أوضح المجاهد ياسف سعدي، أن إضراب الثمانية ايام الذي نحتفل غدا بذكراه ال53 كان معركة سياسية وقعتها جبهة التحرير الوطني لإسماع للعالم صوت الجزائر المطالب بالحرية والاستقلال، مشيرا إلى أن الإضراب كان ضرورة حتمية لتأكيد إلتفاف الشعب الجزائري حول قيادة الثورة والتعريف بكفاحه الطويل. وعاد المجاهد الكبير بحضور رفقاء دربه في الجهاد في ندوة تاريخية نظمتها جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع يومية المجاهد ليذكر بالأسباب والدوافع التي تركت جبهة التحرير تقرر الدخول في إضراب عام يوم 28 جانفي ,1957 حيث أكد أن أول من دعا إلى الإضراب كان عبان رمضان الذي إلتقى العربي بن مهيدي وأخبره بالقرار ليكلف بعدها بالتحضير له وسط العاصمة وبالضبط بالحي العتيق القصبة أين أختار العربي بن مهيدي بيت بالمنطقة للالتقاء بالجماعة التي أختيرت لتنفيذ قرار جبهة التحرير وكان سعدي أحد أبرز وجوهها، ويقول العقيد سعدي أن الإضراب الذي وافق عليه دحلب وبن خدة لم يعجب كريم بلقاسم غير أن عبان رمضان أقنع هذا الأخير بجدواه ليقتنع العربي بن مهيدي هو الآخر ويشرع في التحضير له، فتم تكليفي يضيف سعدي- على أعتبار أنني كنت أعرف العاصمة جيدا وهنا كان لابد من تحديد من يقوم بالإضراب يعني الفئات التي ينبغي أن تشارك فيه فلا يعقل أن يستجيب له المجاهدين المتواجدين بالجبال وكذا السجناء وكذا المليونين فدائي الذين كانوا يساعدون الثورة، فتم الإتفاق على أن يكون بالمدن الكبرى فاختيرت العاصمة باعتبارها تضم أكبر كثافة سكانية وأكيد ستلفت الرأي العام العالمي وهو ما كانت تريده الجبهة خاصة وأن وقت إعلان الإضراب العام تزامن وطرح قضية الجزائر على هيئة الأممالمتحدة. تم الأتفاق على مكان الإضراب ووقته، لتبدأ أصعب خطوة وهي إقناع 80 ألف ساكن في العاصمة أو أكثر بالاستجابة للإضراب، وهنا يقول العقيد سعدي تذكرت حبيب رضا الممثل المسرحي المعروف أنذاك والذي كان يشتغل بالإذاعة يومها فاستنجدت به وكلفته بإحضار النسوة من الفنانات اللواتي كان يشتغلن معه أمثال فضيلة الجزائرية، قوسم وعويشة وغيرهن ففعل ما طلبت منه، وأحضرنهن وهن لا يدرين لما بعثت الجبهة وراءهن وراحت كل واحدة تطلق العنان لتفكيرها حول طبيعة المهمة التي ستكلف بها فربما ستكون هي نفس مهمة حسيبة بن بوعلي، غير أنه لم يكن من ذلك شيئا فقد استنجدت بالنساء للقيام بجرد للعائلات الفقيرة التي كان علينا تأمين لها المأونة أيام فترة الإضراب فمهة طرق باب العائلات ذلك الوقت كان يصعب على الرجال نظرا لطبيعة المجتمع المحافظ. واشار العقيد ياسف سعدي في هذا السياق إلى أن العربي بن مهيدي وضع تحت تصرفه مبلغ بقيمة 10 ملايين سنتيم لتأمين الأكل للعائلات الجزائرية فترة الإضراب، وهو المبلغ الذي كان لن يكفي حتى لحي واحد لولا إلتفاف التجار حول الجبهة وتقديم نصف المعونة بالمجان لما عرفوا أن القضية وطنية وتخص جميع أبناء الوطن. وباقتراب موعد الشروع في الإضراب كانت تزداد مخاوفنا بعدم نجاحه خاصة وأن فرنسا لما علمت به أطلق قادتها العسكريين تهديدات بغلق جميع المحلات التجارية التي تؤيد مطلب جبهة التحرير- يضيف سعدي- الذي أكد أنه تفاجأ صبيحة ال 28 جانفي بالاستجابة الواسعة للعائلات الجزائرية لطلب الجبهة فقد انقطعت في اليوم الأول من الإضراب الحركة بالموانئ وفي الشوارع قبل بزوغ الشمس.