كانت مقابر أهالي المدن الجزائرية على قدر كبير من الفخامة، ففي مدينة الجزائر تقع هذه المدافن بقمة جبل مسيد، في المكان المسمى «نصب الأموات». كما اكتشفت قبور أخرى تقع تحت «كهف الدببة» وأخرى بناحية «بكيرة». كما توجد مقابر أخرى بمنطقة «الخروب» بالمواقع المسماة «خلوة سيدي بو حجر» قشقاش، وكاف تاسنغة ببنوارة وتعود كلها إلى مرحلة ما قبل التاريخ وتنتشر في أكثر من مكان بالجزائر. المقبرة الميغاليتية لبونوارة التي تقع على بعد 32 كلم عن قسنطينة، وعلى الطريق الوطني المؤدي باتجاه قالمة، وتقوم هذه المقبرة الميغاليتية لبونوارة على المنحدرات الجنوبية الغربية لجبل «مزالة» الكلسي على بعد كيلومترين شمال قرية بونوارة، وتتكون هذه الدولمانات أي المناضد الصخرية من طبقات كلسية متماسكة تعود إلى عصر ما قبل التاريخ، ويبدو أن عددا كبيرا منها قد تعرض للتلف والاندثار. والنموذج العام لهذه المعالم التاريخية يكون على شكل منضدة متكونة من أربع كتل صخرية عمودية وطاولة، مشكلة بدورها غرفة مثلثة الشكل. وعادة ما يكون الدولمان محاطا بدائرة من حجارة واحدة، وفي بعض الأحيان من دائرتين أو ثلاث أو أربع. كان سكان المنطقة القدامى يستعملونها لدفن موتاهم بهذه الطريقة المحصّنة التي يبدو أنها قد استمرت إلى القرن الثالث قبل الميلاد. كهف الدببة ويبلغ طوله 60م ويوجد بالصخرة الشمالية لقسنطينة. كهف الأروي: يوجد قرب كهف الدببة ويبلغ طوله ستة أمتار ويعتبر كلا الكهفين محطتين لصناعات أثرية تعود إلى فترة ما قبل التاريخ. ماسينيسا وضريح بالخروب الواقع على بعد 16 كيلومترا جنوب شرق قسنطينة. الضريح عبارة عن برج مربع، تم بناؤه على شكل مدرجات به ثلاثة صفوف من الحجارة وهي منحوتة بطريقة مستوحاة من الأسلوب الإغريقي- البونيقي. وقد نسب هذا الضريح لماسينيسا الذي ولد سنة 238 ق.م وتوفي سنة 148 ق.م. والذي حمى هذه المنطقة لمدة 60 سنة، ويعود له الفضل في تأسيس الدولة النوميدية، كما أسهم في ترقية العمران وتطوير الزراعة بالمنطقة وأسس جيشاً قوياً. ضريح لوليوس الذي يقع في جبل شواية بالمكان المسمى «الهري» على بعد حوالى 25 كيلومتراً شمال غرب قسنطينة، غير بعيد عن «تيدس». له شكل أسطواني. بني من حجارة منحوتة، وشيده لوليوس إبريكيس حاكم روما آنذاك تخليدا لعائلته. مدافن تيديس الواقعة على بعد 30كلم إلى الشمالُ الغربي من قسنطينة وتختفي في جبل مهجور، كانت لها قديما أسماء عديدة مثل: «قسنطينة العتيقة»، «رأس الدار» كما سميت أيضا «مدينة الأقداس» نظراً لكثرة الكهوف التي كان الأهالي يتعبدون بها. ويبدو أن إسمها الحالي «تيديس» هو اسم محلي نوميدي، أما الرومان فأعطوها اسم كاستيلي رسبيبليكا. معنى «كاستيلي» هو المكان المحصن، ومعنى «رسبيبليكا» أي التمتع بتنظيمات بلدية. وقد كان دور هذه المدينة هو القيام بوظيفة القلعة المتقدمة لحماية مدينة سيرتا من الهجمات الأجنبية. لا تزال آثار الحضارات التي تعاقبت على «تيديس» شاهدة إلى اليوم، بدءا بعصور ما قبل التاريخ، فالحضارة البونيقية، الحضارة الرومانية، الحضارة البيزنطية إلى الحضارة الإسلامية. يتجلى عصر ما قبل التاريخ في مجموعة من القبور تسمى «دولمن» ومعناها» المناضد الصخرية». وهناك عدد من المقابر القديمة تقع على منحدر الجانب الشمالي وتجمع عدداً من المباني الأثرية الدائرية المتأثرة بطريقة الدفن الجماعي والتي تسمى «بازناس». وتدل النصب والشواهد الموجودة على أنها تعود إلى العصر البونيقي، فيما يتجلى الطابع الروماني في المناهج المتعلقة بنظام تخطيط المدن. خلاصة القول إن الزائر لتيديس يسمع صدى الإنسان في تحولاته. إنها باختصار المكان المثالي لقراءة تاريخ هذه المنطقة وتأمل تفاصيلها الغنية.