اتخذت التدابير الحاسمة لتطهير السوق من الأنشطة الموازية التي تضرب عمق النشاط التجاري المنظم وتلحق به الاضرار البليغة وتعيق جهود تحسين الجودة وتأهيل الإنتاج وتنافسيته وتشوه السياسة الوطنية المشجعة للاستثمار ومحيط الأعمال التي تحتل أولوية قصوى لخلق الثروة والقيمة المضافة والعمل. وذكر بهذا التحدي الذي تواجهه الحكومة بصرامة وتحث الهيئات الوزارية به وزير التجارة الهاشمي جعبوب أمام الصحافة مؤخرا مؤكدا اعتماد برنامج غلافه المالي 46 مليار دينار من اجل محاربة السوق الفوضوية التي تعد اكبر انشغال السلطات العمومية على الإطلاق. وتذهب عكس ما تقوم به الجزائر من اجل بناء اقتصاد سوق حقيقي تلعب فيه المؤسسات دور التنافس الأقصى من اجل ضمان جودة المنتوج وتوفره على الشروط ومراعاة البيئة السليمة. وتعيق جوهر الإصلاحات التي تصب في تسويق المنتجات في صورة نظامية وشفافة بعيدا عن الأنشطة الموازية التي لا تستند إلى أمور قانونية وتجري وراء الثروة بلا وجه حق، وهي ممارسات يشتكي منها المتعاملون والمستثمرون الذين يحجمون على توظيف الرساميل في مشاريع إنتاجية في وقت تغزو العلامات التجارية المقلدة الأرصفة والشوارع وتعيق حركة المرور، بل الأكثر أنها تتخذ حتى من مداخل العمارات والسكنات فضاء مفضلا لها متحدية الجميع بعرض ''صنع تايوان'' في كل مكان وما يحمله من خطر على الصحة والأمن العموميين. وتشمل التدابير التي صارت مطلبا أساسيا من قبل الخاص والعام ويشدد عليها أعضاء منظمة التجارة العالمية في مفاوضاتهم مع الجزائر، بناء الأسواق الجوارية بالكيفية اللائقة وتهيئة الفضاءات الموجودة واستغلال الوحدات المنجزة في إطار البرنامج الرئاسي 100 محل لكل بلدية. فلا يعقل أن يستمر النشاط الموازي على هذا المنوال المعيق للتجارة النظامية من جهة ومصالح المراقبة في تأدية وظيفة محاربة الغش والفوضى، ولا يقبل أن تصبح الأسواق الفوضوية وكرا للصوصية والعنف والجريمة مثلما يحدث في فضاءات متعددة بالعاصمة وبالخصوص في باش جراح. وبتعزز إجراء محاربة النشاط الموازي من خلال الحرص الشديد على تطبيق برنامج تحسين الجودة وتأهيل الإنتاج الوطني بتسجيل العلامات التجارية الأصلية بدل القرصنة والتقليد الظاهرة المتفشية بكثير في السوق الجزائرية. لهذا تقرر إنشاء 22 مخبرا لمراقبة الجودة وقمع الغش إلى جانب المخابر ال 19 التي تنشط في الميدان وتقاوم ظاهرة الحيل والتلاعبات بصحة المستهلك وأمنه ومحيطه. وتوقفنا عند هذا الخطر الداهم بالمركز الجزائري للنوعية والرزم بباب الزوار أثناء زيارة وزيرة التجارة له، وتبين لنا بالملموس كيف تصغر في أعين الصناعيين الجزائريين صحة المواطن ولا تساوي عندهم الشيء، توضحها مئات السلع المحجوزة تحت الرقابة بعد تحليل مكوناتها، وهي ليست بسلع تقدم للمستهلكين لكن سموما في تغليف مغري يغلط من يتهافت عليه ويهويه محتواها. إنها مجموعات واسعة من المواد الاستهلاكية الضرورية من سميد وبقول وحليب ومشروبات مائية معدنية وغازوزية صنعت بصفة لا تمت بصلة للصحة الغذائية وسلامتها، أصحابها يجرون وراء الربح بأي ثمن متوهمين أنهم اكبر من القانون الذي يعلو ولا يعلى عليه احد.