في موقعة القاهرة، فرغم كل ما حدث له منذ وصوله الى مصر، إلا أنه صمد بطريقة تكتيكية مميزة سمحت له اجتياز العقبة دون تضييع أمل التأهل وانتظار المباراة الفاصلة، وهنا سعدان قال: »عرفت الأمور تغييرا جذريا عندما وصلنا الى السودان والاستقبال الحار الذي وجدناه في الخرطوم، أين أحس اللاعبون أن الروح عادت إليهم وعليهم الاتكال على امكانياتهم الفنية فقط وبامكانهم الوصول الى المبتغى في ظروف حسنة«. وقد لعب الفريق الوطني مباراة بطولية تمكن عنتر يحيى من توقيع هدف الفوز بكل قوة وذكاء، رغم أن الدفاع المصري كان مجتمعا أمام الحارس عصام الحضري. وفي تقييمه لآداء الفريق الوطني، أشار سعدان »الفريق الوطني الحالي يتوفر على فرديات لامعة ويتوفر على امكانيات كبيرة، وما ينقصنا الآن هو اعطاء الانسجام الحقيقي لكل هذه الخطوط، خاصة وأننا لم نكن نتوفر على الوقت الكافي للقيام بعمل في هذا المجال، خاصة وأن تواريخ الفيفا لم تكن عديدة«. وفي التحليل الفني لآداء الفريق الوطني، أضاف سعدان »لدينا نقص في الهجوم الذي لا يوجد فيه فعالية كبيرة وسنعمل في هذا المنوال في المستقبل لإيجاد الحل المناسب الذي يمكننا من استغلال كل الفرص التي تتاح لنا، كما أن وسط الميدان يفتقر للانسجام الضروري والمستوى الذي أريده، ولدينا الوقت حاليا للعمل في هذا الاطار، حيث ستكون كأس إفريقيا بمثابة التجربة التي تسمح لنا لعب المونديال بكل امكانياتنا«. وفي مجال تدعيم التشكيلة الوطنية بلاعبين ممتازين في المدة الأخيرة، قال سعدان: »فعلا فقد أعطى هؤلاء اللاعبين ركيزة أخرى وفتحوا لنا مجال أوسع للاختيار وضبط التشكيلة بشكل أحسن، فلاعبين مثل مقني ويبدة وعبدون لهم كل المواصفات التي كنا نريدها في الفريق الوطني، وهنا لا أتحدث عن الجانب الرياضي وإنما من الناحية العقلية التي أتوا بها الى الجزائر والتي أبهرتني، ولابد أن أحكي لكم واقعة اللاعب يبدة، الذي جاء في تربص إيطاليا مصابا، وبعد التدريبات قلت له أنه سيكون غير معني بالمباراة الأولى بالقاهرة، الأمر الذي أثر فيه وقال لي أنه مستعد للعب رغم الاصابة التي يعاني منها، فوضحت له أن الأمر متوقف على الجانب الطبي لأقنعه بالاختيار، هذا التصرف يعبر تماما على العقلية التي قدم بها هؤلاء اللاعبون والمستعدون للتضحية من أجل الألوان الوطنية«. ومن جهة أخرى، فإن سعدان اعترف بأن عملا كبيرا ما زال ينتظر، ليكون الفريق في الموعد أثناء المونديال وفي مستوى أفضل بكثير، عائدا الى البداية والتطور الكبير الذي حصل للفريق الوطني خلال مسيرته. بدأنا المغامرة في ظروف صعبة وتحسنا كثيرا قائلا: »انطلقنا في ظروف صعبة منذ عامين تقريبا، فكان الهدف هو تكوين فريق تنافسي قادر على العودة الى نهائيات كأس إفريقيا، وهذا الشيء منطقي، كوننا لم نتأهل الى العرس الإفريقي منذ ,2004 وعملنا في جو مريح واستطعنا أن نجتاز الدور الأول، رغم صعوبته وندخل في الدور الأخير لتصفيات كأس إفريقيا والمونديال بآمال كبيرة، وصدقوني بدأنا نفكر في المونديال بداية من التعادل أمام رواندا وفوزنا التاريخي على مصر في ملعب البليدة، هنا تأكدنا أن لدينا الامكانيات التي تسمح لنا بالذهاب بعيدا وعدم تضييع هذه الفرصة المواتية، لذا بقينا مركزين في الموضوع، وطعمنا التشكيلة بلاعبين جدد بفضل قرار الفيفا والدور الكبير الذي قام به رئيس الفاف روراوة في اتخاذ الاتحاد الدولي لهذا القرار الذي استفادت منه الجزائر كثيرا ولدينا لاعبين جيدين سيكون لهم شأن كبير في المستقبل القريب«. وفي هذا الموضوع خاصة ذكر المدرب الوطني ''أن أبواب الفريق الوطني مفتوحة، وسوف نسعى دائما لتدعيم الفريق بلاعبين مميزين، بالرغم من أنه من الصعب إيجاد حاليا لاعب جزائري كبير في البطولات الأوروبية في مركز مهاجم، لكن العمل متواصل في كل الأمور المتعلقة باعطاء قوة أكثر لهذه التشكيلة التي استطاعت إعادة الجزائر الى مركز ضمن أكبر المنتخبات العالمية«. وسعدان دخل التاريخ من الباب الواسع بتوقيعه لثالث تأهل للفريق الجزائري الى المونديال، فتأهل 82 كان ضمن الطاقم الفني وفي 86 و,2009 كان المشرف الأول على الخضر، ويسعى حاليا على التأكيد على العودة القوية للكرة الجزائرية عالميا والوقت مازال أمامنا لإعطاء قوة أكبر لهذا الفريق الذي أسعد كل الجزائريين أينما كانوا، بالروح الجماعية التي يلعب بها والتضحية في كل الأوقات، خاصة وأن موقعة القاهرة كانت بمثابة المنعرج الذي زاد من عزيمة الجزائريين لكسب تأشيرة حضور أكبر عرس عالمي في جوهانسبورغ العام القادم.