استرجاع 115 مركبة من كل الأحجام وتوقيف 30 شخصا من أوربا إلى الجزائر... أمن الجزائر يكشف البعد «القارّي» لشبكة التهريب تمكّنت مصالح أمن ولاية الجزائر من توقيف عصابة إجرامية دولية مختصة في سرقة السيارات والمركبات من كل الأحجام والأنواع وغرسها في الجزائر على أساس أنها سيارات عادية بعد التلاعب بملفاتها القاعدية، ومنحها لوحات ترقيم ولايات مختلفة بتواطؤ بعض الضالعين في المصالح الإدارية، سواء البلدية أو الدائرة، العصابة لم يكتشف أمرها لولا الاحترافية والتحري والنجاعة في معالجة قضايا من هذا الشكل وبهذا الحجم وعلى هذا القدر من الأهمية التي ميزت الأجهزة الأمنية، خاصة وأن أطرافها قد لا تربطهم علاقات مسبوقة في هذا النوع من القضايا ما يصعب من كشف أخطبوط هذه الشبكة الدولية. كشف عميد الشرطة رمال جمال رئيس أمن المقاطعة الادارية لحسين داي خلال عرضه لخلفيات القضية باعتبارها من العيار الثقيل، أنه تم توقيف 30 شخصا مشتبه فيهم في قضية تكوين منظمة إجرامية دولية وبما أن التهم متعددة جرى تكييفها حسب نوعية الجرم المشكل لمثل هذه القضايا ذات البعد الدولي، للمركبات المحجوزة التي لم تسعها حظيرة ثكنة التدخل والاحتياط بالقبة التي كانت مصطفة بشكل لا يوحي أبدا أنها مسروقة أو مزورة، أو تحمل وجه الشبهة، مقارنة مع حجمها وسعرها الذي لا يقل عن 2 مليار سنتيم وأقل من 300 مليون سنتيم، إضافة إلى وسائل التزوير ذات التقنية العالية ومبالغ مالية وهواتف نقالة، تم توقيف المشتبه فيهم ومثولهم أمام الجهات القضائية المختصة بمحمكة حسين داي، أما التوصل إلى عناصر هذه الشبكة فجاء بفضل استغلال العمل الميداني والاستخباراتي، الذي مكن من توقيف راس المجموعة. تهم متعددة وجريمة عابرة للقارات ومن بين التهم التي رست على هذه القضية، الجريمة المنظّمة العابرة للحدود، التهريب، البيع والشراء، الترقيم في الجزائر لوسائل نقل من أصل أجنبي دون القيام بالإجراءات المنصوص عليها في التنظيم المعمول به، وضع لوحات ترقيم من شأنها أن توهم أنّ وسيلة النقل قد سجّلت قانونا بالجرائر، النصب والتزوير واستعمال المزوّر في وثائق إدارية، جنحة الموظف الذي يأمر بتسليم وثيقة إدارية لشخص بغير وجه ذي حق، وضع مركبة للسير ذات محرّك تحمل كتابة لا تتطابق مع المركبة، انتحال هويّات الغير في ظروف كان من الجائز أن تؤدّي لقيد أحكام قضائية بصحيفة السوابق العدلية لهذا الغير، إساءة استغلال الوظيفة، تقليد الأختام والدمغات الرسمية، تزوير الأوراق النقدية ذات القيمة المالية العالمية وحيازة وسائل التزوير. التحقيقات استمرت 6 أشهر حتى وإن تعددت التهم بحكم نوعية القضية المحالة على وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق، لمعرفة الملابسات وأركان الجرم القائم. فالقضية حسب عميد الشرطة رمال جمال ضربت فيها مصالح أمن ولاية الجزائر بيد من حديد، من خلال الإطاحة بمنظمّة إجرامية عابرة للقارات، استغرقت فيها التحقيقات ما يقارب 6 أشهر تكلّلت فيها العملية بتوقيف 21 مشتبها فيه من بين 112 شخص متورط في القضية واسترجاع 115 مركبة. بعد ورود معلومة لفرقة الشرطة القضائية بأمن مقاطعة الدائرة الإدارية لحسين داي، مفادها وجود مركبات موضوعة للسير استخرجت بطاقاتها الرمادية بهويات وهمية، باشرت ذات ذات المصالح عملية مراقبة لذات السيارات، فتبيّن أن هويّة مالكيها فعلا «وهمية»، كما أن أصحابها لا يقيمون بالعناوين المدوّنة ببطاقات الإقامة المدرجة بالملفات القاعدية، ليتّضح أن كل الوثائق المدرجة بالملفات مزوّرة.وهي حيل يلجأ إليها محترفو الإجرام في هذا النوع من الجرائم المدرج في الحيز الدولي، نظرا لقدومها عن طريق ليبيا أو تونس ما يسهل من إعادة بيعها أو وضعها قيد السير في الجزائر بترقيم وطني لا يمكن أن يثير أي انتباه لأي جهة كانت، لكن دوما الاشتغال على ملفات مثل هذه سرعان ما يسقط صاحبه في أيدي مصالح الأمن التي أعلنت الحرب عليها إلى غاية الإمساك بالفاعلين وهي تعليمات القيادة العليا برئاسة اللواء هامل وتوجيهات رئيس الأمن الولائي براشدي، خاصة في التعامل مع قضايا ذات نفس الحجم والأهمية. هويات مزوّرة لأشخاص «متوفين» وأشخاص «معيّنين» مسبقا من بين الطرق التي يلجأ اليها أصحاب هذا النوع الإجرامي، عدم ترك أي نقطة إثارة مهما كان نوعها، تجنبا للوقوع بين أيدي مصالح الأمن ولكن هذه الأخيرة باستغلال المعلومات المتوفرة بدأت خيوط القضية في الاتّضاح، وتبيّن لعناصر الشرطة أن الشبكة تستغل بعض الموظفّين الإداريين بإحدى القطاعات لاستخراج ملف كامل للأشخاص المعنيين باستغلال هوياتهم في التزوير، باستغلال بعض الصلاحيات المتاحة لهم لقواعد البيانات بمقرات عملهم، على أن تكون المرحلة الثانية بتسجيل مواصفات المركبة والرقم التسلسلي في الطراز الخاص بالسيارة المراد تزوير وثائقها، بطريقة معقّدة من خلال التلاعب في الأرقام التسلسلية دون المساس بباقي الهيكل ويدرج في قاعدة البيانات المركزية على أساس أنه رقم جديد، وبعد تحديد الرقم التسلسلي في الطراز تأتي مرحلة إيداع الملفات على مستوى مصالح البطاقات الرمادية سواء بالعاصمة أو بولايات داخلية ويتم استخراجها بطريقة سليمة. بالرجوع إلى هذه الشبكة العابرة للقارات، توصّل عناصر الأمن بمقاطعة حسين داي إلى أن عمل المنظّمة لم يكن بصفة انفرادية، بل بصفة منظّمة طغى عليها طابع التنظيم المحكم، فبعد التوسع الداخلي بما يقارب 21 ولاية بمختلف ربوع الوطن، أخذت تتّسم بالبعد القاري ليبلغ امتدادها دول أوروبا، الشرق الأوسط وإفريقيا، بمشاركة أعضاء أجانب ومغتربين أصبحوا عناصر فاعلين في هذا العمل الإجرامي الذي مسّ 78 سيارة مهرّبة من الخارج، 07 محل سرقة من أوروبا 05 سيارات تمت سرقتهم من الجزائر و25 مركبة مرهونة لإحدى الوكالات الوطنية. بهذه العملية تكون مصالح امن ولاية الجزائر قد أحبطت عناصر تنظيم إجرامي يعمل على سرقة المركبات من مختلف الأحجام وإعادة بيعها بوثائق غير رسمية ومسجلة عند المصالح على أساس أنها تحمل المواصفات القانونية والمنجمية المسموح بها في الجزائر.