كان لا بد على وزير الداخلية السيد يزيد زرهوني تقديم كل التوضيحات اللازمة بشأن الغموض الذي يكتنف عملية استصدار جوازات السفر البيومترية، وإماطة اللثام عن بعض الاجراءات التي وصفها الكثير من المعنيين بالأمر بأنها تعد مساسا بالحريات الشخصية وبالمعتقدات الدينية مثلما عبرت عنها فئات واسعة من المتحجبات والملتحين وأيدتها شخصيات دينية محلية. بعد أن وضع الوزير النقاط على الحروف وأعطى حرية اتخاذ القرار للمعنيين بالأمر شريطة تحمل مسؤولياتهم عندما يسافرون، وبعد أن أكد على أن مصالحه لا تجبر المتحجبات على نزع الخمار ولا على الملتحين حلق اللحية، تكون الداخلية قد تراجعت عن موقفها المبدئي حول المسألتين واكتفت بالدعوة إلى ضرورة سحب الخمار إلى الخلف حتى تتبين كل ملامح الوجه بما فيها الأذنان. وعلى الرغم من تراجع الجدل حول هذه المسألة بالذات من الناحية الدينية، بعد أن أكدت العديد من الأطراف ولاسيما المتحجبات والملتحين المقيمين في دول غربية على العموم أنهم يستخرجون جوازات سفرهم من هذه الدول دون اشتراط نزع الخمار أو سحبه إلى الخلف ولا حتى تهذيب اللحية مثلما جاء في اجراءات وزارة الداخلية. وإن كانت الوزارة تلح وتصر على أن الاجراءات المتخذة ضمن هذا المشروع إنما تندرج في إطار احترام المواطن وكرامته وشرفه وتجنبه اجراءات تفتيشية قد تصل إلى حد المساس بعقيدته، إلا أنه يبدو من الصعب على ذات الجهات اقناع المعنيين بالأمر بقبول الشروط الجديدة وأخد صور لمتحجبات تظهر أجزاء في الوجه تخالف الشرع والدين كإظهار الأذنين على سبيل المثال، وهو ما يعني أنهن مجبرات على كشف وجوههم حتى تتطابق مع الصورة الواردة في جواز السفر عند كل نقاط التفتيش في المطارات خاصة الغربية منها. أخذ النقاش حول الشروط الواردة في استخراج جواز السفر، أبعادا ربما لم تكن تتوقعها وزارة الداخلية، وثار جدل بدأ يتوسع مع الانطلاق في عملية تجديد جوازات السفر وفق المعايير الجديدة. هذا الجدل المرشح لأن يعرف المزيد من الإثارة، سيبرز أكبر عندما يصطدم المعنيون بالأمر بتطبيق وصفه الوزير خلال الندوة الصحفية الأخيرة بالاجراءات الصارمة لاثبات الهوية حتى لو تعلق الأمر بسحب الخمار جزئيا وليس خلعه كليا. المهمة ستكون صعبة وعسيرة على الموظفين المكلفين باقناع المتحجبات والملتحين بقبول الشروط الصارمة للداخلية التي يقول عنها مرة أخرى وزير الداخلية بأنها لا تتناقض والدين الحنيف، ''فالآية موجودة والفتاوى موجودة أيضا'' يصر على ذلك السيد زرهوني الذي يؤكد على أنها تشبه إلى حد كبير الشروط المطلوبة حول الحجاب في الولاياتالمتحدةالأمريكية. جوازات السفر البيومترية في بدايتها، والاجراءات الصارمة والمعقدة قد تبدو صعبة ومبهمة في بعض الأحيان وغير مقنعة في أحيان أخرى، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتحري عن ماضي الشخص، الذي يقول عنه هؤلاء أنه يفترض أن تتكفل به مصالح الأمن، الأكثر تأهيلا ومصداقية، لكن كل البدايات تكون صعبة وتتخللها الكثير من الضبابية، مما يتوجب تقديم المزيد من التوضيحات بصفة مستمرة، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة احترام الحرية الشخصية والقناعات الدينية وخصوصية المرأة عند تطبيق جواز السفر البيومتري.