أكدت مصادر جد مقربة من الاتحاد المصري لكرة القدم أن الأجواء السائدة بقصر الجبلاية، مقر الاتحاد، لا تبشر بخير تماما، وهي تسير من سيء إلى أسوء، بسبب انقطاع حبل الود بين رئيس الاتحاد المصري سمير زاهر وعضو المكتب التنفيذي ل"الفيفا" هاني أبو ريدة، إلى درجة أن التيار أصبح لا يمر بينهما تماما نتيجة العديد من الخلافات، والتي زادتها تعقيدا قضية العقوبات القاسية التي من المنتظر أن تسلطها "الفيفا" على الكرة المصرية بعد حادثة الاعتداء الجبان على حافلة المنتخب الجزائري خلال مواجهة 14 نوفمبر الماضي بالقاهرة، والتي كانت محل اجتماع في مقر الاتحاد المصري وعرفت تبادلا للاتهامات وأجواء مشحونة نقلتها لنا مصادرنا بأدق تفاصيلها. استقالة أبو ريدة أولى الهزات الارتدادية أشار مصدرنا إلى أن قضية استقالة العضو القوي في الاتحاد المصري هاني أبو ريدة شكّلت أولى الهزات الارتدادية التي أضرت بقصر الجبلاية، لتنذر بأزمة فعلية في كرة القدم المصرية، بسبب ما اصطلح عليه بقضايا الفساد، التي نخرت جسد الاتحاد المصري وصارت تفجرها وسائل الإعلام المصرية واحدة تلو الأخرى، بالإضافة إلى العديد من الخلافات بين الاتحاد والأندية المصرية، الأمر الذي دفع زاهر إلى تعبئة كل الوساطات الممكنة من أجل إقناع أبو ريدة بالتراجع عن استقالته، وهي المهمة التي نجح فيها زاهر بعد عناء كبير، ولا زال لحد الآن لم يهضم حيثياتها، بما أنها كادت أن تعصف به من على رئاسة الاتحاد المصري. لكن الضربة تكررت، وجاءته من نفس الرجل، الذي قدم مرة أخرى الاستقالة، لا تزال الأوساط المصرية تتكتم عنها. للإشارة فإن ورقة الاستقالة متواجدة في درج رئيس المجلس القومي للرياضة حسن صقر، متجاوزا تماما زاهر وهيئته وضاربا عرض الحائط القوانين التي تحكم الاتحاد، وهو الأمر الذي دفع بزاهر للانفجار داخليا دون الإدلاء بأي تصريح خوفا من تفاقم الأوضاع، خاصة أنه بحاجة ماسة إلى بقاء أبوريدة حاليا أكثر من أي وقت مضى. وأضاف مصدرنا أن المواطن علاء مبارك يحاول بدوره إقناع أبوريدة للتراجع عن الاستقالة، لكن محاولاته خفت بحكم الوضع السائد في البلاد ومرض الرئيس.. مما جعل المواطن علاء يصرف النظر في الوقت الحالي عن مناقشة موضوع أبوريدة إلى غاية تماثل والده للشفاء. القطرة التي أفاضت كأس زاهر أكد نفس المصدر الذي طلب منا عدم الكشف عن هويته أن حادثة الاعتداء على المنتخب الجزائري بالقاهرة كانت القطرة التي أفاضت كأس زاهر، وعصفت بالعلاقة المتينة بينه وبين أبو ريدة، ليدخل الرجلان خلال إحدى الجلسات في خلافات عميقة ليست وليدة اليوم، ولكن تم التستر عنها سابقا في مرحلة أولى، قبل أن تصير صفحات الجرائد والمنابر الإعلامية مسرحا لها عن طريق تبادل الاتهامات وتحميل كل طرف للآخر مسؤولية العقوبات القاسية التي ستفرضها "الفيفا" على الكرة المصرية والتي قد تدخلها في أزمة لا نهاية لها. اتهامات زاهر شوكة في حلق أبو ريدة وفي معرض حديثه عن القضية، كشف مصدرنا أن الاتهامات التي أطلقها زاهر اتجاه أبو ريدة، خلال الجلسة، كان لها وقع سلبي جدا على العلاقة بين الرجلين، حيث لم يتوان زاهر في اتهام عضو المكتب التنفيذي ل"الفيفا" بمحاباة صديقه روراوة على حساب قضية مصر لدى "الفيفا" حيث يرى رئيس الاتحاد المصري أن أبو ريدة لم يكلّف نفسه عناء الدفاع عن بلده، وانساق وراء السعي لقضاء مصالحه الشخصية عوض اقناع هيئة بلاتير بأحداث السودان الوهمية، ما أضر بصورة أبو ريدة في محيط الكرة المصرية، إلى درجة الصاق تهمة الخيانة به، وهو ما لم يغفره هذا الأخير لزاهر ليرد الصاع صاعين باعترافه بحادثة الاعتداء على حافلة المنتخب الجزائري ومطالبته رئيس الاتحاد المصري بالاعتذار عوض سياسة الهروب نحو الأمام التي تضر الكرة المصرية اكثر مما تنفعها. ملف زاهر ملفّق وقد يكلف مصر الكثير أوضح مصدر لدى حديثه لنا أن أبو ريدة لم يكتف عند هذا الحد ليتعداه ألى التأكيد لزاهر أن ملف مصر لدى "الفيفا" بخصوص أحداث السودان ضعيف جدا، وحججه داحضة وعدم سحبه قد يكلف مصر عواقب وخيمة لدى "الفيفا" التي سخرت من الملف، مطالبا أياه بعدم استغباء الشعب المصري، لأن العقوبات التي ستفرض على الكرة المصرية ليست بحاجة لأن تزيدها مهزلة ملف أحداث السودان الوهمي تعقيدا مع تحميله المسؤولية الكاملة في ما سينجر عن عدم تعامله بحكمة مع القضية والعصف بجهوده التي يبذلها على مستوى "الفيفا" للتخفيف من وطأة العقوبات المنتظرة، خاصة أن أبوريدة أسر لمقربيه أن ملف مصر قد يضيف عقوبات أخرى لبلاده بتهمة تلفيق تهم مفبركة وسيضر حتى صورته أمام أعضاء المكتب التنفيذي. لا مفر من الاعتذار وزاهر هو المسؤول حسب نفس المصدر، فإن أبو ريدة واصل هجومه على زاهر بشدة، مؤكدا له بأنه المسؤول الأول والأخير والمتسبب الرئيسي في حادثة الاعتداء على حافلة المنتخب الجزائري، التي أضرت أكثر مما نفعت، معيبا عليه رفضه الاعتذار عن الحادثة ومواصلته سياسة غبية اختارها لتكون نهجا لهذه القضية انطلاقا من تحريض وشحن الجماهير المصرية من خلال وسائل الإعلام والتصريحات العدائية التي اطلقها قبل مباراة كان الوحيد الذي أراد لها أن لا تكون عادية وصولا إلى الادعاء بأن لاعبي المنتخب الجزائري اعتدوا على أنفسهم ورفض الاعتذار عن الحادثة، وابدائه في أكثر من مناسبة اعتزازه بالإثم الذي ارتكبه، متهما زاهر بالضلوع بشكل كبير في الحادثة، وكان جديرا به الانسحاب، لأنه أثبت فشله على أكثر من صعيد وأساء لسمعة الكرة المصرية بتصرفات ستبقى وصمة عار في جبينها. زاهر يرفض الاعتذار والضغط أفقده التوازن أكد مصدرنا أن زاهر رفض، جملة وتفصيلا، مسالة الاعتذار عن الحادثة، مؤكدا أن أحداث السودان حقيقة وليست سيناريو من إخراجه، رغم عدم امتلاكه لأي دليل مقنع واقتناعه برفض "الفيفا" إدراج السيناريو الكوميدي الذي أعده ضمن القضية خلال جلسة الاستماع الأخيرة ما أدخله في دوامة من الضغط الشديد، باعتباره المتهم الأول والمسؤول عن العقوبات التي ستترتب عن ذلك، إلى درجة تناقضه في تصريحاته أكثر من مرة، لما أعلن عن وجود جلسة استماع ثانية نهاية أفريل القادم لوكالة رويترز للأنباء، ليعود وينفي تصريحه بذلك في وسائل الإعلام المصرية مخافة أن يفضح أبو ريدة من جديد سياسته في استغباء الشعب المصري، في ظل القبضة الحديدة التي صارت بين الرجلين لتلميع صورة احدهما على حساب الآخر. محمد بن همام طرف في الصراع الخفي عاد مصدرنا ليؤكد أن زاهر واصل اطلاق اتهاماته لأبو ريدة من جديد، حيث قال في الاجتماع السري إن انقلاب هذا الأخير عليه راجع إلى تخوّفه من فقدان علاقاته الشخصية والمميزة ما يدفعه للخضوع لإملاءات رئيس الاتحاد الآسيوي محمد بن همام الذي يعتبر رئيس الاتحاد الجزائري محمد روراوة أحد أصدقائه المقربين منه، خاصة أن الرجلين كانا لهما دور بارز في وصول أبو ريدة لعضوية المكتب التنفيذي ل"الفيفا" على حساب التونسي سليم شبوب، وأي خطأ من أبو ريدة قد يكلفه عدم الفوز بعهدة ثانية في نفس المكتب، ما أدى به إلى التقاعس في الدفاع عن الملف المصري لدى "الفيفا" وخدمة الأطراف التي تضمن له البقاء في منصبه والمحافظة على العلاقات الخاصة التي تخدمه، ليطلب زاهر من أبو ريدة الكف عن الظهور بصورة الخادم الأمين لمصر من خلال عضوية "الفيفا"، ما دام قد سخرها كلية لخدمة أغراضه الشخصية لا غير، وعدم اتهام الآخرين باستغباء الشعب المصري في الوقت الذي يمارس فيه نفس الفعل وبدرجة أشد. الاتحاد المصري على فوهة بركان ختم مصدرنا حديثه بأن عقوبات "الفيفا" صارت قنبلة موقوتة تحت أسوار قصر الجبلاية، وهي مرشحة للانفجار في أي لحظة والعصف بزاهر واتحاده الكروي، خاصة أن علاقته بمن كان يوصف بالرجل القوي في الاتحاد ساءت بشكل قد لا يسمح أبدا بعودة المياه إلى مجاريها بين الطرفين، في ظل الاتهامات التي كالها كل منهما للآخر خلال تلك الجلسة، والتي أكدت بحق عمق الفجوة التي صارت تميّز العلاقات بينهما، لتكون الأيام القليلة القادمة ليس فقط موعدا لنطق "الفيفا" بعقوباتها في حادثة الاعتداء على المنتخب الجزائري، بل موعدا كذلك لشهادة وفاة الاتحاد المصري الحالي الذي أثار على مدار عهدته العديد من التساؤلات، وكان محل العديد من الاتهامات التي أساءت بشكل عام لسمعة الكرة المصرية على الصعيد الدولي، مع توقع حلقات مثيرة من الصراع بين زاهر وأبو ريدة الذي قد يشهد نهاية غير سعيدة لكليهما ويعمق أكثر من جراح المصريين في ضياع حلم الوصول للمونديال.