بالتأكيد عاد بما مضى وبأمور كثيرة جديدة أغلبها للأسف لا يبعث على الغبطة والفرح والاطمئنان بل يثير الكثير من الأسى والحزن وخيبات الأمل، فأينما تولي وجهك ترى أمة المليار تعاني المعضلات وتتخبط في الأزمات القديم المزمن منها والجديد المتجدد. وقد تجهد نفسك عبثا وأنت تبحث عن بارقة أمل أو نقطة ضوء في الأفق دون أن تراها أو تجد لها أثرا. مازالت أغلب نقاط التوتر والحروب والصراعات في العالم محصورة داخل عالمنا الإسلامي ، وما زال المسلم لم يسلم من نظرة الشك والإدانة التي تلاحقه دون النعوت التي الحقت به بوصفه ارهابيا أو مثيرا للمشاكل والعنف أينما وجد، بل ومازال المسلمون ينقسمون ويبتعدون عن أنفسهم حتى تحول الكثير منهم الى أعداء يكيلون لبعضهم البعض الشتائم والعداء والحقد، وأصبح الاخوة المجتمعون في الدم المرتبطون بالعروبة متفرقون حتى داخل أوطانهم، فهؤلاء أبناء فلسطين الذين يمتطون سفينة واحدة لم يعد يعنيهم كيف السبيل الى محاربة الأمواج المتلاطمة حولهم وبلوغ بر الأمان بقضيتهم العادلة، بل أصبح صراعهم المثير للتقزز والشفقة محصورا حول من يتولى قيادة هذه السفينة وفي أي اتجاه يقذف بها. وغير بعيد يعيش العراقيون نفس المأساة فعوض أن يوحدهم الاحتلال حول موقف واحد وهو محاربته قصد التحرر والالتفات الى اعادة البناء، ها هو الانقسام العرقي والمذهبي والطائفي يشتت صفوف أبناء بلاد الرافدين الذي كان شامخا ذات زمن وتحول الاسلام من عامل وحدة وتوحيد الى عامل فرقة وتشتيت وقتال وتقتيل. المسلمون العرب على حالهم باقون، علاقات باردة تجمعهم، ومصالح ذاتية تفرقهم بل أصبحت بلاد العرب المسلمة كل واحدة تغلق حدودها في وجه الأخرى، وتدير لها ظهرها، وكأنها -أي البلدان العربية- مجموعة حريم لسي السيد »الغرب«. أما المسلمون غير العرب، فأحوالهم لا تقل مأساوية فالوضع في باكستان وأفغانستان مازال مشتعلا يحصد يوميا عشرات الضحايا، ولا أمل في الأفق مادام التدخل الأجنبي المسلح مستمرا، ومادامت الأنظمة التي تحكم الشعبين هناك ضعيفة وفاسدة ومتورطة في مؤامرة غربية كبيرة هدفها اضعاف المسلمين وشغلهم بالحروب والصراعات الداخلية حتى لا يلتفتوا الى جوهر قضاياهم وعلى رأسها قضية تحرير فلسطين وتخليصها من الاحتلال الصهيوني. وحتى الدول المسلمة التي تحاول الانعتاق من قيود التبعية والتخلف وتسعى الى طرق أبواب التطور أو على الأقل مجالات النمو التي يحتكرها الغرب، كالتطور النووي تواجه كل أنواع التهديد والعقوبات والحصار، والمثال تعكسه الحالة الإيرانية التي تواجه تهديدا غربيا جديا لأنها مصرة على مواصلة برنامها النووي السلمي. عيد آخر يمر والمسلمون برغم امكانياتهم المادية والبشرية، وبرغم شساعة أراضيهم وغناها بالثروات، مازالوا يحتلون المراتب الدنيا في سلم النمو والتطور، بل ومازالوا يستوردون لقمتهم وحليب رضعهم من الغرب والمأساة كلها في غياب التكافل الذي يشدد عليه الاسلام ، فتجد في بلاد خير أمة أخرجت للناس من يموت جوعا وعطشا ومرضا، وفي المقابل نجد من يعبث بالأموال ويلقي بها تحت أقدام الراقصات وال...، ومن يسد بها عجز الميزانيات في بلاد الغرب وخسارات بنوكهم. الصورة سوداء وبزوغ الفجر لا يبدو قريبا.