طالبت سعيدة بن حبيلس رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، بتحديد المسؤوليات وتحمل الدول العظمى تداعيات تدخلها في الشؤون الداخلية للدول، الذي نجم عنه أزمة اللاجئين المشردين نتيجة صراعات أمنية في بلدانهم، موجهة نداء للمجتمع الدولي من منبر جريدة “الشعب” لإدخال إصلاحات على الفضاءات الإنسانية كي لا تبقى حيادية أو متواطئة. أبرزت بن حبيلس لدى نزولها ضيفة أمس على جريدة “الشعب”، قيمة المجهودات التي بذلتها الجزائر لإقناع الدول الكبرى للعدول عن قراراتها، في التدخل في الشؤون الداخلية للدول بحجة إرساء الديمقراطية ومحاربة الديكتاتورية، قائلة إنه لو استمع العالم خاصة الدول العظمى لنداء الجزائر لما وصلنا للوضعية المأساوية للاجئين، مؤكدة أن الجزائر قامت بمسؤوليتها تجاه اللاجئين السوريين والأفارقة. وأضافت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري في هذا الشأن، أن الجزائر وقفت بكل قواها ضد تدخل الناتو بليبيا لأنها كانت واعية بخطورة تداعيات هذا التدخل على الشعب الليبي وأمن واستقرار المنطقة، وتحترم سيادة الدول بعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ومع الحل السلمي للمشاكل الداخلية عن طريق الحوار، النقاش، المصالحة وجمع الشمل، مشيرة إلى أن كل هذه المبادئ لم تحترم من طرف القوى العظمى ومجلس الأمن الدولي الذي قصف ليبيا، وسوريا وقسموا العراق. وقالت ضيفة “الشعب” إن هذه الأخطاء الإستراتيجية والحسابات السياسية للدول العظمى تحقيقا لمصالحها، دفعت الجزائر ثمنها، قائلة:« مهما كانت وضعية اللاجئين بالجزائر، أتحدى أي شخص أن يحضر لنا لاجئا توفي نتيجة نقص الرعاية الصحية أو حالات سوء التغذية أو العنصرية كما روجت له بعض وسائل الإعلام التي وصفت الهلال الأحمر بالهلال الأسود”. وذكرت بمجهودات بلادنا على الصعيد الإنساني سنة 1984، حين كانت الإمكانيات ضعيفة والأمور أقل تنظيما، قامت باستقبال اللاجئين من دول الساحل وإفريقيا الذين نزحوا من بلدانهم نحو تمنراست بسبب الجفاف والمجاعة، وقد كان في استقبالهم سكان المنطقة وقدموا لهم الأكل والإيواء، قائلة:« مشكلتنا هي النسيان، ينبغي إبراز دور الجزائر الإنساني نحو أشقائها وجيرانها”. 20 ألف متطوع بمراكز استقبال الأفارقة وأضافت أن الهلال الأحمر الجزائري فتح مراكز لاستقبال الأفارقة، وتقديم لهم كل الرعاية الصحية بفضل 20 ألف متطوع الذين احتكوا باللاجئين، كما أنه في عملية ترحيلهم حاولت المنظمة التوفيق بين احترام كرامتهم وضمان أمن المواطنين الجزائريين. وأشارت بن حبيلس في هذا السياق إلى أن الرعاية الصحية المجانية التي تضمنها الحكومة الجزائرية خاصة بمستشفى تمنراست جعلت الأفارقة يتنقلون من بلدانهم خصيصا للعلاج، كما أن الحكومة أعطت أوامر بعدم طرد اللاجئين الذين يدخلون إلى الجزائر، بطريقة غير شرعية خاصة الوافدين من المالي والنيجر، وقد استحسنت الحكومة النيجرية طريقة عملية الترحيل التي قامت بها الجزائر. وقالت أيضا إن السلطات النيجرية لما لاحظت وجود شبكات إجرامية تستغل الأطفال والنساء في المتاجرة بالبشر، قامت بترحيل رعاياها دفاعا عنهم مستنجدة بالجزائر التي قامت عن طريق الهلال الأحمر الجزائري بالتكفل باللاجئين، وتوفير لهم ظروف النقل المريحة على متن حافلات تحط في بلدانهم، وبمرافقة فريق طبي متطوع من الهلال الأحمر، كما أن هؤلاء اللاجئين أخضعوا لفحوصات طبية وتم تلقيح أطفالهم، بحيث منح 71 كلغ طرد غذائي لكل فرد وألبسة على مقاييس كل لاجئ. وأضافت أنه، علاوة على رداءة الأوضاع الاقتصادية فإن الأمر الخطير هو اللا أمن السائد بالمنطقة الذي خلقته الدول الكبرى بقراراتها القائمة على المصالح، متجاهلة ما سينجم عنه من مأساة للشعوب. بالمقابل، قالت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري إنها وجهت نداء للمجموعة الدولية لتمويل مشاريع مصغرة لهؤلاء اللاجئين في بلدانهم لضمان الاستقرار، بحيث استقبلت أكثر من عشرة سفراء للدول العظمى بالجزائر، وقد استجابت للنداء سفيرة سويسرا التي قامت بعمل جبار بتخصيص 500 ألف فرنك سويسري لتمويل المشاريع للنيجريين المرحلين بسبب البطالة. وفي هذه النقطة، دعت بن حبيلس المجتمع الدولي خاصة الدول العظمى لتحديد المسؤولية، وإدخال إصلاح في الفضاءات الإنسانية حتى لا تبقى حيادية متواطئة قائلة:« آن الأوان لتحديد المسؤولية، الجزائر لا ذنب لها في وضع اللاجئين، وهي تتعامل مع تداعيات واستيراتيجية خاطئة لمصلحة الدول العظمى”، وحسبها فإنه ينبغي على الفضاءات الإنسانية أن تصبح قوة ضغط على أصحاب القرار والمنظمات الأممية كي يفكروا في تداعيات قراراتهم على الدول.