صنع الناخب الوطني رابح سعدان التاريخ مرة أخرى بعد افتكاكه بكل جدارة واستحقاق تأشيرة المونديال بعاصمة جنوب القارة الإفريقية جوهانسبورغ، ليسجل اسمه من ذهب في تاريخ الكرة الجزائرية ويحرر الجزائر من عقدة دامت قرابة 24 سنة وأدخل الفرحة والبهجة في نفوس أكثر من 35 مليون جزائري، إنه »الشيخ سعدان« الذي أعاد الجزائر إلى مصاف الكبار الذي هو مكان كل الجزائريين. افتك المدرب المحنك رابح سعدان تأشيرة المونديال من أرجل الفراعنة بعد جهد كبير بذله رفقة عناصر المنتخب الوطني ليبقى أستاذا كبيرا يحسن التحكم والإشراف على المنتخبات الوطنية في مشوار كأس العالم لكرة القدم، حيث أخذت مسيرة سعدان بعد ضمان التأهل فوق أرضية ميدان ملعب الخرطوم منعطفا باهرا أين سطع إسم سعدان أكثر وتوسعت شهرته عالميا رغم أن اسمه لا يخفى عن القدامى وبالضبط في 1986. مشوار رابح سعدان طويل ومليء بالمحافل والانتصارات، امتد طيلة 27 سنة تمكن خلالها من تأهيل الجزائر إلى المونديال مرتين الأولى في 1986، والثانية في 18 نوفمبر 2009 بملعب المريخ بأم درمان السودانية التي كانت فأل خير على الجزائريين، كما كان لسعدان مساهمة كبيرة جدا في تجسيد حلم ملايين الجزائريين ومكنهم من تلقين المنتخب المصري الذي حرمهم من المشاركة في مونديال سنة 1990 بايطاليا دروس لن ينسونها في كرة القدم وفي الروح الرياضية العالية والأخلاق التي تحلى بها أشباله في الملاعب الإفريقية وخاصة في استاد القاهرة وملعب المريخ السوداني. سعدان الذي تخرج من معهد العلوم والتكنولوجيا الرياضية ببن عكنون بالجزائر والبالغ اليوم 63 سنة حقق نجاحات عديدة في مشواره الرياضي، فبفضل هذه السهرة الإفريقية الخالدة بالخرطوم منح هدية غالية لا تقدر بثمن للشبيبة الجزائرية التي استعادت ثقتها في النفس، وقد كان الناخب الوطني لاعبا نشط في صفوف العديد من الأندية الجزائرية من بينها مولودية باتنة، مولودية قسنطينة، شبيبة الأبيار، اتحاد البليدة ورين بفرنسا، وبعد حادث مؤسف اضطر إلى التحول إلى ميدان التدريب ابتداء من سنة 1976 محققا في أعقاب ذلك نجاحات ما فتئت تتوالى. سعدان بفضل قدراته وإمكاناته استطاع أن يصنع له مجدا في عالم التدريب على الرغم من بعض الصعوبات التي وجدها في مشواره الرياضي، ولم تكن من الصدف أن توكل إليه مهمة الإشراف على الهياكل الفيدرالية للمنتخب الوطني في سنوات 1999، 1981-1982 و1984-1986 و 2003-2004 وأخيرا سنة 2007، حيث سافر كثير في مشواره الطويل والثري، كما لم يبخل على الأندية العربية والمغاربية بتجربته الفريدة، فقد استفادت من خدماته العديد من الأندية بفضل الخصال والكفاءات العالية التي يتمتع بها هذا المدرب المتميز، أين أشرف باليمن على المنتخب الوطني ثم يدرب بعدها العديد من الأندية في السعودية وتونس والمغرب حيث فاز باللقب الإفريقي مع نادي الرجاء البيضاوي. وكان سعدان أول مدرب جزائري يؤهل المنتخب الوطني للمونديال سنة 1979 حين ساهم في اقتطاع فريق الأشبال تأشيرة المشاركة في كأس العالم باليابان، وهذا بفضل شخصيته القوية والهادئة حيث يلومه عدد من أصدقائه ومنافسيه على قدرته الفذة في الحفاظ على هدوءه في المباريات الساخنة والشديدة التنافس. ساهم سعدان ضمن الطاقم الفني في تأهل المنتخب الوطني إلى مونديال سنة 1982 بإسبانيا قبل أن يتسلم زمام العارضة الفنية التي ضمنت التأهل إلى مونديال سنة 1986 بمكسيكو أربع سنوات بعد ملحمة خيخون، ليظل سعدان رجل النجاحات والتألق، وقد أظهر ذلك حين كان على رأس العارضة الفنية للرجاء البيضاوي المغربي والنجم الساحلي التونسي، و بلغت شهرته ذروتها حين عين للإشراف على المنتخب الوطني في الوقت الذي كان يعاني هذا الأخير من بعض الصعوبات، أين تمكن من تنظيم بيت المنتخب الوطني وقاده بكل جدارة واستحقاق إلى مونديال مكسيكو سنة 1986 رفقة أكبر المنتخبات في العالم. ولم يخش سعدان تولي مهمة قيادة »الخضر« حين كان هذا الأخير يمر بأحلك أوقاته من أجل إصلاح ما دمره المدربون الأجانب، حيث تجمع كل الفرق والمنتخبات التي أشرف عليها سعدان أنه رجل يجلب البركة وحسن الطالع، إنه بكل بساطة رجل شغوف بكرة القدم وبالتدريب وكان مدافعا قبل أن يصبح مدربا ثم قائدا يكن له لاعبوه كل الاحترام والتقدير. سعدان يبرهن للعالم حتى لا نقول للأفارقة أو للعرب أنه مدرب من طينة الكبار، أثبت أنه قادر على الذهاب بالفريق الوطني إلى ما لا يمكن تصوره، ليقول للجميع بسكوته نحن في المونديال والكلام في الميدان وليس في الصحف والفضائيات.